Saturday, August 27, 2022

لماذا لم يصبح أميرا للعيون؟!.

 

جاء إعلان الرئيس الأمريكى بتأكيد قتل الولايات المتحدة لأيمن الظواهرى الأرهابى الأشهر فى العالم وقائد القاعدة بعد أسامة بن لادن ورغم عدم التأكيد على قتله من قبل طالبان او الشك فى دعم طالبان أو حتى بيعه كأحد صكوك الغفران فهذه القضية لا تعنينى بقدر ما يعنينى لماذا أصبح أيمن الظواهرى اميرا للإرهاب ولم يصبح أميرا للعيون ؟.

اذا تم دراسة شخصية أيمن ا لظواهرى عن قرب فسوف تفاجئون أنه خريج كلية الطب ومن أسرة مصرية عريقة فوق متوسطة نسلها به احد شيوخ الأزهر ومن يرى إنجليزيته التى جعلته هو من يتحدث إلى وسائل الإعلام الغربية إبان إتهامه بقضية اغتيال السادات يتعجب لماذا لم يذهب إلى الاتجاه الصحيح لماذا لم نرى مجدى يعقوب فى مجال العيون هل هو ما يقول عليه رجل مشاتنا البائش "الاختيار" أم النظرية التى سادت فى وزارة الخارجية الأمريكية بعد احداث الحادى عشر من سبتمبر عن أن الدول العربية التى جاءت منها قادة الطائرات لا تتمتع بالديمقراطية ودعمت هذه النظرية من خلال اسرائيل التى تقدم نفسها على انها واحة الديمقراطية فى المنطقة وانتجت بعدها سيناريوهات الفوضى الخلاقة والتى اضاعت العراق ودخلت كل دول ما يسمى بالربيع العربى إلى خريف ديكتاتورى أو موت للسياسة وصناعة فوضى تبدو واضحة فى اليمن وسوريا وليبيا..

وصنع من الدين الإسلامى دينا للإرهاب وبالطبع الرد على النظرية بسيط جدا لكننا لا نملك ادوات الرد او حينما نملك الإدوات فإن حكامنا يداروا عوراتهم فى السقوط فى التطبيع فكما يقول وجيه أبو ذكرى صناعة الأرهاب جاءت من الارهابيون الأوائل جيراننا اولاد العم فى اسرائيل وإن حركات الإسلام السياسى الناشئة اغلبها فى بداية القرن الماضى انتشرت كرد فعل عن فكرة الدولة الدينية التى جاءت من وعد بلفور حتى انتجت لنا الإمارة الصليبية العبرية.

وقد بدأت هذه الحركات مع حركة الاخوان المسلمين وغاب عنها افكار مثل أفكار الامام محمد عبده للتجديد او افكار الافغانى ثم بدأت فى التشرذم عبر تجارب السجون القاسية إلى جماعات أكثر فأكثر عنفا وبدأت فى تأصيل عمليات العنف وجاءت هزيمة يونيو 1967 لتعطى الدفعة وحيث أن من انخرط فى تلك التيارات جاء من خلفيات يسارية وهكذا اصبح لدينا فكرة جيفارا الإسلامى وبدأت جماعات التكفير تظهر مع صالح سرية عام 1971 ولكنها زادت اكثر فأكثر بعد اغتيال السادات فقد كان تصور الجماعات حينها أن بأسقاط الطاغوت الأكبر سوف يحتضنهم الشعب على نمط الثوارات اليسارية لكنها فوجئت بأن الشعب ليس معها ومن هنا اتخذت افكار التكفير بعدا جديدا وبدا ان كلام المودودى وسيد قطب يجد الصدى  ومعه انتجت الفريضة الغائبة وأن المجتمع يعيش فى جاهلية وعلى تلك الجماعات محاربة المجتمع وليس الطواغيت فقط .. وكان الفرصة فى افغانستان هائلة بدعم امريكى لتكسير الدب الروسى فى جبالها ورأت الانظمة العربية فى فكرة الجهاد ودعمها له فرصة للتخلص من كل هؤلاء الموجودون فى السجون وخرجوا من السجون إلى الجهاد عبر تسهيلات عربية أمريكية مشتركة ولم يتصور أحد فى حينها أن ترتد تلك العمليات إلى الصدور ربما استخدمتهم المخابرات الامريكية فى فوضتهم الخلاقة ولكن السحر أنقلب على الساحر فى الحادى عشر من سبتمبر وبدلا من النظر إلى المعايير المزدوجة التى تتعامل بها الولايات المتحدة مع قضايا الشرق الأوسط وطفلها المبتسر اسرائيل فقد دارت العجلة مرة اخرى هكذا جاء أيمن الظواهرى واخوته ليسوا كما تصورهم الدراما العربية كفقراء يحلمون بجنة عدن ولكنه فوجئ الجميع بأبناء طبقة متوسطة بعدها مترف اتذكر اسرة احد قواد الطائرة وكان لبنانى الاصل ولم تجد اسرته محاولة لعدم التصديق والتبرئة سوى نشر فيديو له وهو يعاقر الخمر !

ليس الأمر بالطبع دفاعا عن هؤلاء لكنه محاولة للفهم ما اوصل هؤلاء إلى هذا المنعطف الحاد الذى تدور فيه اوطاننا من يجعل اللجوء والأرهاب الصناعة التى برع في انتاجها وطننا العربى ليست الفوضى الخلاقة هى الحل ولا روشتات التطبيع بل هى من سوف تزيد الامور سوءا ،ومن الممكن النظر إلى التفجيرات التى كانت استشهادية مع اسرائيل كيف تحولت إلى صدور العالم العربى وكيف أن العمليات الاستشهادية او قل الانتحارية لم تعد تزلزل اسرائيل ولكنها تنفجر فى صدورنا فى صراع على هويات سنية او شيعية فى العراق ومثلها فى اليمن او حتى فى معارك النظام السورى العبثية فى الحرب العالمية السورية او فى ليبيا وتونس حتى فى مصر عبر استهداف اقباط فى حد سعف دامى او حتى فى استهداف افراد الأمن ..

ليس الأمر تعاطفا فأنا احفظ جرائمهم كهذا المقال ومن لا يعرف فأيمن الظواهرى حكم عليه بالأعدام غيابيا فى اكثر من عملية داخل مصر من اهم دعمه لتنظيم طلائع الفتح الذى تسبب فى وفاة الطفلة شيماء ابنة مدرسة المقريزى الابتدائية فى محاولة اغتيال د.عاطف صدقى رئيس الوزراء الأسبق وهذه عينة فقط من جرائم كثيرة طالت مصر فى التسعينات ربما خرجت منها الدولة والوطن بخسائر اقل مما نخسره الآن وهذا ليس حصرا لكنه مجرد تذكير لأنه ليس هناك معنى للتعاطف مع من حمل السلاح.

ورغم اجتهادات الداخلية التى كان بعضها ناجعا فى المحاورات داخل السجون التى نجحت تارة واخفقت اخرى لكنها انقذت البعض ولكنها عملية مجتمعية شاملة ليست أمنية فقط ... المقال مجرد خواطر حول لماذا لم يصبح أيمن الظواهرى أمينا للعيون؟ ولماذا فقدنا طاقات هؤلاء واصبحوا خناجر فى صدور الوطن ويصنعون بأشلائهم المزيد من مآسى أوطاننا العربية نساعد فى صنع القاعدة فتأتى لنا الداعشة والطريق ملئ بالمزيد من التشرذمات فى رحلة بحث عن فرقة ناجية ومسلم حاكمى ذو شرطة!


Thursday, August 11, 2022

يوم الغزو


لم أعمل فى هذه الصيفية الكثير كان على أن اواجه معضلة الثانوية العامة لاحقا وكنت نائما حينما ايقظتى والدتى وقالت لى العراق دخل الكويت كنت اظنها تحاول أن توقظنى بأى خبر هام وكنت اعرف أن هناك توترا لكن لم يكن احد يتصور أن حدث شئ وقد كان الرئيس مبارك يبدو أنه وئد فتنة كما فعل من قبل فى ماراثونات رئاسية قام بها بين عواصم التوتر الجزائر والمغرب مرة حتى سوريا وتركيا ويبدو أنه قد نجح هذه المرة أيضا.
وظننت أن والدتى تريد أن توضب الشقة ولم اكن اصدق شيئا مما تقوله واخذت استفسر منها وفى النهاية قبل أن اغسل وجهى كان المذياع مفتوح على البى بى سى وبالفعل كان كلامها صحيحا!..لقد غزا العراق الكويت !!! افتح التليفزيون المصرى ادور على القنوات المصرية لساعات البيان المصرى متأخرا يبدو... هل حسبة التوازانات ماذا يحدث أين البيان .. تأخر البيان المصرى كثيرا رغم اتهام الكثيرين بما فيهم عراب   الناصرية الاشهر هيكل لمبارك بأنه ادار بطريقة برجماتية لمصلحة مصر وإن كان فعل فهذا ليس اتهاما لكنه كان يحاول للدقيقة الأخيرة أن يخرج الأمر من قبضة الأمريكان إلى قبضة حل عربى لكن القائد المفدى فى العراق وعبر قادسيته التى انهكت العراق وإيران معا قرر أن يكمل فى أم المعارك! وكان له رأى آخر رغم انه بعد سنوات عدة توفى كبطل قومى بعد ذلك ونسى الجميع عملية الغزو عبر اكثر من ثلاثين بيان وجههم مبارك ، ربما لم تتصرف مصر كما فعل العراق مع المعارضين لمقاطعة مصر واشار إلى احد بالمسدس .. لكنه حاول من خلال تكييف قانونى لميثاق الجامعة أن توجد قوات عربية تغطى عورات النظام العربى .. كانت عودة مصر للجامعة مازالت قريبة وحتى بعد المشاريع التى كانت حبر على ورق كان هناك محاولات للم الشمل أو حتى الموائمة رغم كل التكتلات العربية التى بدت بعيدة عن الجامعة او تحاول الخروج من رحمها ومن ضمنها مجلس التعاون العربى الذى كان يضم مصر والعراق واليمن والاردن ... والقلق الخليجى من طوق اقليمى حوله او حتى مجلس التعاون المغاربى لكن رغم كل تلك المجالس لكنها مشاريع حاولت السعى لانشاء تكتلات عربية اقتصادية لخلق فرص عمل دشنت مشاريع عبر ميناء نويبع والعقبة لكن لم يعرف احد ان هذا الخط سيصبح هو خط انسحاب كل المصريين العائدين من الكويت ومعهم الاخوة الكويتيين ..المشهد كان عبثيا فى قمة عربية كالعادة لكنه بالمقارنة بقمم الايام الحالية يتمنى المرء العودة إليه ...ويبدو أن طعنة الشقيق كانت نجلاء جسدت فى كلامات المغنى الكويتى فى القاهرة "بيتى وبيقول بيتى اللى جيه يعتدى" ...كان صيفا ساخنا على كل العواصم العربية يبدو أنهم تعجلوا وفاة العرب كما قالها نزار فى قصيدته متى يعلنون وفاة العرب...وبعدها بدأت عاصفة الصحراء كان الأمريكان جاهزين او يبدو أنهم كانوا يدبرون شيئا احدى تدريبات النجم الساطع فى مصر كانت تحمل فى احد سنواتها سيناريو غزو دولة خليجية وكانت القاذفات الامريكية تأتى من الولايات المتحدة لتنفذ قذفات داخل الصحراء الغربية المصرية وقد نفذتها بحذافيرها فى العراق!
ورأت المنطقة الحرب التليفزيونية الأولى تنقلها الشاشات على الهواء لم يعرف المواطن العربى حقيقة ما يواجه الشعب العراقى إلا حينما تم قذف احد أماكن الايواء وكان المشهد مريعا الحرب التليفزيونية ليست بنظافة مايراه الجميع على التليفزيونات هناك مدنيين يقتلون وعقب الحرب سوف يكتشف الجميع أن تم هدم العراق واخرجه من التاريخ بحملة قذف وصفها تقرير الامم المتحدة بأنها اعادت العراق إلى دولة ما قبل الحداثة بسنوات طويلة عبر تقرير من اكثر ما ابكانى فى قراءتى ..ربما ظل القائد المفدى فى الحكم لسنوات بعدها لكن النظام العربى قد هوى تباعا وبعدها بسنوات سوف يدخل العراق مرحلة غزو حقيقة تنتهى بسقوط احدى عواصم الخلافة الإسلامية او السقوط الثانى فى العصر الحديث بعد سقوط بيروت او قل الثالث لو حسبت سقوط القدس على ايدى تتار العصر الحديث وسوف تفجع الامة بمشاهد سرقة التراث العراقى على الهواء !!! وسرقة الوطن من قبل محتل أمريكى ....
اثنى وثلاثون عاما مضت ربما الإعلام الآن مشغول بضياع العراق تماما عبر تيه الطائفية الذى دخل فيه بعد الإحتلال .. او حتى ضياع النظام العربى كله ... وكل دولة يحاول أن ينجو من الضغوط العالمية الناتجة عن حرب اوكرانيا وعبث الكاوبوى مع التنين ..والكل يحاول أن ينجو وحيدا ولا احد يعرف ما هى القومية العربية هل اعلن وفاة العرب ..كما تنبأ نزار ... الذكريات تتداعى ولدى الكثير لأقوله ربما نحن ادمنا فى هذه المنطقة من العالم كتابة المرثيات لكن اية مرثية تلك التى تكتبها الأمة عن 2 اغسطس 1990 عن سقوط الحلم العربى الاغنية التى لم تذاع فى مصر كثيرا لأن تصويرها لم يكن بها صورة مبارك وإن كانت غنت على احد مسارحها دون الفيديو التى يسجل للأسف صورة العتاد العسكرى العراقى المحترق عبر الإنسحاب العراقى عبر خط الجهراء البصرة وهو للأسف لو عزلت الألون لن تستطيع أن تعرف الفرق أن كان هو خط انسحاب القوات المصرية من القنطرة إلى الاسماعيلية نفس الاسلحة المحترقة المنسحقة تحت هجمات السيادة الجوية الكاملة ... بعدها سوف تظهر اكبر صفقات سلاح فى المنطقة مثل صفقة اليمامة ويتم التغطية على فسادها وسوف يلغى أعلان دمشق من قبل أن يبدأ لأن الخليج يجب أن يتم ترهيبه وحلبه فى نفس الوقت ولا داعى للحل العربى داخله وسوف تعود القوات المصرية وتبقى الأمارات الخليجية تحلب بصفقات سلاح تبلى قبل أن تستخدم او يتم اشعال النار حول الأبار فى اليمن وفى العراق لتظل عجلة صناعة السلاح الأمريكية دائرة وإن كانت صفقة اليمامة كانت حديث التسعينات فصفقة الثلامائة مليار السعودية كانت صدمة للجميع.. وها نحن نضيع الجغرافيا كما يضيع التاريخ وتصبح وحدة الأرض واللغة والاديان السماوية هى محنة الاختلاف والطائفية فى أوطان تسمى عربية ولكنها تعيش فى جاهلية الاختلاف والضياع ... وسلاما على الوحدة التى لا يغلبها غلاب!