Tuesday, March 28, 2017

دليلك للسعادة .. كيف تصبح حمار(يوسف محمد)

  • أفكار متفرقة:
  • فى المقدمة .. لماذا الحمار ؟ الفكرة مستوحاة من كتب تعليم الكمبيوتر الغربية ، الغرض اكتساب صفات معينة من الحمار أما إذا كنت تبحث عن طريقة لإطالة أذنيك أو اكتساب ذيل جميل لتتباهى به أمام أصدقائك فعليك أن تذهب إلى جراح تجميل متخصص فلن يفيدك هذا الكتاب
  • كل يوم التركيز على صفة من صفات الحمار
  • فى النهاية .. اذا تعذر عليك فهم هذا الدليل والقيام بما فيه فلا تحزن فهذا يعنى أنك حمار بالفطرة ولا تحتاج إلى دليل أو ارشاد
  • اهداء إلى كل من مروا بحياتى وحاولوا استحمارى
  •  هل مللت من روتين حياتك ؟ هل حلمت بإنتهاء كل مشاكلك دفعة واحدة ؟ هذا لن يحدث أبداً ولكن يمكنك أن تتغير لتصبح تلك المشاكل قليلة التأثير بل سيختفى تأثيرها تماماً عندما تصل إلى مرحلة الحمار الكامل
  •  هل تغضب عندما يستحمرك أحد ؟ لن يكف الناس عن فعل هذا ولكن عندما تكون حمار بالفعل فلن تغضب عندما يستحمرك أحدهم
  • امثلة : عيون الحمار ، صحة الحمار ، أخلاق الحمير ، تبرسم ، حمار حمار بس اعيش ، الهاء بتريح ، الحمار فى الفراش ، ده أنا حمار شغل ، ودان كبيرة أوى بس واحدة من طين والتانية من عجين ، أهمية البردعة ، راحة الجسم تبدأ من الحدوة ، عالم حمير حمير ، حمار فى الحب ، حموريتك فى شخصيتك ، خللى بالك انت مش حمار مية فى المية فلازم تلبس حاجة ، عندما ينهق الحمار ينصت الجميع ، كيف ترفس ومتى وأين ، حمار آه لكن عبيط لأ ،
  • كل ما تحتاجه هو الرغبة فى التغيير ومادمت تقرأ هذه السطور فهذا يعنى أنك تمتلك هذه الرغبة
  1. يوسف محمد

التومبيل

  • لا اعرف اصل كلمة اتومبيل اعرف انها مقتبسة من لغة ما ككلمات كثيرة يقولها المصريين ، ويبدو أن مصر عبر كل من احتلوها استلفت كلمتين من كل جماعة هاجرت اليها او استعمرتها دون ان تغير لغتها حتى اللغة العربية المصريين استطاعوا ان ينحتوا لغة عربية خاصة بهم ويحب اغلب الوطن العربى العامية المصرية لأنها اكثر بساطة من الفصحى،وربما هناك كثيرين يلومون الفصحى على تضييع اللغة العربية لكن المصريين لم يتوقفوا عن نحت تعبيرات خاصة بهم.
  • على ايه حال سألت المقدس جوجل على كلمة اتومبيل فقال انها فارسية كنت اظنها فرنسية يلا اهم الاتنين قريبين ، وما اقصده بتلك الكلمة العامية "التومبيل" هو ما يقوله السائقين المحترفين عن السيارات فى اشارة الى عراقة وقوة السيارة واعتقد ان المصريين هناك عدد محدد من السيارات التى يطلقوا عليها كلمة تومبيل ليس بمعنى سيارة لكن بمعنى سيارة لها قيمتها لديهم او سيارة حقيقية، فى الكويت يطلق الجميع على السيارة النصف نقل اسم ونيت وهو نوع سيارات بريطانى قديم ،  واعتقد ان هناك قلة من السيارات حظيت بهذا لدى المصريين دعونا نستعرض بعضهم.
  • البيجو 504 تمثل فى حياة المصريين التوميبل الحقيقى وكان حلم كثير من سائقى التاكسى لفترة طويلة وانه لو انهى حياته على "تارة" 504 (التارة هى الدريكسيون) يبقى كده وصل للعالمية والنسخة الاصعب منها هى نسخة السبعة راكب وقد حظيت السيارة بلقب النعش ا لطائر لسنوات طويلة وكان الجميع يزعم ان هناك خطأ فى تصميم السيارة ولا يأتى ابدا على مشكلة الطرق ولا القيادة المزمنة فى مصر كأن العيب عند الفرنسيين ، وان كانت هذه النسخة مازالت تنافس التويوتا الاربعة عشر راكب حتى الآن ولكن ليس بنفس القوة فى اكثر من مكان فى مصر واختفى لقب النعش الطائر!
  • الفيات 128 اعتقد من فى سنى يعتبرونها سيارة الاحلام لسنوات طويلة واعتقد ان يندر ان تجد فى مصر احد لم يركب 128 وكان البعض يتندر من بساطة تلك السيارة وانك ممكن تلاقى قطع الغيار بتاعتها فى الزباله واعتقد ان فى مجال الفيات كانت ما تليها هى 131 بجرها الخلفى وليس 132 بشهرتها.
  • الخنفساء ربما تلك السيارة الشعبية العالمية وسيارات اخرى شعبية عالمية حظيت فى مصر بمكانة مثل الـ 124 ونسختها الروسية اللادا لكنها لم تحظى بنفس حب السيارات الاخرى لدى المصريين ربما فقط هم قاموا بمجاراة الموضة العالمية لتلك السيارات.
  • المرسيدس ينطق اغلب المصريين حرف "c" فى كلمة مرسيدس كأنه "s" وساعات ينطقوه شين وذلك لتعظيم تلك السيارة وهى حلم بعيد المنال لكثير من المصريين لذلك اكتفى الشعب بأطلاق الالقاب عليها وهم يرون طائفة لابأس بها تركبها فمن اول الخنزيرة عروجا على التمساحة الى الشبح حتى البودرة الى العيون تجد المصريين يخلقون عالم سحرى حول تلك السيارة ربما فشلت الشركة الألمانية فى خلقه حولها.
  • اعتقد ان تلك السيارات ربما تكون بالنسبة لكثيرين الآن جزء من الماضى واعتقد ان الجيل الحالى لديه عشق اخر لسيارات اخرى وربما تؤثر فى المصريين لكننى اتحدث عن من هم فى سنى من يسيرون فى العقد الرابع قليلا يعرفون معنى ما قصدته من كلمة التومبيل!

Sunday, March 26, 2017

مظاهر الفرحة(يوسف محمد)

  • امتلئت ارجاء المنزل بالزغاريد .. بعد عدة ساعات من جلوسى امام المرآة والنظر إليها اصطدمت بالانعكاس الحقيقى لصورتى التى أحاول تجنبها .. انا لا اشعر ولا حتى بذرة من السعادة .. انهار كل ما احاول ايهام نفسى به منذ عدة اشهر وبالتحديد منذ يوم موافقتى على عرض الزواج هذا .. يومها لم اجد فيه أحلامى التى طالما تمنيتها ولكننى ايضاً لم اجد عيوب يمكننى أن ارفضه بسببها .. لم يتسبب أى أحد بصورة مباشرة فى موافقتى عليه .. ولكن بالصورة الغير مباشرة فقد أثر المجتمع بأكمله على قرارى .. ويبدو اننى بدورى استسلمت تماماً لنسق الحياة السائد بل وهرولت باتجاهه بكل ما اوتيت من قوة.
  • ولكننى الآن لا استطيع التقدم أكثر .. فأنا على وشك الاحتراق للأبد .. فكيف سأتمكن من قضاء الباقى من حياتى مع شخص غريب تماماً عنى .. شخص لم تتحرك مشاعرى تجاهه قيد انملة رغم محاولاته المتعددة سواء بالقول أو الفعل لنيل رضايا .. ولكنه وبمنتهى البساطة ليس فتى أحلامى .. لقد حاولت طوال الفترة الماضية ايهام نفسى بامتلاكه بعض الصفات التى ارغبها وغض ليس البصر فقط ولكن غض العقل والقلب ايضاً عن باقى صفات فتى احلامى ، ولكننى الآن لم اعد استطيع اغلاق عينى لأكثر من هذا.
  • اصبحت الزغاريد فى اذنى كصوت صراخ اهل الميت وهم يودعونه عند قبره ، تدخل فى هذا الوقت اختى الوحيدة لتساعدنى فى اكمال زينتى ولكنى فجأة انتابتنى حالة من الغضب فها هى اختها الوحيدة تسارع بتكفينى .. لماذا تفعل بى هذا وأنا دائماً ما كنت الناصحة الامينة لها ؟ وهنا تننضم الينا اعز صديقاتى .. كيف يعقل هذا ؟ هل تتفق اختى وصديقتى معا ليفعلا بى ذلك ؟ لا انهما بريئتان فأنا من اخترت وأنا من سيتزوج .. ولكنهما يعرفانى تماماً فلما لم يقفا معى ضد نفسى وضد ما اريد فعله بها ؟ لماذا تركانى القى بنفسى فى ذلك البئر العميق الذى ربما لن اتمكن من الخروج منه ؟ لا يهم موقفهما هذا الآن ولكنى لابد أن اعود اليهما فيما بعد ولتكن لى مع كل منهما وقفة حاسمة ، ولكنى الآن لا اعرف ماذا افعل وإلى من الجأ ؟ ابى .. اين ابى ؟ كيف يتركنى الآن ؟ اريد ابى .. اريد ابى .. خرجت منى الكلمات بصوت عالى وبدون أن اشعر .. فوجدتهما ينظران إليً فى استغراب شديد وبادرتنى اختى بقولها: ماذا حدث ؟ انتظرى وسوف اذهب اليه .. عادت بعد لحظات مرت كالدهر ومعها امى التى جاءت مستفسرة عما أريد ولكنى نظرت إلى الجانب الآخر وأنا أكرر .. اريد ابى ، كالعادة لم تشعر امى بى واكملت حديثها بأن والدى مشغول وأن هذا ليس وقت للدلع .. هنا وجدت نفسى التفت اليها وأنا اصرخ .. اريد ابى ، وانتفضت فى مكانى لأتجه للخروج اليه بينما عيناى تدمعا ، اوقفونى بالقوة واحتضنتنى امى وأنا ابكى وارجوهم احضار ابى ، هرولت صديقتى الى الخارج لتعود بعدها ومعها والدى الذى ما ان رأى حالتى حتى انزعج بشدة وهرول تجاهى بينما ارتميت انا بدورى فى حضنه وانخرطت فى البكاء بحرقة ، اشار والدى الى امى كى يخرجن ويتركونى معه وحدنا .. لم أرى فى حياتى وأعتقد اننى لن أرى أحداً يمتلك هذا الكم من الحنان الذى يفيض به أبى .. لقد ظل يربت على ظهرى بيده اليسرى بينما يمسح بيده الأخرى على رأسى .. لم يتكلم بأى كلمة بينما كان حضنه يخبرنى مراراً وتكراراً بألا انزعج من أى شىء فهو بجانبى طوال الوقت ولن يتركنى للحظة.
  • يوسف محمد

Saturday, March 25, 2017

حق روقة

  • تحتوى السينما المصرية على قراءات مختلفة للواقع المصرى وتقدم رمزيات خاصة بمصر ربما كلنا يتذكر ما مثلته شادية أو فؤادة فى زواجها بعتريس فى شئ من الخوف بأن اغتصاب الحكم بالقوة والعنف يمثل انحرافا وكانت الصيحة بأن زواج عتريس من فؤادة باطل فى اشارة إلى رفض انقلاب 1952 وانه فى النهاية سوف يؤدى بخيرة شباب البلد والذى تحقق بعد ذلك عام 1967 من وجهة نظر ثروت اباظة رحمه الله.
  • او  تلك الفلاحة التى يدهسها شرائح مختلفة من المجتمع المصرى وتموت فى مشهد ثرثرة على النيل والتى قيل عنها انها تمثل مصر التى ماتت تحت انحراف الواقع المصرى فى تلك المرحلة وادى بها فى النهاية إلى ايضا نكسة 1967 وكانت قراءة رائعة ايضا لنجيب محفوظ.
  • وقدم ايضا ميرامار  وبطلته شادية حيث تمثل مصر بعد واقع ثورى ايضا وصراع كل شخص وما يمثله سواء كان يساريا او وصوليا او حتى من اصحاب رأس المال القديم أو حتى طالب الجامعة وفى النهاية ترتبط شادية بالعامل البسيط ! وربما القراءة الاكثر بساطة لها قدمت فى تنويعة حديثة على يد ياسمين عبد العزيز فى الثلاثة يشتغلونها وصراع اليسار الجديد والاصوليون ورأس المال حول مصر.
  • وهناك ايضا المباراة  الفنية الرائعة فى  فيلم جرى الوحوش والذى قدم رؤية العلم والمال والدين كذلك الطبقة الفقيرة المطحونة فى معركة فكرية وذهنية جميلة عام 1987 لكن سبق تلك المباراة الفنية المبارة الاشهر فى فيلم العار بدون حسين الشربينى.
  • ولكن دعونا  نتأمل ما تمثل روقة فى هذا الفيلم تلك الزوجة بنت البلد العاشقة لزوجها والتى مثلت لكثيرين حلما فى تلك الفترة ومازلت تمثل ، لكن من الممكن النظر لروقة على انها ضحية ابناء الطبقة الوسطى المترفين فى هذا الفيلم حيث حاولت مساعدتهم وانتهت هى بالغرق.
  • او ممكن تعميق المسألة اكثر والتصور أن روقة تمثل مصر فى تلك المرحلة بعد مايسمى بثورتين حيث ماتت روقة تحت صراعات طبقة وسطى كل منها يمثل مصالحها ولا تبحث عما تمثله من قيم لقيادة المجتمع طالما ان الموضوع له علاقة بالحفاظ على المكاسب المالية لكل شخص.
  • ترى هل يأتى احد بحق مصر او روقة فى تلك المرحلة الحالكة التى نعيشها حيث الصراعات السياسية منذ ست سنوات انتهت بمصر بلا سياسة وبلا اقتصاد وبلا شئ سوى صراعات حول مين باع مين فى محمد محمود او رابعة ،او حتى صراع العسكر ولا الأخوان الذى بدأ بالتحالف 1952 وانتهى فى معارك عبثية لم يخسر فيها إلا المواطن البسيط الذى ربما تقدمه روقة  ومعه الوطن كله.
  • ترى من يطلق صيحة حقها ولا موش حقها ويعيد لروقة حقها لكن حتى حينما ماتت روقة هل يصبح حقها له معنى ان نقسمه رحمة ونور عليها وعلينا!
  • أم ان روقة هى كل سيدة مصرية بكت بحرقة على تنحى مبارك الراجل اللى عيشها فى أمان ثم فجأة لعنته حينما سمعت عن انه ابو لهب ونهب 70 مليار وظلت تحلم هى وابناءها بذلك النصيب الذى سوف يحل مشاكلها ومشاكل الاجيال المتعاقبة ، أم انها نفس السيدة التى تبكى الآن على ايام مبارك وتقول ياريته كان يفضل واللى معاه يسرقوا بس كنا عايشين بعد ما اكتوت بنيران سياسات الصدمات التى لا تطفئها ثلاجة الرئيس التى لا تحتوى سوى الماء البارد.
  • هل نحتاج جميعا الى سواق اتوبيس عاطف الطيب فى النهاية الذى ينزل ضاربا كل حرامية الانفتاح ويسبهم بولاد الكلب حتى يأتى لنا بحقنا وحق مصر أو حق روقة أم نظل جميعا فى ملاحة الثوارات وافتكاسات سياسات الصدمة!

رسائل غير مرسلة (يوسف محمد)

  • ازيك يا هدى .. بما ان الرسائل دى مش هبعتها ولا هاوريها لحد فانا هتكلم على راحتى خالص وان كنت اتمنى ان ييجى يوم من الايام ونقرأها سويا واحنا فى بيت واحد وساعتها تكون الرسائل دى دليل جديد على مدى حبى ليكى واد ايه كنت فى حالة سيئة وانا بعيد عنك
    فكرة كتابة رسائل ليكى ومابعتهاش مش جديدة لأنى فكرت فيها اكتر من مرة ولكنى مانفذتش علشان ماتعبش اكتر ماانا تعبان ولكنى زهقت جدا من الوحدة وتعبت اوى من عدم قدرتى على انى اكلمك او اتصل بيكى او اشوفك او اسمع صوتك او حتى ابعتلك رسالة ، والايام بتعدى عليا اليوم كأنه شهر او اكتر وكل يوم بفقد الامل اكتر من اليوم اللى قبله وبالتالى بحزن اكتر واكتر ، فات دلوقتى اكتر من تلات شهور من ساعة ما بعدت عنك ارادتى وغصب عنى فى نفس الوقت .. تلات شهور ماشفتكيش فيهم غير مرة واحدة وكانت لمدة دقايق فقط يوم ماجيت اخد اخر قبض لى وكنت ساعتها فى قمة الضيق لدرجة ان عينى كانت مزغللة وانا باصص لكى كنت عاوز ابص عليكى ولكنى ماكنتش عاوز اسرق النظرة غصب عنك وكنت عاوز اكلمك ولكنى ماكنتش عاوز اغصب عليكى او اضايقك ، مش لعنة الحب من طرف واحد ليه موجودة وليه اتصاب بها انا بالذات وانا اللى بحلم من سنين ان النجاة من اللى انا فيه تحصل بمساعدة انسانة احبها وتحبنى ، عملية مؤلمة جدا ان تكون انسانة هى كل شىئ بالنسبة لى وهى انت بينما انا ولا حاجة بالنسبة ليكى .. عذاب نفسى مش لاقى مثيل له ، فالتناقض الهائل بين ما اشعر به نحوك واتصرف على اساسه وبين ما تشعرين به نحوى وتتصرفى على اساسه .. فأنا مش متحمل الحياة بدونك بينما انا بالنسبة لكى اصبحت عبء او شخص غير مرغوب فيه او على احسن تقدير شخص لا يعنى لكى شىء ، ورغم تلك المأساة التى اعيشها ورغم الالم الذى اشعر به الا اننى لا اقدر على التوقف عن حبك .. ومن هنا تتجسد اللعنة فأنا غير قادر على ايقاف ما يسبب المى فى كل لحظة .. لا اقدر على التراجع عن طريق الالم الذى اسير فيه بنفسى بل اتعمق بداخله كل يوم اكثر واكثر حتى اصبحت احس باننى فى وسط صحراء استبدلت رمالها بذرات حبى لكى وشمسها هى اشتياقى لكى والذى يشوى روحى وقلبى قبل جسدى ويلهب ذرات الحب التى تزيد اشتعالى من كل جهة .. اسير فى تلك الصحراء بدون اتجاه محدد فانا اعرف اننى لن اتمكن من الخروج منها ولن اعثر على ماء ابدا حيث فقدت الامل فى ان اراكى مجددا .. وهنا يتساوى السير مع الوقوف مع حتى النوم فهى مجرد ايام تمر عليا حتى استريح مما انا فيه بالموت ، ولكن كل فترة ينبعث الامل من داخلى فى اننى سوف القاكى وتبادلينى حبى بحب مثله فاسعد وابتسم للحياة من جديد واحاول السير فى اتجاه ما لاخرج من تلك الصحراء ولكنى سرعان ما يعود الىيا اليأس فأنا لا اعرف الى اين اذهب وفى اى اتجاه اسير وبخاصة اننى شديد الاعياء من بقائى لتلك الفترة الطويلة فى صحراء الحب .. وهنا اجدنى وقد انهارت قواى لأجلس مكانى وابكى على ما انا فيه وعلى عدم قدرتى على الخروج منه
    ارجوكى ان تظهرى لى فأنا احتاج يد المساعدة وليست يد اى احد بل يدك انتى وهى مملوءة بالحب الذى لم اعد اريد اى شىء غيره من تلك الملهاة المسماة بالحياة
    يوسف محمد

Friday, March 24, 2017

الأفضل (يوسف محمد)

  •  
    بائت كل محاولات سعيد لارجاع زوجته الى منزلهما بالفشل ، و غادر منزل حماته مسرعا قبل ان يشتبك بالايدى مع كل من فى المنزل ، لماذا يعايرونه ؟ هل هو من اختار فقره ؟ هل خطأه انه لا يساير موجة الفساد فلا يطفو بل يصطدم بها !؟ بدأ يتسائل هل هو حقا انسان شريف ؟ ام انه انسان ضعيف يخاف عقاب القانون اذا خالفه ؟ انه يدرك تماما انه لا يقوم بعمل الصواب من اجل الآخرة ، فهو لا يفكر بها ابدا ، وانما تصرفاته نتيجة ما تربى عليه منذ الصغر ، فلقد رباه والداه على قيم يكاد لا يجدها الآن ، لماذا الصدق أو الامانة او الاخلاص ، لماذا احترام الكبير او العطف على الصغير ، لماذا اتقان العمل او الرضا بالمكتوب ، لماذا و لماذا و لماذا ؟ اسئلة كثيرة لم يجد اجابة لأى منها
    كان زواجه من فئة الصالونات كما يقول الناس ، و فى ثالث مقابلة كان الاتفاق على كل شىء مادى خاص بالزواج ، وقتها كان يرى كل شىء يسير فى الاتجاه الصحيح ، فهو لم يقم بعلاقة مع اى فتاة قبل الزواج ، و ها هو يدخل البيوت من ابوابها ، و بما انه وحيد والديه فمساهمتهما المالية كانت تكفى لتحقيق مطالب اهل العروسة
    تمت الخطوبة ، ولم يلحظ سمير فى خطيبته اى فرق بين الاناث و الذكور ، فأين حنان المرأة و عطفها ؟ اين الرقة و النعومة ؟ بل اين الحب ؟ كان وقتها يرجع هذا الفتور الى الخجل و الادب الجم و الذى افترض خطأ انها تتمتع بهما ، و من خطأ الى خطأ فقد سارع بالزواج آملا فى كسر حواجز الخجل وبدء قصة حب حقيقية ، لم يكن قد احبها بعد و لكنه كان يأمل ان تتجاوب معه كى تنمو مشاعرهما و يتحول اعجابه الى حب
    كان دائما ما يسمع الفتيات يرددن انهن يحببن الرجل الطيب و انها الصفة الاهم و التى يجب توافرها فى شريك الحياة ، تلك الكلمات كانت تعطيه ثقة كبيرة بالنفس فقد كان يعتقد وقتها انه من هذا الصنف ، ولكنه لم يدرك معنى تلك الكلمات الا بعد الزواج ، فالرجل الطيب هو الرجل المطيع لزوجته و الذى لا يتدخل من قريب او بعيد فى حياتها بينما يترك لها حياته لتخططها له كيفما تشاء
    و رغم ان هذا المفهوم الغريب للطيبة يخالف مسئولية الرجل لكنه اراد ان يحقق لها ما تتمنى وهنا كان الخطأ الاكبر فهو لم يستطع ان يرضيها او يحقق ما تتمنى و فى نفس الوقت اصبح لا يرضى نفسه ، عندما فشل فى الالتحاق بعمل اضافى لتنفيذ طلباتها بدأ فى الشعور بضعفه و بمساعدتها اصبح الشعور بالضعف شعور بالعجز ، لم تصبح له اى علاقة بالسعادة سوى اسمه ، و عندما اقترب من اخذ قرار الانفصال جاء من يرطهما معا فلقد تلقى خبر اعاده الى السعادة فأمامه بضعة اشهر ليصبح اب ، هنا تغير حاله ليصبح من جديد طوعا لزوجته ، و هى ايضا قد تغيرت فقد اصبحت اكثر قدرة على التلاعب بخيوط اللعبة
    التحق سعيد اخيرا بعمل اضافى و بدأ فى الشعور بالراحة ، كان يقضى آخر ساعة فى يومه متفحصا ابنه او ابنته بداخل جسد زوجته محاولاً معرفة ما يحدث لهذا الكائن و كيف ينمو يوما بعد يوم ، اصبح ايضا لا يعير بالا لما تقوله زوجته سواء كان شكوى او تذمر

اشراقة منن

والدى رحمه الله والاستمتاع برؤية اول حفيد من فريقنا المكون من 11 لاعب قصدى حفيد! تحية لكل القرود .. وتحية خاصة جدا  لجيل الغضب العربى 1987 الذى تمثله منن والاعجر!

اسئلة متروهية مشروعة

  • يخرج علينا رئيس الوزراء ويقول انه ليس امامه خيار لرفع تذكرة المترو ،وكلام الرجل ووزيره قد يكون صحيحا خاصة حينما يقارنا بتذكرة المترو فى لندن وتذكرة المترو موش عارف ابصر فين وفى الواقع لا يوجد ابلغ من الرد على كلام السيدين إلا مقولة شعبان عبد الرحيم لم الجو احلو وراق رقصت مترو الانفاق .. بس هما اختاروا لما اجو بقى خماسينى يغلوا المترو فى ظل تلك الظروف الحالكة.
  • ومنذ عدة شهور حينما طرح وزير سابق فكرة رفع التذكرة قدم عدد من الشباب اطروحات لوضع اعلانات على التذاكر ووعد الوزير بدراسة الأمر ويبدو أن الدراسات وتغيير عدد من وزراء النقل انجبوا نفس فأر الزيادة.
  • وبمناسبة الاعلانات فهناك  شركة اعلانات سكك حديد مصر زى ما تقول كده هما حبوا يجبيوا شوية موظفين من قريبهم وعلشان نعمل الاعلانات على ايديهم وبقليل من التفكير وبعدين يقبضوا قرشين على عمولتين ويعملوا انجازات والمترو يخسر ويصرفوا ارباح متسألش ازاى ، ولكن يمكن للأمر ان يكون بغاية البساطة فعرض امتياز الاعلان داخل محطات المترو وعلى قطارات المترو وكمان على تذاكر المترو وبالقرب من محطات المترو فى مناقصة بين شركات الاعلانات فى مصر ربما يأتى بعقد اكبر مما يحصل عليه النادى الأهلى فى الرعاية وبالطبع سوف يخفف من مصروفات بل على العكس من الممكن ان تحصد الشركة ارباح حقيقية وليست ورقية مع العلم ان اعلانات الطرق فى مصر من اغلى الاعلانات وتحقق شركاتها ارباح خيالية ومع ذلك لم تحقق شركة السكة الحديد للأعلانات ، فضلا على أن الوزير لو كلم وزير الاتصالات وعملوا فى المترو انترنت مفتوح مقابل وضع اعلانات حيلموا قرشين كويسين وحتى من غير ما يميل على وزير الاتصالات يعمل مناقصة بين شركات مقدمى خدمة الانترنت فى مصر وياخد عقد رعاية اتصالات كمان ،  افكار كثيرة لكن يبدو أن افكار اللى يعرفها الوزير اتجوزت ، لكن وفى النهاية اضطررنا للأعتماد على المواطن محدود الداخل لنرعاه ونضاعف التذكرة مرتين موش حتى مرة ونصف ،حتى تدوير ايرادات المترو يوميا فى حسابات ربحية ربما يأتى بارباح اخرى وتشغيل العمالة الراكده حقيقيا واصلاح الماكينات  وتعظيم الرقابة قد يحصد المزيد من النقود التى تساهم فى استكمال المشروع والذى برغم كل شئ ما زال يحظى باحترام اكثر من 3 مليون مواطن يوميا حتى زمان انا كنت بفكر لما يزورنا حد من اشقائنا من امارات الخليج يستقبلهم رئيس شركة المترو لأنه يخدم مواطنين اكثر مما يحكمهم هؤلاء الامراء.
  • والافكار السابقة ربما يكون هناك المزيد منها لدى الكثيرين ولدى اى حد بيفهم فى ادارة الموارد.
  • ورغم جمال المشروع منذ بدايته حتى 1987 وحتى الآن ورغم ان كل مرة تيجى شركات فرنسية تنفذه رغم الوعد بأن يتم طرح المرحلة التالية فى مناقصة عالمية يمكن علشان الصداقة بين الرئيس مبارك والرؤساء الفرنسيين اللى خلت كل مرة الشركات الفرنسية تيجىمن غير مناقصات عالمية ! او يمكن علشان السيارات الفرنسية (التى هى جزء من القروض طبعا الفرنسية) التى تملئ هيئة الانفاق ويستخدمها مديروا الشركة وعليه القوم فى هيئة الانفاق وطبعا بتساهم فى تعظيم الارباح او الخسائر الله اعلم.
  • على ايه حال سبق السيف العزل ، لكن بمناسبة طرح تلك الاسئلة المتروهية جدا ارجو من السيد الوزير الهمام ان يجيب او يعلن بصراحة لماذا هذا الطريق الطويل فى المحطة التبادلية فى محطة العتبة بين مترو شبرا ومترو العباسية لماذا على المواطن ان يصعد الى سطح المحطة الاساسى ثم يعود ادراجه مرة ثانية هبوطا لماذا لم تكن مثل اى محطة تبادلية هل هناك ممرات مغلقة لاسباب امنية أم انه نتيجة غرق ماكينة حفر المترو السابقة والردم فوقها فاصبحت المحطتين متباعدين عن بعضهم الرجاء الاجابة فقط لمجرد احترام عقليتنا البسيطة وايضا لأن الصعود ما يزيد عن خمس ادوار ونزولهم مرة اخرى يضيع وقتا ومجهودا لا بأس بهم ولأننا اصبحنا ندفع ضعف التذكرة الآن لعلها تساهم فى دفع ارباح العاملين قصدى درء خسائر شركة المترو فلدينا الحق فى معرفة السبب حتى يبطل عجبنا كل مرة نستخدم تلك المحطة التبادلية.

Thursday, March 23, 2017

عودة الحب (يوسف محمد)

  • يصل سالم الى مطار فرانكفورت الدولى مستقلا سيارته وبعدما ركنها فى موقف السيارات أخذ رخصتى السيارة والقيادة الخاصة به وقام بمسح بصماته من على كل مكان قد يكون لمسه ، فهو لا يريد اى اثر له ، ورغم ان السيارة سوف تنفجر بعد ساعتين من الآن لكنه يريد التأكد من عدم بقاء اى اثر له ييسر من عمل الشرطة ، انه لا يخشى ان يتم التعرف عليه فهو فى الطريق الى رحلة ذهاب فقط والى مكان لا يستطيع اى انسان الوصول اليه الا الموتى منهم.
  • يدخل سالم صالة الانتظار قبل ميعاد اقلاع طائرته بساعة ويقوم بالاجراءات الروتينية المتبعة ، ويستقل الطائرة والتى تتجه الى لندن ليجلس فى المقعد المخصص له بجوار النافذة ويرجع رأسه الى الخلف ويغلق عينيه ليبدأ فى التفكير فى المرحلة المقبلة.
  • ان من المخطط له ان يتم اختطاف الطائرة قبل الوصول الى مطار لندن بفترة تكفى ليقوم سالم وثلاثة من اعوانه - او اخوانه فى الجهاد كما يحلوا لهم ان يطلقوا على انفسهم - بتعديل مسار الطائرة ليجعلوها ترتطم بمبنى مجلس العموم البريطانى اثناء اجتماعهم الدورى ، لا يعتبر لهذا المجلس اهمية خاصة ولكن الغرض من ذلك كما قيل له هو صيحة احتجاج ضد من يسموا انفسهم دعاة الديمقراطية وهم فى الاصل عبارة عن مجموعة من الممثلين الذين يقوموا بالتظاهر بالاختلاف رغم انهم يتفقوا جميعا على النيل من الاسلام والقضاء عليه عن طريق مساعدة - مدعية رعاية السلام الاكبر فى العالم - الولايات المتحدة الامريكية.
  • يبتسم سالم وهو يتخيل وقع هذا العمل على الناس فى اوروبا وامريكا ، ويشعر بالزهو جراء ذلك ، ولكن يحدث شىء يجعل الابتسامة تتحول الى وجوم ، انها احدى المسافرات التى تتجه لتجلس على المقعد المخصص لها ، لم يكن قد رآها حتى الآن ولكن صوتها وهى تسأل عن مقعدها كان كافيا لأن يعرفها ففتح عينيه ليتأكد من انها سلمى وفعلا لم تخطئها اذنه ، وكيف تخطىء صوت الفتاة الوحيدة التى احبها؟ لم يقطع وجومه الا تذكره انه لا يريد ان تراه فأدار وجهه بسرعة الى النافذة والى الاسفل ، ولم تلاحظ هى شيئا واستمرت فى السير حيث جلست فى المقعدين الواقعين خلفه وبجانبها طفل فى الخامسة من عمره يبدوا انه ابنها.
  • تركزت كل حواسه فى السمع واتجهت اذنه اليها كى يحاول ان يشعر بكل حركة من حركاتها ، فها هى تجلس وتلتفت لتجلس الطفل خلفه والذى تأكد انه ابنها من كلامهما ، يشعر بقدم الطفل وهو يداعب بقدميه المقعد ويتضايق سالم لأن هذا الضجيج يمنعه من متابعة حركة سلمى والاحساس بها ، ويظهر صوتها ثانيا لتنهر ابنها عن فعلته ، ويجد سالم نفسه تبتسم بدون ان يدرى لمجرد سماعه لصوت سلمى ، وتعود لتنقلب الابتسامة من جديد الى وجوم حيث ترهبه فكرة ان تتعرف عليه فيميل بجسمه الى الامام ويلتفت بوجهه الى النافذة فيرى انعكاس صورته فى الزجاج ويمعن النظر فى عينيه ليجد نفسه يغوص فى اعماق الماضى البعيد القريب.
  • كان لا يزال طالب فى السنة الثالثة بكلية الهندسة بجامعة القاهرة ، لم يكن قد اكمل عامه العشرين وكان كل شىء يسير فى اتجاهه الصحيح وكما اراد دوما ، لم تكن مشاكل الحياة تتجاوز صعوبة الدراسة والتى اعتادها بمرور الوقت ، كانت احلام المستقبل الزاهر ملازمة له ليل نهار ، فالعمل الحر وانشاء مصنعه الخاص وابتكاره لعدة اشياء تطور من صناعة بلاده بل وصناعة العالم اجمع كلها افكار كانت تسيطر عليه وكانت لا تشعره بالوحدة التى من المفترض ان يشعر بها من فى مثل ظروفه ، فهو يتيم الاب منذ سن الثلاثة سنوات ، ووحيد امه التى بذلت حياتها من اجل نجاحه واسعاده ، ولايرتبط بصداقة بأى شخص ، فالجيران جيران فقط ، وزملاء الدراسة زملاء فقط ، اما الاقارب فلم يقابلهم ابدا ، كان يكفيه حب الام ولم يكن يستمتع بالحديث الا معها ، وفى انتظار المستقبل الباهر دق قلبه لأول مرة بدقات لم يشعر بها من قبل انها دقات الحب تطرق بابه ، انها سلمى ، لقد كانت طالبة فى السنة الاولى وكانت تتحسس طريقها بين الطلبة ، لم يعرف كم من الاسباب جذبته اليها فقد كان كل ما فيها وكل ما ليس فيها يجذبه اليها ، كانت تشع براءة وطهر ، كانت رقتها تكاد ان تفتك بها ، كان الخجل يقيد كل حركاتها ، كان عدم استخدامها للمكياج يزينها كأميرة وسط الطالبات الاخريات ، كانت عيناها تخطف النظر ، كانت تشعره بالدفء وهى تحتضن كتبها ، كانت خطواتها القصيرة المترددة تهزه من الداخل ، كانت .. ، افاق من ذكرياته على صوت قائد الطائرة يطلب من الركاب ربط الاحزمة استعدادأ لانطلاق الطائرة ، لم يكترث سالم بمن جلس بجانبه وقام بربط حزامه سريعا ليعاود الغوص فى اعماق ذكرياته.
  • وجد نفسه يعود بالذاكرة الى اليوم الذى صارحها فيه بحبه فبعد اكثر من عام من رؤيتها لأول مرة وبعد مراحل التقرب المختلفة التى قام بها نحوها وبعد زمالة تحولت لصداقة واتته الشجاعة اخيرا ليعبر لها عن شعوره الحقيقى خاصة بعد ان احس انها تبادله نفس الشعور ، ابتسمت ابتسامتها المعهودة والممزوجة بالخجل والرقة معا ، لم تشعره ابتسامتها بسريان السعادة فى اعماقه فقط كما تفعل دائما ولكنه فى تلك المرة ولمعرفته بمعنى الابتسامة بمبادلته الشعور وجد صدره يتسع وكأنه يصعد إلى السماء ليلامس السحاب ، افاق ليجد السحاب امامه من خلال نافذة الطائرة ، ولكن صدره منقبض كمن يحمل هموم العالم اجمع.
  • اراد ان يلتفت للخلف ليراها ولو لثانية واحدة ولكن كيف ينظر اليها وبعدها بقليل يقوم بقتلها ، قتلها .. لم يشعر بوقع هذه الكلمة من قبل بمثل هذه القسوة ، نعم هذه الحقيقة فتدمير الطائرة سيقوم بالقضاء على كل من بالطائرة بما فيها هو نفسه ، ولكنه وزملاءه شهداء وباقى الركاب كل حسب عمله فأجلهم قد حان وحسابهم عند ربهم هو اعلم بهم ، لأول مرة تبدوا تلك الافكار ضعيفة بل ومريبة ، هل الانسان فعلا ممكن ان يحدد موت مئات من البشر ويكون بريئا منهم؟ هل طريق الشهادة يمر بقتل الكثير من الابرياء؟ هل الغرض من العملية يستحق ازهاق هذا العدد من الارواح؟ اصطدمت الاسئلة بسؤال مختلف تماما ، هل هو حقا تعاطف فجأة مع الابرياء ام ان حبه الوحيد سيطر على افكاره؟.
يوسف محمد

استنزاف الجيش المصرى

  • كانت والدتى رحمها الله تقول انها ولدتنى على باب معسكر بسبب اهتمامى المفرط بكل ما هو عسكرى منذ كنت صغيرا حيث بدأت فى قراءة المجلات العسكرية منذ كنت فى رابعة ابتدائى ساعد ذلك وجود احد افراد الاسرة ظابطا فى القوات المسلحة ووقعت فى غرام كل ما عسكرى حتى الجبنة النستو بتاعت الجيش فى ذلك الوقت الذى كانت عبارة عن قرص كبير، اقول ذلك حتى لا يتهمنى احد من اننى من بتوع اهل الشر ولا حتى من بتوع يسقط حكم العسكر.
  • لكن ما احزننى منذ عدة ايام القصة التى احزنت المصريين كلهم وهو التمثال المكتشف فى منطقة المطرية لكن للتغطية على الفضيحة تم نقل التمثال فى احتفالية  تعرفوا مين نقلوا ادارة النقل بالقوات المسلحة رغم ان لدينا شركات مقاولات لديها امكانيات وتم الاستعانة من قبل بها فى نقل تمثال رمسيس من ميدانه الى المتحف الجديد لكن حيث أن الموضة هى أن القوات المسلحة هى الفاعل الوحيد فى هذا الوطن فقد تم الاستعانة بها لنقل التمثال كما يتم الاستعانة بها فى طول الوطن وعرضه لاسباب ليس لها علاقة بالقوات المسلحة من قريب او بعيد فمن سيارات الطعام الى بناء المدن والطرق تستنزف قواتنا المسلحة فى مهمات ليست من صميم عملها، لا أقول ان هذا عمل تجارى تقوم به القوات المسلحة لمصلحتها الخاصة كما يزعم البعض لكن احذر فقط من مخاطر هذا على كفاءة تلك القوات.
  • ليس سرا أن الطاقة الفائضة للقوات المسلحة يتم الاستعانة بها حتى فى الدول الكبرى وقد كنت فى زيارة شلالات نياجرا من الحدود الكندية وتم اخبارنا ان سلاح المهندسين الامريكى هو من انشئ محطة الكهرباء هناك عبر نفق ينقل المياة لادارة التوربينات الكهربية هذا منطقى وطبيعى أن يتم الاستعانة بفائض الطاقات واستغلالها ، لكن غير المنطقى وغير الطبيعى ان ننقل تمثال بقدرات القوات المسلحة اولا الأمر مكلف جدا للاستعانة بكساحات القوات المسلحة لأن انسحابها وعودتها الى مواقعها التى تخدم منها القوات المسلحة مكلف للغاية ، لقد كنت ايام انتشار القوات المسلحة بطول الوطن وعرضه ابكى على معدات القوات المسلحة الموجودة فى شوارع الوطن لكى تؤدى مهام ليست منوطة بها اهلاك تلك المعدات مكلف للغاية وتكلفة نقلها اكثر كلفة ويكفى للتدليل على هذا ان تكلفة كل استفتاء وانتخابات تجاوزت الميار جنيه.
  • اللطيف فى الأمر ان جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة يبدو وكأنه يمثل سلاحا موازيا داخل منظومة القوات المسلحة ، والسئ فى الأمر انه من الخطأ ان تنفذ هذه القوات اعمال مدنية لأنه بكل بساطة يؤثر على الكفاءة القتالية لها حتى تواجد عناصر القوات المسلحة بين المدنيين وتعاملهم المباشر معهم امر خاطئ لأنه يؤثر على الانضباط الشرط الأساسى لنجاح اى قوات مسلحة.
  • المحزن فى الأمر أن حتى التوجه العام كذلك فى كل شئ حتى ان الشرطة ايضا طمعا فى تحسين الصورة الذهنية  لدى المواطنين اصبح لها منافذ بيع سلعية وكأن الجميع عليه ان يترك عمله الاساسى ويتفرغ لأداء أعمال اخرى ، لقد اسمعت ولو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادى واتمنى أن لا اكون انفخ فى رماد!

ملعون ابو الحب (يوسف محمد)

  • اهداء
  • الى كل العبط اللى زيى فى كل زمان ومكان .. اهدى هذا الكتاب
  • الى اهالينا اللى استحملونا بهبلنا كل السنوات اللى فاتت واللى جاية .. اهدى هذا الكتاب
  • الى كل واحدة كانت الطرف التانى فى قصص الحب اللى من طرف واحد .. طبعاً مابهديهاش هذا الكتاب.
  • فى البداية اود ان اوضح اننى لا اتحدث عن حب الله او الوطن او الاب او الام او المجتمع والناس والكلام الكبير ده ولكننى اتكلم عن حب الرجل للمرأة يعنى العشق اعاذنى الله واياكم منه .. قولوا آمين.
  • طبعاً واضح من العنوان ان العبد لله اتكوى من الحب فنوى يطلع عقده .. وانا فعلاً كده ومش هاقدر انكر واللا هايطلع واحد من صحابى الجدعان ويفضحنى ويقوللكوا اللى عمال يلعن فى الحب ده بيحب على روحه ـ تشبيه رخم وقليل الأدب ولكنه للأسف حقيقى ـ وعلى فكرة علشان انا باحب الصراحة انا ممكن لو لقيت واحدة تعبرنى ممكن ساعتها اتنكر من كل اللى باكتبه دلوقتى وارجع انسان هيمان ويبقى مفيش احسن من الحب فى الدنيا دى كلها
  • بس حالياً انا هاكتب اللى حاسس بيه ويحلها حلال بعد كدة .. ليه بنحب؟ هل هو نعمة من نعم الخالق؟ ام لعبة من العاب ابليس؟ عندما نحب الشخص المناسب ويبادلنا الحب وتجمعنا الحياة سوياً لما بقى من عمرنا ـ وهذا نادراً ما يحدث ـ اعتقد ان حينها ربما يكون نعمة من نعم الخالق على طرفى هذا الحب المحظوظان جداً ، اما اذا اختلت المعادلة يعنى بالبلدى نقصت احد شروطها فمبروك عليك انت الآن لعبة فى ايدين شوشو ـ او بلبس حسب ما بتدلعه ـ  انا الحمد لله قعدت لعبة فى ايد عم شوشو خمس سنين بسبب قصة حب واحدة وبعدها رجعت ثلاث سنوات انسان عادى ـ بس تقريباً خسرت اغلب مميزاتى الشخصية خلال خمس سنوات اللعبة ـ وخلال الثلاث السنوات اللى فاتت كنت باحاول استرجع جزء من نفسى كى اعاود الحياة من جديد ولو حتى كانسان نصف لبة ، وربنا كريم واعاننى لأقف على رجلى من جديد ولكنى بالطبع لم اعد مثلما كنت من قبل الثمانى سنوات اعتقد ان قدراتى الذهنية والبدنية بل والنفسية ايضاً لم تعد تتجاوز ثلث او ربع الانسان العادى ولكن الحمد لله على كل شىء فعلى الأقل رجعت اقدر اكلم الناس وبقيت ممكن اكمل يومين بحالهم من غير ما اعيط ، وبالمثابرة الملهوجة وبالعزيمة الضعيفة قدرت ارجع اشتغل من ستة اشهر وماشاء الله عليا هما شهرين فقط ولقيت نفسى فى ايد عمو بلبس وبيلعب بيا اللعبة من جديد فقد احبيت واحدة تانية من جديد .. على فكرة اسم اللعبة اللى باقع فيها هى الحب من طرف واحد.
  • يوسف محمد

Wednesday, March 22, 2017

شوربة عدس ( يوسف محمد)


  • فى طريق عودته الى المنزل يتابع عارف كل من حوله ، وفى قرارة نفسه ينتقد كل ما تراه عينه ، فكيف يقود هذا الرجل سيارته بطريقة متهورة؟ وكيف تسير هذه الفتاة بهذه الملابس الفاضحة فى الشارع؟ وكيف يسير هؤلاء الشباب فى منتصف الشارع؟ وكيف قام المسئولون ببناء هذا الكوبرى فى مثل هذا الشارع المزدحم؟ وكيف؟ وكيف؟ لم يتوقف عارف طوال حياته عن انتقاد الآخرين وكانت هذه طريقته فى الهروب من مواجهة فشله ، فقد كان دائم الانشغال بعيوب الآخرين عن عيوبه والتى اصبحت تزداد يوماً بعد يوم.
  • لقد كان عارف فى صغره تلميذ متفوق فى دراسته وكل اقاربه ومدرسيه كانوا يتوقعوا له مستقبل زاهر ، ودأب والداه على تدليله وتنمية شعوره بالتميز ، ربما كان لوالديه العذر فى تدليله حيث كان وحيدهما ولكن تعظيمهم لاحساسه بالتميز كان نقطة خلل فى شخصيته تزداد عظماً كل يوم ، كان مستوى عارف الدراسى ينخفض كل سنة عن السنة السابقة ولم يلاحظ او يلتفت الى هذا التدهور بل كان يزداد غروراً يوماً بعد الاخر وكان يرجع ضعف درجاته الى تخلف نظام التعليم واهتمام المدرسين بالدروس الخصوصية فقط ، واستمر الحال حتى فى الجامعة فقد التحق بكلية التجارة بنظام الانتساب وتخرج بعد سبعة سنوات كاملة قضاها فى الجامعة لم يتمكن خلالها من تحقيق تقدير جيد ولو فى مادة واحدة ، بعد عامين كاملين من التخرج - قضاهما عارف فى المنزل يرفض كل ما يعرضه عليه والداه من وظائف بحجة انها لا تحقق طموحه او غير مناسبة له - بعد العامين وبعد وفاة والده رضخ عارف لالحاح والدته والتحق باحدى الوظائف بالمصلحة الحكومية التى كان يعمل بها والده.
  • فى بداية التحاقه بالعمل كان مستاء من الوظيفة ، ولكن مع مرور الوقت وجد قدر كبير من المتعة فى عمله فقد كان يتيح له التحكم فى مصائر الناس كما يقولون ، ومن موقعه والذى من المفترض انه لخدمة المواطن وجد الفرصة الذهبية لانتقاد العملاء من المواطنين بدون ان يتمكنوا من الرد عليه فكل ما يرغبوا فيه هو انهاء مصالحهم والتى كانت القوة التى يمتلكها والتى كانت تشعره بالعظمة.
  • بعد فترة بدأت والدته فى البحث له عن زوجة ، ومثلما كان يرفض الوظائف من قبل فقد اخذ فى رفض العرائس الواحدة بعد الاخرى ولكن كانت متعة الرفض هذه اكبر بكثير فقد كان يسخر من ملامح هذه ومن كلام تلك ومن اهل هذه او ثقافة تلك ومن.. ومن.. ، فقد كان متمرن على انتقاء عيوب الآخرين والاستمتاع بالسخرية منها.
  • بعد عدة سنوات من بحث الأم المضنى عن زوجة لابنها ظهرت -سماح- كانت مهندسة حديثة التخرج التحقت بالعمل مؤخراً بشركة بجوار منزل عارف ، كانت الام تراها كل يوم اثناء الذهاب والرجوع إلى ومن عملها ، كانت فتاة شديدة الادب والرقة والهدوء بدرجة لفتت الام ، فى احدى الايام اعترضت الام طريق سماح وبعد مدحها بادرتها بالسؤال عما كانت مرتبطة وتفاجأت سماح واضطربت ولكن لم تتح لها الأم فرصة للرد حيث اخبرتها بوحيدها وانها تريد الاطمئنان عليه مع زوجة صالحة وانها ترى فيها تلك الانسانة ، لم تعرف الفتاة بماذا تجيب او ماذا تفعل وهنا طلبت منها الأم عنوانها لتقوم بزيارتهم.
  • لم تكن سماح مهندسة عادية بل كانت الاولى على دفعتها وبمجموع درجات لم يحققه احد منذ عدة سنوات ، ورغم تفوقها الدراسى وتفكيرها العلمى والذى يتسم بقوة المنطق الا انها كانت شديدة الرومانسية وكانت تضعف امام عاطفتها وتجعلها السبب الاول والاخير فى اتخاذ قراراتها ، كان هذا التباين فى شخصية سماح مصدر استغراب صديقاتها حتى انهم كانوا يطلقون عليها اسمين حسب حالتها فالمهندسة سماح عندما يغلب المنطق على تصرفاتها وسماح سماح عندما تسيطر احاسيسها المرهفة على قراراتها.
  • لطبيعة سماح الحالمة اثر كبير فى استقبالها لما حدث لها مع والدة عارف ، فقد حلقت بها احلامها بعيدا حيث تخيلت ان طريقة التعارف تلك ربما تكون الاكثر ندرة وغرابة بين طرق التعارف التقليدية وربما تكون تلك هى هدية السماء لها وربما تكون قصة حب هى الاقوى ، وفى انتظار ميعاد الزيارة وجدت سماح نفسها تحلم بالعريس المنتظر وكيف سيكون لقائهما ، ووجدت نفسها بدون أن تشعر تكتب اسمه على اى ورقة امامها.
  • جاء يوم الزيارة واستعد المنزل بأكمله للاحتفاء بالضيوف المنتظر وصولهم بفارغ الصبر فقد كانت اسرة سماح بأكملها مرهفة الاحساس مثلها ولكن سماح كانت تفوقهم رومانسية ، وصل عارف ووالدته وكان كالعادة متأهب للسخرية ولكنه فى تلك المرة لم يتكلم مطلقاً بعدما رأى سماح ، لم يكن تخيل من قبل فتاة احلامه ولكنه ادرك ان هذه هى الفتاة التى ان استجمع كل ما يريده من زوجته ووضعه فى شخص واحد سيكون هذا الشخص هو تلك الفتاة.
  • مرت فترة الخطوبة سريعاً وبينما كان عارف يمارس هوايته فى نقد كل من حوله كانت سماح تعيش فى عالم احاسيس الحب والرومانسية حتى انها كانت لا تلاحظ نقده اللاذع والذى يزداد حدة كل مرة ، وحتى عندما كان ينتقدها كانت تأخذ كلامه كمسلم به وتحاول التعديل من نفسها لتحوز على رضاه ، وفى احدى المرات تجاوز عارف فى نقده لها حتى انها بكت ولكن بمجرد ان صالحها تقبلت الامر وكأن شيئاً لم يحدث.
  • تم الزفاف وبعدها بفترة بدأت ملاحظة سلوك زوجها وطريقة نقده المستمرة لكل ما حوله ولكل من يراه ، واصبحت تتضايق من سلوكه هذا خصوصاً بعد أن اصبح نصيبها من سخريته هو الاكبر فهى زوجته والتى يقضى معها اكثر وقته ، فى البداية كان نقده المستمر لها يقلل من ثقتها بنفسها ولكن ولنجاحها الواضح فى عملها بدأت فى ادراك انه خلل فى شخصية زوجها ، حاولت كثيراً مناقشته فى عدة امور عامة من التى ينتقدها ولكن كانت دائماً ما تنتهى المناقشة بالتحول لينقدها هى نفسها ، واستمرت الحياة بينهما على هذا الحال ، واختفت اشراقة وجهها ليحل بدلاً منها العبوس ، واختفى الهدوء لتحل العصبية مكانه ، وبينما ظل عارف كما هو اصبحت سماح تتجنب الحديث معه فلم تعد تتحمل كلمة واحدة من كلامه الحاد ، ودائماً ما تتركه يكمل كلامه وهى تتظاهر بأنها تسمعه مع أنها تلعن فى سرها كل ما يقول بل تلعنه كذلك وتتمنى أن يحدث لها كارثة بدلاً من أن تسمع بقية كلامه.
  • لم تذهب سماح اليوم الى العمل لشعورها بالارهاق الشديد ، وها هو عارف يصل الى المنزل بينما كانت تعد الطعام ، وبدلاً من الاطمئنان عليها بادرها بقوله: شوربة عدس .. يعنى اليوم اللى تاخدى فيه اجازة مش مفروض تطبخيلنا فيه حاجة عدلة؟ فينك يا اما سيبانى اتبهدل كده ليه؟
  • استائت سماح من عدم سؤاله عن صحتها خصوصاً انها كانت متعبة بشدة فى الصباح قبل ان ينصرف لعمله ولم يطمئن عليها طوال اليوم ، ولكنه كالعادة لم يلحظ استيائها ولكن استمر فى ملاحظتها وهى تطهو ليعلق عليها فمثلاً لابد من تحميص الخبز لعمل فتة العدس ، ويجب التحميص للدرجة الفلانية ، ويجب فصل رغيف الخبز لوجه وظهر ، وتبليله قبل تحميصه كى لا يحترق ثم تقطيعه لقطع متساوية ومتوسطة الحجم ، وان لا تتذوق الشوربة مباشرةً بملعقة التقليب ولكن تصب فى طبق ثم تتذوقها بملعقة اخرى ، وانها يجب ان تضيف الملح شيئاً فشيئاً وتتذوقها كل مرة ، وفى محاولة لها للرد تقترح سماح الا تضع ملح وأن يضيف هو لنفسه كما يحلوا له ، فيسخر منها وبأنها لا تستطيع حتى مجرد ضبط الملح فى الطعام وذلك بعد سنتين من الزواج يتحمل فيهما ما تطبخه وانه .. وانه .. ، تتوقف سماح عن سماع ما يقول وتتجه للمائدة لتحضيرها بينما ظل عارف يتابعها وهو يتحدث.
  • جلس الاثنان لتناول الطعام ولكن مع استمرار حديث عارف اللاذع تتوقف سماح عن الأكل وتبدأ فى توبيخه وهى تبكى وتشتكى من انه لا يساعدها فى أى شىء وأنه دائم السخرية مما تفعل ودائم النقد لها و أكملت حديثها وسط دموعها المنهمرة بأنها تريد أن يبتعدا لفترة حتى تهدأ وفى نفس الوقت لتعطيه فرصة ليعدل اخطاءه ، لم يلتفت عامر الا لآخر جملة حيث علق بقوله: اسمها تصحح اخطائك مش تعدل اخطائك.
  • بعد لحظة سكون جففت فيها دموعها وجدت سماح نفسها ترمى فى وجهه اناء العدس ، وتقوم لتنصرف وبدون أن تنظر اليه تقول: طلقتنى أو ما طلقتنيش مش عاوزة اشوف وشك او اسمع صوتك مرة ثانية.
  • يوسف محمد
d,

Tuesday, March 21, 2017

الخالة الصغيرة

حينما تتخطى الاربعين وتتمتع بذاكرة قوية قد يكون الامر مزعجا بعض الشئ وحينما تكون صغيرا وتبدأ فى فقد الأهل من حولك تبدأ الذكريات تدق رأسك بعنف ، لكن حينما تفقد خالتك الاصغر يكون الأمر مآسويا فالذكريات ليست فقط بالكثيرة لكنها تتراءى من حوللك فى كل لحظة.
حينما كنت صغيرا جدا حتى لم تكن تصل الى سن الدراسة وتذهب الى المنزل الكبير الذى كان يطلق عليه حينها دار وهى بالحق دار كبير منزل فلاحى اصيل قل ان تجده فى تشوهات القرية المصرية التى حينما تنظر اليها اليوم لا تعرف اذا كانت قرية ام مدينة ام مسخ مشوه بين الاثنين ، البيت يحتوى على زريبة للحيوانات وله باب كبير تدق عليه  من الخارج بسقاطة حديد ، بخلاف انه يغلق بهلبين من الخارج تبدو بالنسبة لأى من اطفال الجيل الحالى اوحتى من تجاوزوا الثلاثين اساطير حقيقية وانت تعيش داخل تلك الاسطورة  تصنع من كرسى الحمام سيارة وتقودها وتتحرك بها ذهابا وايابا كأنك قائد محنك تسمع توجيها الجدة وتعيش مع حنو الخالة الصغيرة كانت مازالت طالبة معلمات التى لا اعرف اين ذهبت تلك المدارس التى كانت مخصصة لتعليم اطفال المرحلة الابتدائية لكنها اختفت مع اشياء اخرى كثيرة.
تفطر صباحا كولد على خمس بنات وانت لا تعرف قيمة الولد عن سيدة كبيرة كجدتك تفطرك باربع بيضات مسلوقين واطعمة فلاحية اخرى لا يعرفها جيل النت من اول القشطة اللى فى الماجور مرورا بالجبنة القريش التى تصعد فوق البيت لترى سيدة تخض اللبن امامك وتشرح لك الخالة الصغيرة كيفية صناعة الجبن وفرده على الحصير بعد ذلك!
تذهب فى رحلة الى البحر وحينما تسمع كلمة البحر تتراءى امامك اساطير الاسماك والجنيات البحرية ، بالاضافة الى تحذيرات الجدة التى لا تنتهى بعدم الاقتراب من الجسر !!! وهو طريق مرتفع ليحمى القرية من هجمات الفيضان فى زمن لم تراه ، وتحذيراتها للخالة الصغيرة اوعى الواد والبحر وتتصور انك سوف تقابل وحوش كل الاساطير التى يراها جيلنا الحالى فى الكارتون لكنك تعيش داخل تلك الغابة وتعبر بك خالتك فى طريق طويل ملئ بأشجار الموز وترى تلك الفتيات وهم يحملون "الزلع" فوق رؤسهم مشاهد لا يعرفها الجيل الحالى الا فقط فى الصور المرسومة ويصعب عليك فهم كيف تحافظ الفتاة على اتزانها وفوق رأسها تلك الجرار المملوءة بالماء ، وتكتشف حينما تكبر ان ذلك البحر المزعوم ما هو إلا فرع من فروع النيل ولكنك لا تنسى الاسطورة التى كنت تعيش فيها.
تعجز طوال الوقت عن تدير طلمبة المياه وتكتفى بأن تدورها خالتك وتحاول ان تشرب من المياة المتدفقة!
وحينما تأتى المغربية لا تنسى ابدا تلك الرحلة العجيبة الخاصة بالتقفيل للحمام اى ان تذهب الى الدار الأخرى وهى دار فقط للحمام تحتوى على عدد من "الطيارات" اعتقد أن اغلب من سيقرأ هذه المقالة سوف ينتحر لأنه لن يجد اجابات تلك المصطلحات عند المقدس "جوجل" لكن على ان اشرح ان تلك "الطيارات" هى ابراج الحمام التى يبيت فيها الحمام ، تستمع بذلك الباب الذى يفتح بذلك المفتاح الكبير وتدخل وتبدأ عملية التقفيل للحمام فى المغربية وتعلمك خالتك كيف تفك الخيوط لتقفل على الحمام وتربطها ، تتصور انك تصنع تاريخا ولديك حق فى ان تجعل الحمام ينام من المغربية!
تستمتع ليلا بأن يأتى لك جدك بعودين قصب مع قطعتى ملبس صغير على شكل زجاجتى ببيسى تمصهم بنهم وتجلس الخالة لكى تقطع لك عيدان القصب قطع متوسطة الطول ثم تقوم بتقشير القصب ثم تقطع تلك القطع الى قطع صغيرة تستطيع ان تمصهم قطعة قطعة ، اعتقد ان اخر شخص فعل ذلك ربما تجاوز الثلاثين بكثير.
تدق الذكريات فأنت احد اخر افراد الاسرة الكبيرة الذى شاهدها ، نفس تدويرة الوش تجد فى وجهها والدتك وستك معا المرض يأكل ذلك الشباب الذى كنت تعرفه يأكل من حواديت الليل التى تصنع لك عالما سحريا تتمنى الآن لو لم تكبر الى هذا العمر وتظل صغيرا تسمع الى تلك الكلمات حتى تنام فوق جدران الفرن الفلاحى الذى كان يأخذ غرفة كاملة، رحمها الله لا ادرى اابكيها ام ابكى نفسى لأننى كل يوم اشعر اننى افتقد عكاكيز كنت اتوكأ بها لأسير فى هذه الحياة.

إمتحان (يوسف محمد)

  • لا أعرف ماذا يحدث ؟ هل أنا فى إمتحان ؟ فأنا أجلس على مكتب فى غرفة مليئة بالمكاتب المتراصة ، غرفة متسعة لدرجة أننى لا أستطيع أن أتبين حدودها ، ومن حولى أناس كثيرون وكلٌ منهم يجلس على مكتب خاص به ، توزع على البعض منهم فى أوقات مختلفة أوراق - يبدو أنها أوراق أسئلة - بل وتسحب أوراق أخرى من آخرين فى أوقات مختلفة أيضاً ويبدو أن تلك الأوراق هى أوراق الإجابة ، بالنسبة لى فقد تسلمت ورقة الأسئلة منذ برهة ، ولكن لإنشغالى بغرابة هذا الإمتحان لم أقرأ الأسئلة بعد.
  • إننى لا أتذكر كيف تقدمت لهذا الإمتحان الغريب ؟ بل وكيف أتيت إلى هنا ؟ كل ما أتذكره أننى منذ فترة قصيرة وجدتنى جالس هنا وأمامى أوراق بيضاء مدون عليها اسمى وكأنها أوراق إجابة مثل تلك المستعملة فى الإمتحانات ، وقبل أن أسأل أى أحد عنها وُضِعت لى ورقة الأسئلة فأيقنت أننى بالفعل فى إمتحان لا أعرف الغرض منه.
  • هل هذا إمتحان ترقى فى الوظيفة ؟ لا ليس كذلك فأنا لا أعرف أى أحد من الجلوس ، ربما بعض الأوجه ليست بغريبة عنى ولكنهم ليسوا زملاء عمل بالتأكيد ، هل هو إمتحان لشَغل وظيفة جديدة ؟ ولكن هناك من الحاضرين من يتجاوز عمره سن المعاش ، ربما يكون استفتاء شعبى حيث يقترح كل مواطن ما يمكن أن تقوم به الحكومة كى تحسِّن من أحوال الناس وتنهض بالبلاد فى كافة المجالات ، ولكن لماذا كتابة اسم المواطن على الورقة ؟ إذاً فأنا لن أضيف إلى الأوراق إلّا الدعاء بالتوفيق للحكومة فى تنفيذ ما تراه صالحاً لنا ، ولكن يبدو أنه يوجد أجانب كثيرون إذن فهو ليس استفتاء شعبى ، بالطبع هنالك الكثير من الأجانب الذين يحاولوا التدخل فى أمور بلادنا ، ولكن من المؤكد أننا لن ندعوهم لهذا فنحن نحاول جاهدين منع تدخلهم قدر الامكان.
  • كيف لا توزَّع علينا أوراق الأسئلة فى نفس الوقت ؟ وكيف لا يتم سحب أوراق الإجابة فى نفس التوقيت ؟ أين تكافؤ الفرص ؟ ما هذا ؟ إن ورق الأسئلة مع الحضور مختلف عن بعضهم البعض ، فبالرغم أننى لا أستطيع أن أقرأ أياً منها من على بعد ، ولكن الإختلافات بين أوراق أسئلة كل شخص تبدو واضحة وضوح الشمس ، فهذا الرجل يتسلم ملزمة من أوراق الأسئلة بينما الذى يليه معه ورقة واحدة ، إذاً نحن فى إمتحان تختلف فيه الأسئلة بإختلاف الأشخاص ، ولهذا يختلف طول وقت الإمتحان أيضاً ، إذاً أنا فى إمتحان شديد الدقة ويبدو أنه يراعى تكافؤ الفرص ولكن بطريقة غير مفهومة على الأقل بالنسبة لى.
  • ماذا يفعل هذا الشاب الأحمق ؟ منذ أن جلست وهو لا يعير انتباهاً إلى إمتحانه بل آخذ فى هندمة ملابسه وإعادة ترتيب مكتبه كل دقيقتين ، ويبدو أن تلك الفتاة قريبة له فهى أيضاً لم تلمس أوراقها وكل ما تفعله حتى الآن هو أن تتزين وتصفف شعرها الذى أعتقد أنه يتساقط كى يفر من أسنان مشطها ، ما هذه الحماقة ؟ هل هناك وقت لمثل هذه الأمور أثناء أداء الإمتحانات ؟
  • وبذكر الإمتحانات والحمقى المنشغلون عنها بأمور أخرى .. أنا لم أقرأ ورقة الأسئلة بعد .. فلأبدأ الآن .. ما هذه الضوضاء ؟ كيف يوجد أطفال فى إمتحان هام مثل هذا ؟ إنَّ كل طفل منهم يجلس على مكتب مثل الكبار تماماً ، وأمامه أيضاً أوراق للإجابة ، ولكن لا يوجد أمام أى واحد منهم ورقة أسئلة ، ربما الأوراق فى الطريق ، ما هذا أيضاً ؟ يتم سحب أوراق الإجابة من أحد الأطفال قبل أن يتسلم أى أسئلة ، ربما هذا بسبب ما سببوه من ازعاج ولكن لماذا أوراق هذا الطفل على وجه التحديد ، ماذا يحدث ؟ أين اختفى هذا الطفل ؟ لقد حدث أمامى هذا من قبل ولكننى لم ألحظ ، فبعد تسليم أوراق الإجابة يختفى صاحبها ، تلفّت حولى لأبحث عن شخص يسلم أوراقه لأتأكد من ظنى ، هاهى تلك السيدة الجالسة بعيداً تسلم أوراقها ، وها هى قد اختفت أيضاً فور تسليمها لأوراق إجابتها ، لقد بدأت أضطرب بل أعتقد أن الخوف قد تملَّكنى ، هل سأختفى أنا أيضاً بعد تسليمى لأوراق إجابتى ؟ وإلى أين سأذهب ؟
  • ربما أنا الآن فى المستقبل البعيد وقد أصبحنا نتنقل بين الأماكن فى لمح البصر ، نعم إنه المستقبل ، فإمتحان متطور مثل هذا يجب أن يكون فى المستقبل ، هدأت قليلاً بعد أن اطمئننت لهذه الفكرة ، ولكن ماذا أتى بى إلى المستقبل ؟ وهل بعد أدائى للإمتحان سأعود أدراجى أم سأبقى هنا ؟ الناس من حولى تجىء وتذهب وأنا حتى لم أقرأ الأسئلة بعد ، ثم إننى لا أعرف متى سينتهى وقت إمتحانى ، إذاً أنا فى حاجة لكل ثانية.
  • ألَّن يتوقف الناس عن إحداث ضجيج ، التفت يميناً بإتجاه الضجيج وهذه المرة لم يكن طفلاً بل شاب مفتول العضلات يبدو أنه يسعى للشجار ، لا .. إنه يريد فقط تسليم أوراق إجابته ، إذاً ما هى المشكلة ؟ لا يتم استلام الأوراق منه حيث يبدو أن الوقت المخصص لإمتحانه لم ينتهى بعد ، وأنه يجب أن يُتمم الوقت ليسّلم أوراقه.
  • قررت أن أتدخل ونهضت من مكانى لأسير متوجهاً نحو هذا الشاب ، عندما اقتربت منه وبسبب شدة غضبه وجدت وجهه فى حُمرة الجمرة ، حاولت تهدئته وإقناعه بالصبر حتى إنتهاء وقت الإمتحان ، التفتَ إلى وهو يصيح فى وجهى بأن أهتم بنفسى فقط ، حاولت من جديد تهدئته فدفعنى بيده دفعة هائلة جعلتنى أطير فى الهواء وأرتمى للخلف لأسقط على أحد الحضور.
  • اعتذرت لمن سقطت عليه ثم ربت على كتفه ، ولكنه لم يعيرنى أى انتباه فقد كان هذا المسكين أمامه رزمة من ورق الأسئلة وهو يجاوب السؤال تلو الآخر بدون أن يتوقف لالتقاط أنفاسه ، نهضت وشرعت فى ضبط هندامى وأنا أفكر فى حال هذا المسكين وكثرة الأسئلة المضطر لإجابتها ، إنه ليس بمسكين .. بل يبدو أنه طالب متفوق فبإجابته لكل تلك الأسئلة من المؤكد أنه سيحصل على مجموع درجات عظيم ، ولكن ماذا سيعنى التفوق فى إمتحان مثل هذا ؟ والذى لم أفهم ماهيته حتى الآن.
  • فى طريق عودتى إلى مكتبى وجدت الجميع توقفوا فجأة عن الحركة وينظرون بإنزعاج شديد نحو شىء ما يحدث خلفى ، التفت لأجد الشاب مفتول العضلات وهو يهدد بأنه سيقطع أوراق إجابته إذا لم يتم استلامها منه الآن ، تفحصت أوجه من حوله لأجد عيون تستعطفه ألّا يفعل ذلك بينما عيون أخرى تتابعه بلهفة ومتمنية أن ينفذ تهديده ، لم أكمل تنقلى بين أعين الناس فقد نفذ الشاب تهديده.
  • بمجرد أن انقسمت أوراقه إلى نصفين اختفى الشاب واختفت معه الأوراق ، وبعد لحظة صمت عاد زملائى فى هذا الإمتحان الغريب إلى استكمال إجاباتهم ، وقبل أن أعود أدراجى وجدت فتاة كانت تجلس بالقرب من هذا الشاب الثائر وجدتها وقد انخرطت فى البكاء وكأنها فقدت عزيز عليها.
  • اقتربت منها وسألتها إذا كانت تعرفه ؟ بعد فترة التفتت إلى وهى تبكى وقالت إنه إبنها واشتد بكائها وأخذت تقبل إحدى أوراق إجاباتها ثم تحتضنها ، ابتعدت عنها بسرعة بعد ان ارتعدتُ ، إنها بلا شك غير طبيعية فكيف بفتاة لا يتجاوز عمرها العشرين عاماً أن تكون أماً لهذا الشاب والذى على الأقل يتجاوز عمره الخامسة والعشرين.
  • لقد تذكرت .. إننا فى المستقبل .. ربما تلك الفتاة إمرأة يتجاوز عمرها الخمسين عاماً ولكن عمليات التجميل أخفت ذلك ، نعم هى عمليات التجميل فإذا كان فى عصرنا الحالى يمكن الرجوع بوجه الشخص لحاله قبل خمس أو عشر سنوات عن طريق إجراء مجموعة من عمليات التجميل ، فمن المؤكد أنه فى المستقبل قد تمكنوا من إحداث مثل هذا التغيير فى وجه هذه الفتاة الصغيرة أقصد هذه السيدة الأم.
  • ولكن لماذا هذا البكاء الشديد ؟ هل هذا الإمتحان بالغ الأهمية إلى هذه الدرجة ؟ الإمتحان .. أنا لم أقرأ ورقة الأسئلة بعد ، أسرعت لمكتبى فجلست وتنفست بعمق كى أهدأ وأبدأ أداء إمتحانى ، ما إن لمست الورقة حتى وجدت صراخ مدوى يأتى من جهة اليسار ، التفت فى حركة لا إرادية بإتجاه الصوت فوجدت رجل طاعن فى السن يصرخ بكل ما أوتىَّ من قوة ويمسك بأوراق إجابته ولا يريد تسليمها ، عجيبة جداً أحوال الناس فأحدهم يتصارع من أجل تسليم أوراقه وآخر يتصارع من أجل عدم تسليمها ، وبالطبع لم أكن أحتاج لرؤية هذا الرجل وأوراقه تسحب منه لأوقن أنه لن يُمهل مزيداً من الوقت.
  • يبدو أن هذا الإمتحان صارم القواعد خصوصاً فيما يتعلق بالوقت ، هل هذا هو نفس الوقت الذى يداهمنى وأنا لم أقم بشىء بعد ؟ بالطبع هو نفس الوقت والذى أهدِره بينما كان هذا العجوز يصرخ من أجله.
  • استقريت على مكتبى وقد عزمت على أن أهتم بإمتحانى فقط ، وأننى لن ألتفت يميناً أو يساراً حتى الإنتهاء من إجاباتى أو على الأقل حتى أنتهى من قراءة ورقة الأسئلة ، ولكن الضوضاء لها رأى آخر ، فالضوضاء والتركيز لا يجتمعان ، وهاهى تأتى من جديد لتطرد تركيزى بأكمله ، ولكننى فى هذه المرة عزمت على عدم الإستسلام وقررت أن أتجاهل ذلك الازعاج وكأنه غير موجود بالمرة.
  • أمسكت بورقة الأسئلة لأبدأ قرائتها ، ما هذا ؟ لا أستطيع قراءة أى شىء ، ما هذه اللغة ؟ إن الأحرف عربية ولكن الكلمات غير مفهومة ، تنقلت عينى بين السطور فى محاولة لقراءة ولو كلمة واحدة ولكن بائت محاولتى بالفشل ، أحسست بالاضطراب بل والاختناق ، إننى لست فى المستقبل بل أنا أعاصر حلم سىء وسوف أصحو منه بعد قليل ، أغمضت عيناى وقررت ألّا أفتحهما إلّا عندما أستيقظ ، فأنا لن أعايش أحداث هذا الحلم الغريب بعد الآن.
  • مرّت فترة وأنا على هذا الحال وأصبحت لا أسمع أى أصوات من حولى بل ولم أعد أحس بأى حركة ، هنا أدركت أننى تخلصت من هذا الحلم المزعج وقد حان الوقت لأستيقظ.
  • فتحت عيناى فوجدت نفسى كما أنا فى هذا المكان الغريب ، ومازال الناس من حولى يقومون بأداء إمتحانهم ولكننى لم أعد أسمع أى أصوات ، فوجئت بورقة الأسئلة أمامى وكل كلماتها قد انجلت تماماً ، الآن أستطيع قرائتها بكل سهولة ، تلفّت حولى وأنا أتنفس الصعداء حيث أننى أخيراً سأبدأ الإجابة ، وأنا اتلَّفت وجدت رجل يقوم من مكانه ليجلس بجانب سيدة وعلى نفس مكتبها ، أخذ منها ورقة الأسئلة ليقرأ كل سؤال ثم يمليها الإجابة ، كانت أحياناً تكتب ما يقول وأحياناً أخرى تناقشه ثم تكتب ما خلُصا إليه ، بينما فى أغلب الأوقات كانت ترفض ما يقول وتجيب هى من نفسها ، وأيضاً يقومون بنفس الشىء بورقة أسئلته ، تعجبت بشدة من أمر هذا الإمتحان الصارم المواعيد ولكنه يسمح بالحل الجماعى ، ابتسمت عندما تذكرت اصطلاح الحل الجماعى والذى كنا نطلقه أيام الدراسة على الغش كى نخفف من وطئته.
  • أثناء متابعتى للثنائى المتعاون وجدت أننى أصبحت من جديد أسمع ما يدور حولى ، ولكننى لا أريد الآن إلّا التركيز فى إمتحانى ولتأتى متابعتى للآخرين فيما بعد ، بدأت أقرأ ورقة الأسئلة ولكنها عادت من جديد لتبدو وكأنها مُشفرَّة ، لا أعلم ما بال تلك الورقة ؟ ظللت أنظر إليها بتعجب وبدون أن ألتفت إلى أى شىء آخر ، ومع الوقت بدأت الأصوات من حولى فى الانخفاض وفى نفس الوقت بدأت الكلمات تتضح.
  • إذاً أنا السبب فى تشفير ورقة الأسئلة ، تركيزى على تصرفات الناس من حولى يجعلنى أستطيع سماعهم ولكنه يضعف قدرتى على قراءة الأسئلة ، إذاً كل ما أحتاجه هو التركيز على إمتحانى فقط ، وبالفعل استمرّيت فى التركيز واستمرّت الكلمات فى الاتضاح الواحدة تلو الأخرى حتى أصبحت ورقة الأسئلة واضحة تماماً ، فى الحال أمسكت بورقة الإجابة لأجب عن أول سؤال ، ولكن ما هذا السؤال الصعب: من أنت ؟
  • سؤال بسيط ومباشر ولكن هل تكون إجابته بسيطة ومباشرة ؟ ما المقصود من هذا السؤال ؟ إن اسمى مدوَّن بالفعل على ورق الإجابة ، فهل المقصود من هذا السؤال أن أصف نفسى ؟ وإلى أى حد أقوم بوصفها ؟ هل أذكر حياتى الخاصة ؟ هل أذكر تفاصيل حياتى أم الخطوط الرئيسية فقط ؟ ووجدت أننى فى حاجة إلى أحد يجيبنى على عشرات الأسئلة قبل أن أتمكن من إجابة هذا السؤال ، لذا فقد قررت أن أؤجل الإجابة وأن أنتقل إلى السؤال الثانى ، كان السؤال الثانى من تلك الأسئلة التى توضع لمساعدة الطلاب فقد كان سؤال بسيط وإجابته أبسط منه: ماذا تفعل هنا ؟
  • دونت إجابتى سريعاً بأننى أقوم بتأدية إمتحان ، ويبدو أن واضع الإمتحان كان يعرف إجابتى مسبقاً ، فقد كان السؤال التالى: ما هذا الإمتحان ؟
  • دارت الأفكار فى رأسى بعد قراءة السؤال ، فأنا منذ أن وجِدت فى هذا المكان وأنا أتسائل عن هذا الإمتحان ولم أجد إجابة ، والآن أصبح لزاماً علىَّ أن أجيب ، فبماذا أجيب ؟ استرجعت كل ما حدث طوال هذا الإمتحان الغريب ووجدتنى أرتجف بعدما أدركت ما هو ، بل وبكيت على الوقت الذى فاتنى وأنا أتابع من حولى ولم أقترب من ورقة إجابتى ، بكيت على الدرجات التى فقدتها بدون أن أعيرها اهتماماً ، بكيت وأنا أتذكر هذا العجوز وهو يصرخ من أجل إمهاله وقت إضافى ، وارتعدت خوفاً حينما علمت إلى أين ذهب هذا الشاب المفتول العضلات.
  • تماسكت سريعاً فليس أمامى إلّا أن أجتهد بكل ما أوتيت من قوة لأستطيع الإجابة عن أكبر عدد من الأسئلة قبل أن ينتهى الوقت المحدد لى ، فكتبت إجابة السؤال قبل أن أنتقل إلى سؤال آخر ، كانت الإجابة بسيطة ويعلمها الجميع:
  • هذا الإمتحان هو الحياة ، أحياها فى محاولة للنجاح لينعم الله علىَّ بالجنة ، أو أرسب فيها ويكون مصيرى جهنم والعياذ بالله منها ، إن وقت هذا الإمتحان هو عمرى والذى لن أسىء استخدامه بعد الآن.
يوسف محمد

رؤى وضلالات

  • كنت انتظر صديقى ورأيت كتابا جديدا فى مكتبتهم ولم اكن استطيع ان اتبين العنوان وقلت لنفسى حينما يخرج  سوف اسأله ان اراه ، لكنه تأخر فأخذنى الفضول وقررت ان اراه وحينما تطلعت للكتاب حضر صديقى فقلت له لقد عوقبت اشد عقاب لأنى لم انتظر لاستئذنك لأرى الكتاب واخذ يضحك  لأنه كتاب تفسير الاحلام لأبن سيرين وقد كان يعلم أن ليس لدى تلك القوى الروحية ولا استطيع ان اسمع حوارا حول الابراج او تفسير الاحلام او حتى معجزات الطرق الصوفية لا اعرف هل ثقافتى المادية هى ما تطغى على تكوينى الروحى.
  • او ربما تلك الاشياء يستمتع بها المرء وهو صغير حيث اتذكر انى استمتعت كثيرا بقراءة كتاب ارواح واشباح لأنيس منصور لكن لا افهم ان يتحول شخصا ما الى ابو خطوة او ان يكون له قوى خارقة فى بعض الاوقات يحدث أن يكون هناك اشياء ليس لها تفسير لكن ليس معنى ذلك ان يستيقظ المرء صباحا ليراجع الكتب او يتصل ببرنامج تليفزيونى التى لا تبخل القنوات بها تلك الايام من برامج تفسير الاحلام التى يحضرها مدعين وفى عدد لا بأس به من القنوات يوجد شيوخا لتفسير الاحلام .. ورغم اننى لست ممن ينكرون تلك الروحانيات وقصة سيدنا يوسف التى قال عنها كتاب الله انها من افضل القصص لكن هذا نبى كتب الله رؤيا وانقذته رؤيا اخرى وكانت مجرد اسباب وضعها الخالق فى رحلته اختبار لنبيه ليس كل شخص هذا الملهم.
  • اعرف ناسا كثيرا تدمرت حياتهم بسبب رؤى واحلام تصوروها حقا ، واعرف اشخاص يتصورون ان هناك جنى لابسهم وكنت اتندر انا وصديق اخر حول الجنى الذى يوجد فى منزله بعد وفاة والدته واقامته وحيدا واقول له اننى لدى جنيه ايضا اسمها سميرة تعيش معى.
  • ويخشى الناس من تلك القوى الخفية والحسد ويعيشون فى ضلالات ويتم تزييف واقع حياتهم فى قوى خفية  ، ويبدو أن الناس يحتاجوا ان يروا فيلم البيضة والحجر الف مرة حتى يدركوا ما يعيشون فيه من جهالة.
  • فليس رؤية البخت او الطالع او اوراق التاروت او حتى تفسير الاحلام بتلك الطرق الذى نراها كل يوم إلا جهالة مجتمع وتزييف للعقول وليس ادل على ذلك من تلك الاموال التى تصرفها المنطقة العربية عند الشيخ الفلانى والست الفلانية والشيخة الذى يعبروا لها البحور ويأتيها الناس من كل حدب وصوب ، اتذكر أن ولدت نعجة مشوهة جنسيا يبدو انها كانت خنسى او شئ من هذا القبيل فى منطقة  مرسى مطروح منذ عدة سنوات وسمع بها المواطنون وتوافد عليها من كل حدب وصوب بل  اتى اناس من بلدان عربية واضطرت القوات المسلحة للتدخل لتأمين المنطقة حتى اصدر شيخ الازهرفى ذلك الوقت قرارا بذبحها!
  • وترى اشخاصا يرتدون نفس الخاتم ربما اقتداءا برسول الله او سنة وحقيقة لا اعرف ان كانت هذه سنة أم لا لكنى ما اشعره من طريقة الحوار وطريقة وضع الخاتم امام عينيك   انه اصبح لدينا جماعات مصالح جديدة تستخدم الدين بشكل اخر وهذا هو شعارهم او ربما اقتداء بخاتم رئيس الجمهورية الذى سمعنا له ايضا تسريبا انه ايضا بخطوة ويحلم بالسيف الذى يقطر دما!

الأم للشاعر حافظ إبراهيم




إني لتطربني الخلالُ الكريمةُ
طربَ الغريبِ بأوبةٍ وتلاقي


وتهزني ذكرى المروءةِ والندى
بين الشمائلِ هزةِ المشتاقِ

فإذا رُ زقتُ خليقةً محمودةً
فقد اصطفاك مقسمُ الأرزاقِ

فالناسُ هذا حظهُ مالٌ وذا
علمٌ وذاك مكارمُ الأخلاقِ

والمالُ إن لم تدخره محصناً
بالعلمِ كان نهايةَ الإملاقِ

والعلمُ إن لم تكتنفهُ شمائلٌ
تعليهِ كان مطيةَ الإخفاقِ

لاتحسبن العلمَ ينفعُ وحدهُ
مالم يتوج ربهُ بخلاقِ

من لي بتربيةِ النساءِ فإنها
في الشرقِ علةُ ذلك الإخفاقِ

الأمُ مدرسةٌ إذا أعددتها
أعددت شعباً طيبَ الأعراقِ

الأمُ روضٌ إن تعهدهُ الحيا
بالري أورقَ أيما إيراقِ

الأمُ أستاذ الأساتذةِ الأولى
شغلت مآثرها مدى الآفاقِ





Monday, March 20, 2017

طابا وقضايا الحدود المصرية

  • يقول عنى بعض الاصدقاء اننى الرجل ذو الالف وجه واتندر دوما حينما احتاج ان اطلع تلك الوجوه الاخرى فاقول تحبوا اخرج لكم الاصولى ولا اليسارى ولا اطلعلك الشوفينى ويجمع كل هذه الشخصيات التطرف كما ترون.
  • فى ذكرى 19 مارس اعتقد ان الشوفينى الكثير التعصب لوطنه سوف يظهر من اجل موقعة طابا وبالطبع ليس من اجل كيف قالت الصناديق نعم! اهى ذكريات تعبر على الوطن.
  • ذلك الشوفينى يؤمن بتلك الدولة القطرية واحتفظ دوما بقصاصات صحفية ربما ارتبطت بها منذ كنت طالبا فى المدرسة الابتدائية حيث كان يتم تحويل كراسات الرسم الى وسيلة لجماعة الصحافة لعرض الموضوعات وحيث ان خطى كان رديئا ومازال فكنت اجمع الاخبار وكانت احدى زميلاتى هى من تقوم بكتابة عناوين الاخبار .. المهم القصاصة التى احتفظ بها هى للممتلكات المصرية فى عهد اسماعيل تمثلها الخريطة بالأعلى نقلا عن ديوان الحياة المعاصرة للدكتور يونان لبيب رزق  حيث تظهر به خريطة مصر فى تلك الفترة.
  • الدكتور يونان لبيب رزق ومفيد شهاب وكوكبة اخرى لا اذكر اسمائها فى تلك اللحظة كانوا خيار الدولة المصرية لاستعادة طابا فى معركة لم تكن سهلة وطابا هى النقطة الاشهر فى عدد اربعة عشر نقطة حدودية كان هناك صراع عليها وتحولت للتحكيم الدولى وربما ارادت اسرائيل صناعة قضية طابا حتى لا تكون هناك مطالبة مصرية اخرى بقرية ام الرشراش واتذكر كيف جمعنى حوار مع فتاة اسرائيلية فى احدى المرات وكانت لم تتجاوز الثامنة عشر من عمرها وكانت تقول لى انه يوجد سلام بين مصر وانها مؤمنة بقضية الارض مقابل السلام فقلت لها ببساطة انه فضلا عن القضية الفلسطينية فإنى من المؤمنين باستعادة ام الرشراش وكانت تعرف ببساطة ان ام الرشراش هو الاسم العربى لميناء ايلات الاسرائيلى ظللت لسنوات اقص تلك الواقعة فى عملى فى كل مرة يأتى بها ذكر الحدود واتسأل حد يعرف ام الرشراش فلم يكن هناك احد يعرفها وفى مرة سألت حتى يعرف اقصى نقطة فى شرق مصر فكانت الاجابة مزعجة جدا حيث اكد لى احد الزملاء انها السلوم وهى للأسف فى الغرب ولأن الشوفينى داخلى يحفظ جمال حمدان عن ظهر قلب فلا تندهشوا ليست طابا هى اقصى نقطة شرقية فى مصر فهو يقول انها حلايب وشلاتين انظروا الى الخريطة قبل ان تعترضوا.
  • حتى فى قضية الجزر كانت محسومة بتلك الخريطة التى احتفظ بها فى كراسة الرسم الذى مازلت احتفظ بها من الابتدائى واضيف لها قصاصات من حين لأخر كانت والدتى رحمها الله تشكو من تلك القصاصات التى لا تنتهى.
  • لكن الدولة المصرية الآن تقول لا احد يتحدث ولا تستعين بخبراء وحتى حينما تتصور خيرا ان عودة الجزر تمهيدا لعسكرتها عن طريق الاخوة السعوديين تفاجئ ان الاتفاق تم اولا بالاتفاق مع الكيان الصهيونى.
  • وبمناسبة اصدقائنا فى الكيان الصهيونى رفضوا الانسحاب من مزارع شبعا رغم انها ارض لبنانية لانهم حين تم احتلالها تم احتلالها فى حرب 1967 والاستيلاء عليها من القوات السورية ، كذلك مفاوضات الجولان اوقفت لأن اسرائيل رفضت الانسحاب الى خط الرابع من يونيو وطلبت الانسحاب الى خط الحدود الدولية والفرق هو اراضى فلسطينية كانت تسيطر عليها سوريا فى فلماذا الكرم الاسرائيلى تجاه الجزر ولم تتلكأ كقضية طابا ، لو كان لديهم شك فى انها سعودية كانوا تصرفوا بنفس المنطق.
  • لا اخفيكم سرا الشوفينى داخلى يعرف عن خطاب العاهل السعودى بطلب حماية الجزر ولكنى كنت اتصور انها تم التنازل عنها للابد وليس لفترة للعودة ثم ما الداعى الآن لهذا الجدل!
  • واذكر الدولة المصرية انها فى قضية طابا استعانت بمعارضين للنظام ولم تخون احد ولم تصم اذنها وتتقول ان الحقوق يجب ان تعود بسبب ان الامهات قالت ذلك او لأنه يجب ان لا نسمع صوت احد اخر لم يكن هناك احتكار للوطنية لاشخاص او جهات بعينها معركتنا الحقيقية فى صيانة حدود الوطن هو الوعى وعدم التخوين والشفافية.

قليل من الهدوء (يوسف محمد)

  • انتهى من عملى الثانى يوميا فى الحادية عشرة مساءا ، وبعدها احب العودة الى منزلى سيرا ، فساعة بجوار النيل تتيح لى محو آثار اليوم وأن استمتع بدرجة ولو قليلة من الهدوء ، فما بين يوم عمل ملىء بالضجيج والزحام وبين زوجة تسرد احداث يوم كامل فى نصف ساعة لزوجها المغلوب على أمره وهو يستبدل ملابسه ، وأثناء تناوله للعشاء ، وهو يحاول الخلود الى النوم كى يتمكن من الاستيقاظ باكر ليبدأ يوم عمل اخر ، لم افهم حتى الآن كيف ولماذا اعجبت اثناء الخطوبة بطريقة حديثها المكثفة وقدرتها المثيرة للعجب على عدم التوقف عن الحديث ولو لثوان لتلتقط انفاسها أو تريح يديها !؟ هذا وحتى لو ظلت تتحدث لساعات متصلة ، ذلك مع الأخذ فى الاعتبار ايضا سرعة كلامها حيث تتكلم فى ساعة واحدة ما يمكن ان يتكلم به الشخص الثرثار فى ثلاث ساعات كاملة !؟ ربما لأنها كانت أول امرأة فى حياتى فكنت استمتع بكل ما فيها من مظاهر الانوثة والتى كنت اعتقد خطأ ان منها الثرثرة ، ولكنى ومع مرور الوقت ادركت ان الذهب اثمن بكثير من الفضة!
  • سوف اتوقف عن التفكير فى هذا الموضوع فقد بدأت اراها تتحدث أمامى وبدأت اشعر بالتمدد فى رأسى ، لنعد لشوارع القاهرة النصف هادئة فى هذا الوقت من الليل ، لا أعلم لماذا ادمن اغلبية الناس الضوضاء ، بل اصبحوا يستمتعوا بها ويستعينوا بها فى أى وقت وفى أى مناسبة . لماذا لا يستخدم هذا السائق الاشارات الضوئية بدلا من النفير الذى يستخدمه بعصبية ؟ لماذا كل هذا الطبل والزمر لزف العروسين وكأنهما قاما بفتح عكا ؟ لماذا التشجيع قبل العمل !!؟ لنحتفل بعد الانجاز وليس قبله ، وهذه الام المسكينة والتى تكاد تصاب بذبحة صدرية وهى تصرخ فى ولدها وهو كما يقولون اذن من طين واخرى من عجين ، لماذا لا يكتب هذا البائع السعر على بضاعته بدلا من النداء هنا وهناك؟
  • اخيرا وصلت الى مكان استراحتى اليومية - فى عرض النيل - حيث اتوقف قليلا للاستمتاع برؤية النهر العظيم ومتابعة سريان المياه الهادىء ولكن قبل هذا سوف أغمض عينيا اليوم قليلا لأنعم بقليل من الهدوء.
  • لقد اصبحت الآن اهدأ . ما هذا؟ غدا عيد زواجى ، اى انه اليوم ، فقد تجاوزت الساعة الثانية عشر ولابد ان اقدم هدية عيد الزواج فور وصولى بينما نكمل الاحتفال غدا ان شاء الله ، لا أعلم لماذا تزوجت فى نهاية الشهر؟ فبسبب هذا التهور اقع كل عام فى هذه المشكلة ، اخرجت كل ما معى من مال ومع الاخذ فى الاعتبار مصاريف الايام المتبقية من الشهر يبدوا اننى سالجأ الى الهدايا الرومانسية كالعادة فهى دائما ما تنقذ مفلسى الجيوب امثالى
  • هذا هو بائع الفل .. ولكن لقد كانت هذه هدية العام قبل الماضى ، حيث تذكرت المناسبة بالضبط فى مثل هذا الوقت من اليوم ، ويومها اخذت فى تعديد مميزات الفل عن الورود الاخرى والتى لا اذكر منها الا السبب الحقيقى وهو اننى لم اجد سواه وقتها.
  • لا اعرف الى اين اذهب أو ماذا اشترى؟ فرغم زحام الشوارع لابد ان اغلب المتاجر مغلقة ، وجدتها .. سوف اكتب لها رسالة حب مثل ايام الخطوبة ، ولكن الم تكن تلك هدية العام الماضى؟ لا اعرف لماذا يحتفل الناس بذكرى كل شىء فى حياتهم ؟ فهذه ذكرى أول لقاء وذكرى أول كلمة حب وذكرى الخطوبة وذكرى أول قبلة وذكرى الزواج .. أقصد عقد القران وذكرى الزواج وذكرى الذكرى !! فى رأيى أنه كل يوم يمر بين حبيبين هو أجمل من سابقه حتى أنه ومع مرور الوقت لا يمكن المقارنة بين اليوم الحالى والايام الاولى من الارتباط لعظم وروعة اليوم الحالى . الشىء المهم والذى تعلمته من عمرى المنصرف أن الآراء المخالفة لجميع من حولك هى أثمن كنوزك لذا يجب أن تحتفظ بها بداخل داخل أعماق نفسك ، والآن وعلى وجه الخصوص احتاج للاحتفاظ بهذه الافكار بعيدا عن ذهنى حيث اننى لا احتاج لمزيد من تثبيط الهمم.
  • يبدوا اننى مضطر الى الذهاب الى منطقة وسط البلد لزيادة فرصة اختيار الهدية ، قمت بعد ما معى من اموال مرة اخرى للوصول الى اقصى مبلغ ممكن استخدامه ، اشرت الى تاكسى فأنا معرض لمداهمة الوقت لى بقوة ، وصلنا المكان المنشود ، واعطيت السائق ما يريد رغما عنى ولكن ما ضايقنى اكثر هو لماذا لا يشير السائق بما يريد من مال بدلا من الكلام ؟ الا تكفيه ضوضاء من حوله ؟
  • اسعد دائما باننى من سكان القاهرة فالليل مثل النهار فلا يوجد فيهما هدوء أو راحة ، فالمتاجر تعمل وكأننا فى وضح النهار ، نعود للهدية فبعد الحسابات القصوى وجدت اننى على استعداد لشراء هدية قد تصل الى عشرة جنيهات !! ارجو عدم الاستهانة بما يمكن ان تقوم به عشرة جنيهات ، فأنا اعرف جار لى يمكنه احياء ميت أو دفن حى وبالاوراق الرسمية مقابل هذا المبلغ !!؟ لقد وصلت الى ما اريد .. هذا هو .. فليس أجمل من بطاقة معايدة مع بيت شعر مما احفظ ، قمت بانتقاء البطاقة وكتبت بها ما اسعفتنى به الذاكرة وعدت مسرعا الى المنزل بعد انهائى المهمة بنجاح.
  • وصلت الى المنزل اخيرا ، ما هذه الرائحة العطرة ؟ انه مزيج من رائحة الطعام الشهى التى تعده زوجتى ورائحة عطر جديد يبدوا أن زوجتى اهدت نفسها اياه فى عيد زواجنا ، كانت الرائحة تجذبنى الى المطبخ ، احست زوجتى بقدومى فخرجت مسرعة لاستقبالى وفى نفس الوقت لمنعى من دخول المطبخ وافساد المفاجأة ، وجدتها سعيدة ومرتدية قميص نوم جديد ، لم الحظ القميص جيدا فقد حضنتنى ما ان اقتربنا من بعضنا ولكنى احسست بأنه من تلك النوعية التى تصيب صاحبها بالبرد ، لم اضع وقتا واخرجت هديتى من وراء ظهرها كأننى ساحر وهنأتها بعيد زواجنا ، لم أفهم رد فعلها عندما اخرجت البطاقة فقد استغربت بشدة ، حتى عندما قبلتها وجدتها شاردة الذهن
  • ذهبت لتغيير ملابسى ، ولم اجد الا تفسير واحد وهو انها نسيت ذكرى زواجنا ، وفى الحال نفت هذا الاحتمال فقد جائت مسرعة واخرجت من الدولاب بيجامة جديدة يبدوا انها اشترتها لى اليوم . اذن ملابس نوم جديدة لها ولى ليست من قبيل الصدفة ، ولم تدم حيرتى طويلا فقد احضرت لى من درجها بطاقة مشابهة تماما لما اهديتها لها ، يا للمصيبة ، لقد تذكرت ، لقد كانت هذه هدية عيد زواجنا الاول ، لم استطع الا ان ابتسم ابتسامة بلهاء وأنا أقوم بفتح البطاقة القديمة وأنا ادعوا الله الا يكون نفس بيت الشعر الذى كتبته منذ وقت قليل ، ولكنه بالطبع هو فأنا لا احفظ من الشعر الا هذا البيت وبيت آخر لا يمكن حتى أن أذكره أمام أى امرأة محترمة.
  • لا أعلم أصل مقولة أن سكة أبو زيد كلها مسالك ، ولكنى أعلم اننى قريب الشبه بأبو زيد ، فقد تفتق ذهنى عن فكرة جديدة ، فقد اشرت لها باننى اردت ان نستعيد ذكرى زواجنا الاولى ، اما غدا فسوف اصطحبك فى رحلة مليئة بالمفاجآت حيث سأذهب الى العمل لساعة واحدة لانهاء امور ضرورية وأعود لنبدأ رحلة المفاجآت (لابد من ذهابى الى العمل لاقتراض مال من أجل رحلة المفاجآت هذه) احتضنتنى زوجتى وتعلقت بى كما احبها أن تفعل دائما ، ثم انصرفت لتحضير مائدة الطعام ، استكملت ارتدائى لملابسى وانا مزهو بسرعة خاطرى ، عند نظرى فى المرآه ووجدت أن البيجامة ملائمة لى تماما وانها باللون المحبب لى تذكرت كيف انها استعدت لهذا اليوم واجتهدت فى انتقاء هديتى ، وزاد شعورى بتأنيب الضمير بعدما خرجت من الغرفة ووجدت القائمة الطويلة من الطعام ويبدوا انها اجهدت نفسها تماما طوال اليوم من أجل اسعادى ، بينما أنا لم ابذل ولو قليل من الجهد حتى فى انتتقاء هدية غير مكررة.
  • هنا فقط تمنيت لو اننى استطيع الكلام لاعبر لها بلسانى عن حبى لها بدلا من الاشارة باليد والتى لم اعرف سواها فأنا مولود ابكم أبا عن جد ، دمعت عيناى وهى تمسك بيدى لتجلسنى بجوارها ، فاشرت اليها بما يجول بخاطرى ، فابتسمت وهى تدمع ايضا واشارت بيديها بأنها لن تستطيع سماعى فهى كما أعرف لا تسمع أو تتكلم مثلى تماما ، اشرت لها بأننى احبها حب أكبر من أى حب أحس به شخص آخر ومسحت على رأسها وأنا اشير لها باننى لا اريد افساد احتفالنا.
  • بدأنا فى تناول الطعام ومعها بدأت عادتها فى سرد احداث اليوم وبدأت عادتى فى اظهار الاهتمام ، واذ بى الحظ كمية متنوعة من الاسماك الخاصة الاستخدام والتى تكفى لاضاءة الطريق الصحراوى ، هنا ادركت اننى سأصلى اليوم الفجر حاضر ، ارتعدت عندما تخيلت مياه الاستحمام الباردة فى هذا الوقت ، فلم استطع الاقتراب من تلك الاطعمة المؤذية واكتفيت بتناول الفاكهة ، لاحظت زوجتى انصرافى عن أكل المفيد من الطعام ! فأشرت لها بأن معدتى مضطربة وأننى لن أقدر على تحمل عواقب مثل هذه الاطعمة ، لم تعقب وان بدا واضحا خيبة املها ، انتهزت الفرصة وقمت مسرعا لغسل يدى ومنها الى غرفة النوم مباشرة ، فى أقل من دقيقة كانت زوجتى بجانبى فيبدوا انها هى الاخرى لم تكمل طعامها ، فى هذا الوقت لاحظت ما كانت ترتديه ، لقد وصل الغرب الى مرحلة مذهلة من التقدم حتى أنهم تمكنوا من صناعة طقم كامل من الملابس بخيوط تكفى فقط لتكوين عقدة ، استعدت تركيزى بعد فترة من الذهول ، وجدتها تنظر الى مبتسمة وفى عينيها نظرة نادرة الظهور ، لم استطع تفويت هذه اللحظة ، فأسرعت باغلاق الانوار للاستمتاع ولو بقليل من .. الهدوء.