Tuesday, May 14, 2024

الاستغراب

 

يبدو العنوان مقتبسا من كتاب إدوارد سعيد عن الإستشراق الذي يقدم نقدا لما قدمه المستشرقين ورؤيتهم للشرق بشكل عام عبر المتلازمة الكولونية، لكن يبدو أننا استكملنا المسيرة ومشينا على درب ما خطه لنا هؤلاء المستشرقين واصبحنا نؤمن به لذلك اخترعنا طريقا جديدا أحب أن اسميه الاستغراب حيث أصبحنا نسير جميعا نحو التغريبة بشكل عام هل نتبع وصفة إبن خلدون في مقدمته بوصفنا مهزومين ونقلد المنتصر؟.

دوما أذكر هذا المثال المشي على كوبري اكتوبر وكل تلك الإعلانات باللغة الإنجليزية حتى يبدو أن الدولة لا تألو جهدا في مسيرة موضة التغريب وتضع إعلانات الطرق مروريا باللغة الإنجليزية ايضا مع اللغة العربية وذلك زعما أننا دولة سياحية مع العلم أن اكثر الدول جذبا للسياح وهي فرنسا بما يتخطى الستين مليون سائح لا تقدم إلا لغتها حتى في داخل متحف اللوفر وإن شئت فعليك أن تدفع حتى تحصل على ترجمة!

ما اتكلم عنه بالاستغراب أننا أصبح لدينا الآن الجميع يلهث للحاق بالمدارس الدولية ربما لأن العلم مهم وهو سلاح الحياة الأول وحتى الآن تستطيع أن تدفع وتخرج أولادك من دراسة اللغة العربية والدراسات في المدارس الدولية عبر مجموعات دراسية خارجية فضلا عن عدد لا بأس به من المدارس متعددة الجنسيات والتي للأسف بعضها تحتاج لواسطة كبرى لدخولها وأنا اتذكر حينما كان احدهم يشرح أنه علي أن يمضى على تعهد بأن أبنه تابع للمدرسة وأنه ليس عليه سلطان وتخطى الأمر إلى ما ناقشه البرلمان لاحقا عبر نشر قيم التسامح مع المثلية الجنسية في إحدى تلك المدارس وتدخل الوزارة لاحقا وللأسف الشديد الدولة اصبحت تعتمد مناهج مختلفة للتدريس في تلك المدارس وهي ليست مناهج موحدة لتحقيق الإنسجام العام في المجتمع.

أما عن  فلسفة تطوير التعليم العالي عبر كومنولث الجامعات الاجنبية التي يغزو مصر وتقدم تعليمها بلغة بلدها فحدث ولا حرج.

للأسف الشديد أًصبح في مصر الآن ما يطلق عليه مصر وEgypt  وكأن هناك شعبان مختلفان لديهم قيم مختلفة وربما للأسف الشديد هذا استكمالا عبثية لتلك الأغنية الأكثر عبثا التى دارت عبر أحداث 30 يونيو والتي تقول احنا شعب وانتم شعب!

اخشي أننا أصبح لدينا عدد من الأمصار وليست مصر واحدة تبدو قيم المجتمع المشتركة تتأكل تدريجيا ويحاول البعض الآن أن يعيش في مناطق معزولة بل داخل تلك المناطق هناك طبقات وصفوة أخرى تعزل نفسها حتى عن نفس سكان تلك التجمعات السكانية الجديدة وتنتشر الأبواب الحديد على أبواب الأحياء الشعبية في حالة خوف عامة ليس فقط من آثر وضع اقتصادي منهار لكنها تخوفات اجتماعية تجعل الكثير يعيشون خلف أسوار يحاولون التمترس داخلها دفاعا عن ذاتيتهم مع فشل قيم المجتمع المتلاحم ، ربما الجميع على شبكات التواصل الإجتماعي يبكون الآن على الطبقة الوسطى المتأكلة أو أحلامها البسيطة في الماضي وحتى نمط الحياة المشتركة بين كل الطبقات بل اللغة المشتركة مجتمعيا في كل الإنشطة حتى رغم التفاوت الطبقي.

هل نحن في غربة أم الغربة أصبحت بداخلنا؟ أردت طرح هذا السؤال على الجميع من خلال تلك التدوينة.


No comments: