Sunday, July 15, 2018

قنبلة المعرفة العنقودية

  • كنت صغيرا لا افهم معنى القنابل العنقودية وعليه فقد توجهت بالسؤال إلى احد اقاربنا رحمه الله وقد شرح لى فكرة القنبلة العنقودية حينها ببساطة شديدة  تناسب عقلى الصغير حين ذلك قال لى تصور أن القنبلة عبارة عن بلية كبيرة فأن القنبلة العنقودية عبارة عن بلية ضخمة حينما تنفجر تلك البلية نخرج منها بلى اصغر وهكذا البلى الاصغر يخرج منه بلى اصغر بحيث تصيب اكبر مساحة قنبلة وطبعا البلي هنا عبارة عن قنابل اخرى تنفجر وعليه فإن المساحة التدميرية لتلك القنبلة تزداد وتزداد.
  • وحينما سئلت من قبل لماذا تقرأ قلت أن المعرفة عبارة عنقنبلة عنقودية ولأن من يسألنى لم يكن يعرف معنى العنقودية مثلى وانا طفل فقد شرحت له الأمر ببساطة ولكنه لم يفهم معنى أن تكون المعرفة قنبلة عنقودية فشرحت له مرة اخرى انك حينما يتبادر فى عقلك تساؤل ما فأنك تحاول أن تجيب عنه من خلال قراءة كتاب لكنك حينما تنهى هذا الكتاب فإن الكتاب الجديد يطرح امامك المزيد من الاسئلة التى تجتهد فى البحث عن اجابات جديدة لها وهكذا دواليك فى عملية لن تنهى وضربت مثالا بكتاب شخصية مصر لجمال حمدان فحينما تقرأ النسخة الأولى التى كانت عبارة عن كتاب صغير يعتبر سفرا فإنه يحدث لك نهما لقراءة الموسوعة الشاملة واجزاءها وحينما تقرأ الموسوعة فإن اسماء مثل محمد شفيق غربال الذى قال عن مصر انها هبة النيل والمصريين ردا على مقولة هيرودوت انها هبة النيل فقط وحينما تغوص قليلا فى الكتاب تجد كتابا آخر تريد أن تقرأه هو سندباد مصر لحسين فوزى وهكذا وربما هذا هو اهم الاسباب فى تشكيل وعيى الشوفينى!
  • واضفت له حينما يتكلم البعض  عن ابن تيمية وفتاويه فأنت تبحث عن الرجل وتبدأ فى قراءة فتاويه ومن ثم تحاول ان تقرأ نقدا محايدا وتستمر العملية ايضا فى نهم لا ينتهى او حتى حينما تتابع كتب مثل الفريضة الغائبة او معالم على الطريق فأنك ربما تجنح قليلا إلى أن يكون لديك وعيى اصولى!
  • وربما الأمر اسوأ تاريخيا فانت حينما تريد ان تلقى بنظرك على حقبة تاريخية ما ولنقل مثلا الحقبة الناصرية فأنت لن ترى الحقيقة من خلال ان تقرأ لاحد من عرابى الناصرية مثل هيكل ولكنك تحتاج إلى تقرأ كتب اخرى مثل مذبحة الابرياء لوجيه ابو ذكرى وهكذا يتشكل وعيك او تستطيع ان تقول أنك تكون رؤية ما عن هذا الحدث.
  • وقد يقول قائل لكن الروايات لا تقدم تلك الرؤى لكن دعونى اضرب مثالا بسيطا لعملين من اعمال رضوى عاشور ثلاثية غرناطة وكيف أنك تعيش داخل منمات الحياة فى الاندلس كأنها امامك كذلك فى رائعتها الأخرى الطنطورية فأنك تعيش المأساة الفلسطينية كما انها امامك وتعرف تفاصيل الحياة حتى بالأعمال اليدوية الفلسطينية التى سطت عليها اسرائيل ونسبتها لأنفسها فى عملية منظمة لنزع الهوية.
  • وهكذا تظل تسافر فى رحلات طويلة داخل الكتب والروايات  تبحث عن الاجابات او تطرح اسئلة جديدة ويمتلئ وعيك بالمزيد من الأفكار والرؤى وقنبلة معرفتك تبقى متفجرة ربما تضئ سراج عقلك وتشكل وعيك وكل يوم تشعر بالتضاؤل أمام حقائق الكون والحياة والمعرفة وتدرك أنك مهما حاولت لست سوى انسان لديه من العلم إلا أقل من القليل!

No comments: