- هل حينما سألت كتاب حصلت على الإجابة النهائية أم الكتاب يسلمنى إلى كتاب آخر لأجد نفسى غارقا فى بحر لا ينتهى من الكتب ،ربما كان اختيار العنوان تذكرة بتهافت الفلاسفة للغزالى أو تهافت التهافت أو قد ينتهى بى الأمر إلى حرق كل الكتب كما فعل الغزالى فى رحلة بحثه عن الحقيقة أو أنك حاولت أن تجدد حياتك مع الغزالى الصغير (الشيخ محمد الغزالى)النسخة الإسلامية لكتاب دع القلق وأبد الحياة لديل كارينجى ،واقرب إليها ايضا نسخة عائض القرنى لا تحزن ،او قد يحاول البعض أن يترصدك ويقول أنك صوفيا حينما تذكر الغزالى أو إبن عربى او الجيلانى او حتى النفرى لكن من يعرف أنك قرأت لمحمد عبد الوهاب سوف ينظر إليك شذرا ويظنك سلفيا ، وأنك اكملت الرحلة مع سيد قطب فى معالمه على الطريق او حتى فى ظلاله عن القرآن لظنوك جهاديا ،لا يعرفون أنك تبحث عن الحقيقة تقطف من كل بستان زهراته تحاول أن تكون نحلة كتب او دودة لا تعرف لكنك لن تكون مسلما بشرطة تتحيز إلى فكر معين ستبقى مع الأمر الإلهى بالإعتصام.
- تبدو القراءة دوما لى كفريضة الأمر الإلهى الأول فى أول سورة قرآنية أنزلت أو حتى فى البدء كانت الكلمة كما فى سفر التكوين بوصفنا فى الديانات السماوية كلنا نعبد إلها واحد لكننا نصل إليه بطرق شتى الله وحده يعلم أيها الصحيح لذلك فالمسلم يبحث كل يوم عن صراطه المستقيم فى قراءة فاتحه الكتاب ما لا يقل عن سبعة عشر مرة فى فرائض الصلاة فضلا عن ما قد يأتيه من نوافل،ربما هى القراءة هى الوسيلة لمعرفة الإله حيث أجمع كثير من المفسرون أن عباده الله الحقة هى عبادة معرفة عرفت الله فقدرته فعبدته ،القراءة هى البداية التى تجعلك تتفكر وتسلمك إلى العمل والعمارة كخليفة على أرض الإله أو جزءا من كونه.
- أجدنى غارقا كل يوم فى بحر لا ينتهى من الكتب ربما كتبت لكم من قبل عن يوميات القراءة وكذلك عن برنامجى اليومى فى القراءة ،أحاول كل مرة أن ارسى على شاطئ ولكنى اجد نفسى إبحر من جديد فى بحور من الكتب لا تنتهى لا ترسى بى على شط.
- فى قراءة الدين الإسلامى أن تتعلم القواعد وتحاول الفهم الصحيح لدينك ،فى قراءات الأديان الأخرى أنت تحاول أن تتفاهم كيف يفكر الآخرون أو كيف يصل الآخرون إلى الله بطرقهم المختلفة ،أو حتى حينما تقرأ فى المتافيزيقا الإغريقية وتسبح مع تلك الإلهة التى تبدو بشرية فى طبعها ،فى قراءة العلم أن ابدو مفتونا سحر الأعداد والأرقام والاحصاءات اجدنى انفصل عن الواقع واغرق هناك بين رسمة مثلث ومربع ودائرة حكمة! ، حينما تحاول أن تتفهم العلوم وتبسيطها تجدك غارقا هناك ربما تجد نفسك صوفيا لا يملك إلا أن يتمتم عقلك بكلمة "الله" كتسبيحه على ما تظنه تفهما للعلم الإلهى.
- هل ارضيت شوفينيتى بموسوعة شخصية مصر لجمال حمدان أم احلم بان اكمل المسيرة مع سندباد مصر أو مع شفيق غربال الذى قال أن مصر هبه النيل والمصريين ليست هبة النيل فقط كما قال هيرودوت.
- قد تجد استراحتك فى رواية ولكن كل يوم تجد نفسك تكتشف عالما جديدا لكاتب أو كاتبة ربما افردت مقالا من قبل عن الكاتبات فى ملك اليمين ربما تعلق دوما بذهنى طريقة كتابة إيزابيل الليندى الشبيهة بالراقصة اللاتينية التى تجعل عقلك يدور معها أو منمات رضوى عاشور التى تعلق بذاكرتك وتضبط نغمتها على مؤشراتك الداخلية ،لكنى فى اكتشاف عوالم مثل عالم الحكى عند ماركيز أو عالم البساطة عند باولو كيلو أم تكتشف عالما جديدا عند أومبرتو أيكو أو حكى آخر بطريقة ماريو بارغاس يوسا أو تتخبط مع عميان خوسية ساراماجو وتعيش عبثية حياة فى الآخر مثلى أو حتى كل الأسماء ،هل جربت كآبة كافكا أو جلست على شاطئ مع كافكا اليابانى هوراكامى ،هل تتبعت كتب ادباء نوبل وكتب الجوائز هل جلست مع اورهان باموك فى قلعته البيضاء تعيش الفكرة التركية بين قدم الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية وتبحث عن نفس المعنى فى أسمى أحمر أم تعيش احلام تركيا فى جودت بك وابناؤه على نمط ثلاثية نجيب محفوظ ، أم تعيش مآسى الانقلابات التركية كشبح لمآسى عربية اخرى فى قطع الثلج أم تظل تمشى فى متحف البراءة وراء آثار الحبيبة ، هل تهت مع أمين معلوف فى رحلة بحثه عن جذور عائلته فى أمريكا اللاتينية ، أو عشت مع يهود اليهود واقفا على باب الشمس مع إلياس خورى، أم قاتلت مع ثورية غسان كنفانى وبكيت على القضية وتسألت لماذا لم يدقوا الصندوق فى رجال فى الشمس او حتى عشت مآساة الحرب اللبنانية مع ربيع جابر فى طيور الهوليداى او حتى عشت فى عالم بيروت مع مدينة العالم.
- تلجمج كثافة تشيخوف فى قصصة القصيرة تبدو القصة كقطعة من البسبوسة بالبندق مغلفة بالقشطة لكنها ليست دسمة فتسيح فى عقلك كقطعة جيلاتى تتسرب إلى عقلك بكل بساطة ،هل لدى أزمة هوية وأنا احدثكم عن بعض الكتاب الأجانب الذى أقرأ لهم لكن الواقع المصرى تبدو قصص ادريس اقرب إلى تشيخوف يبدو عالم نجيب محفوظ ملئ بالشيفونية المصرية والفلسفة فى آن واحد مزيج لم يقدر أحد مثله أن يفعله ، قد اشعر بالوله مع قطع مجوهرات الرافعى الفنية التى تحلق بك فى عالم لغوى خاص ، مع تعقيدات العقاد الشديدة الدسامة ،مع قوة كلمات المنفلوطى وتمصيره لقصص الحب الغربى بعبارات لغوية جزلة ،مع يحيى حقى أنت تكتشف ثراء اللغة العربية يبدو أنه كشف عنك الغطاء بزيت قنديله او كأنه ارسلك مع بوسطجى إلى عالم آخر ،هل جربت أن تجلس فى برج عاجى مع توفيق الحكيم أم تحت مصباحه الأخضر أم بحثت معه عن مصيرك الإنسانى فى مصير صرصار أم تهت بين عودة الروح بتبشيره بالثورة وعودة الوعى بقتل حلم الناصرية ووجدت نفسك جالسا فى النهاية فى بنك من القلق!
- لقد آنست كثيرا بكلمات إحسان عبد القدوس وكنت اراه يشرح عقل المرآة كما لم يفعل أحد يبدو أنه فهم لماذا تلبس هذا الفستان كما فهم كيف أن اسنانها بيضاء ،هل جربت معى أن تزور أرض النفاق مع يوسف السباعى ،هل سافرت فى رحلات انيس منصور إلى العالم الحقيقى أم فى ماوراء الطبيعة مع الذين عادوا إلى السماء أو لعنة الفراعنة هل قضيت وقتا ممتعا مغامرى على سالم المختلفون حتى مع الصدمة من تطبيعه مع الكيان الصهيونى لن تنسى كتاباته التى كانت سببا فى بدايات قراءاتك مثلها مثل مجلة ميكى التى تسلمت جوائزها لثلاث مرات وكنت سعيدا وأنا اسير فى شارع نوبار منذ عدة أيام عابرا بدار الهلال كمكان زرته صغيرا ، هل تعيش يوتوبيات قرائية بداية من توماس مور مرورا بجمهورية فرحات نهاية بيوتوبيا احمد خالد توفيق الذى يبدو أنه قرأ الواقع الذى سيوصلنا إلى العاصمة الإدارية هل عشت فى رباعيات الخيام كما تمتعت بربعيات صلاح جاهين ببساطة كلماته وتعجبت من سخرية الولد الشقى محمود السعدنى.
- هذه عينة بسيطة قد تتطاير اسماء أخرى ملئت عقلك بالحكمة أو ما تظنه حكمة ،تنظر إبنة أختى إلى وتقول لماذا تقرأ كل هذا وتحاول أن تجد اجابات لا اجد إجابة شافية ربما هو نوع من الادمان إن كنا نعيب عن من يدمنون الدخان ومشتقاته ونطالبهم بالتحرر ببداية جديدة فربما كان هذا ادماننا الذى لا ينتهى التى أتمنى أن لا أكون فيه مجرد حمار يحمل آسفارا!
Thursday, July 7, 2022
تهافت الكتب
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment