Friday, March 11, 2022

20-حرف النون

 

   

قاد السيارة سريعا قافلا فى طريق العودة بدا صامتين غير صوت هنات تجفيف دموعها وحفيف ترتيب ملابسها ،ولم يقطع الصمت الا حينما طلبت أن تنزل بالقرب من البيت بحيث تترجل المسافة الباقية ،لم يعلق وحينما همت بالنزول من السيارة طلب أن تتصل به عندما تصل ،قالت بحدة ارجوك أنا محتاجة اكون لوحدى...

ظل فى مكانه لا يبرحه وهى تتحرك أمامه إلى طريق بيتها لم يعرف كيف انزلقوا إلى هذا المنعطف فى علاقتهم ،كانت تسير وهى تحمل شعورا بالدنس يلفها شعورا ما بسقوط داخلى تحاول أن تمحو آثار نحيبها تتصور أن كل من حولها يفهمون ماحدث يبدو الأمر شديد الصعوبة حينما تشعر بأنك رخيص.

حاول الاتصال بها لكنها لم ترد ،طوال الطريق إلى منزله يحاول الاتصال لكنها تجاهلت رناته كان يريد أن يشرح لها أن الأمر لم يكن له يد كان تحركا عفويا لم يعد يفهم كيف يشرح فكرة انه شئ عفوى كانت لحظة انجذاب ... حينما تغلف حياتك بالمنطق والحسابات تعجز حتى عن تفسير ماتفعله لنفسك ليس لديه قناعة حتى بذلك المنطق حتى يشرحه ،لوهلة ظن انها تتجاوب معه لكن لما فعل ذلك؟ اسئلة واجابات ظل يبحث عنها حتى بعد أن ركن السيارة بالقرب من المنزل وظل بها يحاول الاتصال وهى لا تجيب وواصل اتصالته حتى  أغلقت الخط.

جلس فى السيارة لا يدرى ما يفعل ،لم يكن هكذا من قبل ويعرف معنى ما فعله جيدا لقد وصلت علاقتهم إلى نقطة يجب اتخاذ طريق صحيح لها.

ترجل إلى منزله مر بمحل الجواهرجى التى تتعامل معه الاسرة ،حينما رآه صاحب المحل هم بتحيته فجميع اخواته ووالدته والمعارف يتعاملون معه فى البيع والشراء والتصليح وكل الفواتير باسمه هو شخصيا والرجل دوما يسلم عليه ويقول له أنه يتمنى اليوم الذى يشترى به الشبكة من عنده ،اومأ إليه بالتحية وتحرك بعيدا لكنه تفكر فى نفسه أن ما فعله يحتاج إلى اعتذار ،والاعتذار يحتاج إلى هدية ،هو ببساطة يسير على كلامها بما أن اذن!

ومضت فى ذهنة فكرة الاعتذار وعاد إلى إلى المحل واستقبله الرجل باشا كعادة اهل البلد وبادره اتفضل يا استاذ طارق لازم تشرب حاجة.

فرد عليه ضاحكا انه قادم كزبون.

فعلق يا راجل انت صاحب محل ،يبقى هيتم المراد بقى ونفرح بيك على خير انت عارف انا مستنى بقى فاتورة تكون بأسمك وتكون بضاعتها بتاعتك.

يامقدس عماد دعواتك لينا بس أنا فى الحقيقة فى حد قاصدنى طالب منى حرف هدية صغيرة كده لخطيبته قلت اسعده بالاعتماد على حضرتك وافتكر انه يعنى هى بحرف النون يعنى موش فى حروف ذهب بتبقى باسماء حروف او حتى بأسماء اشخاص.

شوف يا استاذ طارق الحاجات العربى دى لازم تكون بالطلب أأمرنى واعملك اللى انت طالبه لكن لو مستعجل يبقى تاخد الحرف اللى على الاسم بالانجليزى لأن غالبا بيكون فى عندى منه.

فيه حروف انجليزى جاهزة اتفضل نشوفلك المطلوب.

حينما ومضت فى ذهنه فكرة الاعتذار تصور انه يستطيع أن ينسج لها شئ خاص بها او يكتب حرف او حروف اسمهم معا ،وقفز فى ذهنه التكاليف لكن الفكرة ربما لا تكون جيدة لأن الهدية لن تبدو قيمة.

اخرجه الجواهرجى من شروده يتهيألى تقصد حرف N هو النون موش كده. ناوله عده حروف ذهبية مشغولة على شكل حروف اللغة الانجليزية باحجام مختلفة بعضها سميك بعضها رفيع وبأحجام مختلفة.

وجد حرف N  لكنه كان صغيرا جدا ،مافيش حاجة اكبر.

اطلب يا استاذ طارق وانا انفذلك اللى انت عايزة بس لو عاوز النهاردة ده اللى موجود.

أنا فعلا الراجل قصدنى وأنا عاوز اخده معايا بكره الصبح.

للأسف ده اللى موجود بس يا استاذ طارق هو موش حاجة قيمة اوى ،وكمان ده عيار18.

الحرف بالفعل صغير لكنه قرر أن يتشريه وياترى ده بكام.

يا استاذ طارق الحساب عندنا.

ياعم عماد خيرك دايما علينا سابق لكن أنا بس علشان اجيب الفلوس من البيت لو موش معايا يكفى.

يا استاذ طارق عيب عليك ده محلك.

ظلا فى مجاملات وحوارات البيع والشراء حتى اتم الصفقة وكان معه ما يكملها ووضعها فى علبه مخملية زرقاء لا يدرى لما اختارها زرقاء رغم أن الرجل قال له أن الحمراء افضل طالما للخطيبة وانتهت الصفقة بدعوة الرجل الدائمة ان يكون له حظ ويشترى منه الشبكة.

فى العشق أنت تحب التفاصيل تحب تفاصيل المحبوبة تحب ان تنسج تفاصيل خاصة بك حولها تحب أن تنسج عالم خاص بكما ،حينما جاءت الفكرة إلى ذهنه تصور انه يتسطيع ان ينسج شيئا خاصا لهما ،اصبح يفكر بشكل جمعى لم تعد هى لم تعد هو حتى وهو يفكر أن ينسج لها فإنه يريد أن يصنع عالمهما الخاص.

فى الصباح ذهب مبكرا إلى مكتبه كالعادة ،ارسل لها العديد من الرسائل حاول الاتصال على كل التليفونات لكنها لم ترد فى النهاية ارسل رسالة انه سيكون فى نفس مكان اول لقاء بعد عمله ولم يتلقى رد.

حينما دخلت اول زميله له إلى مكتبه ذلك الصباح كان مازال مترددا بشأن الهدية التى فى جيبه فتصور أن يسألها عن رأيها فيها.

حينما رد على تحية الصباح طلب منها أن يأخذ رأيها فى شئ قالت له خير

اخرج العلبة الزرقاء من جيبه ،قال له ان صديق له طلب منه خدمة بالأمس أن يشترى تلك الهدية لخطيبته وانه اشتراها له لكنها لم يعرف اذا كانت جيدة أم لا دى حاجة محتاجة خبرة نسائية ،تبدو قصته غير مقنعة بالمرة لكن صديقته نظرت إلى العلبة نظرة نسائية متعمقة وقالت المفروض العلبة تكون حمراء يعنى دى رسالة حب المفترض يعنى الحاجة التانية مسكت  الحرف فى يدها كانها توزنه ده خفيف اوى يعنى كناية عن البخل الستات فى الحكاية دى موش بيهزروا لو صاحبك مالى ايدوا من خطيبته اقل واجب ح يسمع كلمتين موش يعجبوه ،كمان حروف الحرف حادة أوى يعنى موش ينفع يكون فى سلسلة وتتعلق فى الرقبة.

للأسف لم تبرد قلقه لكنه لن يتراجع عن الفكرة ،واخذ يشكرها ويحاول أن يصرف نظرها عن عدم قناعة القصة يا ستى أنا مالى أنا عملت اللى عليا على قد فلوسه ،وهرب سريعا من نظرتها واخذ العلبة وخرج من المكتب حتى لا توجد فرصه للكلام مرة ثانية.

عقب العمل كان مرابطا فى مكان اول لقاء جلس وطلب قهوة وطلب الدانش التى نصحته به فى اول لقاء وهو ينتظر منها أى رد بعد أن اصبح التليفون متاحا اخيرا ،وحينما همت بالرد لم يترك لها اى فرصة للكلام ندى أن منتظرك ولا داعى لأى حديث فى التليفون وفرى أى كلمة.

رغم اعتراضها ظلت منومة مغناطيسية ورغم ما عانته طوال الليل من شعور بالدنس وجدت نفسها تهم بالذهاب لم تفكر كثيرا فيما ترتديه وضعت نفسها فى اول بنطلون جينز وجدته امامها وبلوزة لم ترتديها منذ سنوات واسعة ربما ارادت ان تتبرأ من كونها انثى أو انها تصور نفسها ذاهبة فى معركة فارادت ان تتخفف من انوثتها.

على عينيها نظارة شمس دخلت إلى المكان الذى يجلس فيها وكان يجلس داخل المحل وليس خارجه وكانت قادمة بسرعة وبتحفز بدا فى خطواتها السريعة تجاهه وقفت أمامه وقالت خير يا استاذ طارق.

هم بالوقوف ارتاحى لو سمحتى ،سحبت كرسيا وجلست لم تخلع نظارتها الشمسية التى لم تخفى احمرارا حول عينيها يوضع ما عانته من سهاد ودموع ليلة أمس.

اخرج العلبة من جيبه وضعها أمامها أنا اسف صدقينى كل شئ حدث دون ارادة منى!

كانت غاضبة وحاولت أن تهم بالوقوف وهى تقول حضرتك بتدفع ثمن ما فعلته ولا ايه انت فاكر ،أشار لها أن تجلس  ارجوكى اسمعينى بهدوء ... لم تتحرك من مكانها افتحى بس العلبة اعتقد موش ح تعجبك!

جلست ومدت يدها إلى العلبة رغم كل ثورة الغضب ورغم ترجمتها السيئة إلى انها فتحتها واخذ هو يقول انه اسف صدقينى مكنش فى فرصة اجيب حاجة افضل من كده يمكن كان نفسى اجيبها بأسمك او اجيبها بحرف النون علشان أزمة الهوية وبعدين قلت امشيها شعارات زى ما بتقولى.

خففت تلك الجملة جو التوتر رفعت النظارة الشمسية ونظرت اليه ،كان لقاء عيون مسهدة وحزينة معا ،وقالت انها لن تستطيع أن تقبل تلك الهدية وأنها قادمة لانهاء هذا العبث.

قال بكل ثقة ليس هناك نهاية لما تسميه عبث ،ماحدث يوجب علينا أن نتخذ الطريق السليم...

وقبل أن ترد اعتبرى هذه الهدية البسيطة والتى قالت لى زميلتى انها هدية شخص بخيل موافقة على طلب التقدم ليديك اذا كنتى تفضلى الطريقة الغربية فى أن اجلس على ركبتى واقدم واعلنها صراحة امام الناس هنا فأنا على استعداد لفعل ذلك ،لكن شرقيتى وهويتى يجعلون المحبوبة سرا لا يجب البوح به وعلاقتنا ليست مادة للفرجة أمام الجمهور.

بدا أن جو التوتر قد زال وانها لاتصدق ما يقول واصبحت مشاعرها ملتبسة بين أسى على ما حدث وخجل من عرضه وفى نفس الوقت فرحة بدت من خلال صفحة وجهها ابتسامة عابرة بددت كل اجواء التوتر فى المقابلة ولم تقل شيئا.

اردف قائلا السكوت علامة الرضا ،نظرت اليها تحاول أن تقول شيئا لكنها عجزت عن الكلام

ربما اخرجهم من تلك اللحظة قدوم الجرسون فبهنها سويا قليلا ثم قال لها مبتسما أن جربت الدنش زى ما قولتيلى اختار انا بقى تحبى تاخدى ايه اجيب ليمون اعتقد معندهمش شربات ...لم يترك لها أى فرصة للرد ووجه كلامة إلى الجرسون سريعا اتنين فراولة لو سمحت!

لم تستطع أن تهرب من نظراته الفرحة على وجهها تفضحها الخجل يمنعها أن تقول شيئا ،ركزت وجهها ناحية العلبة ولمح نظرتها لها أسف أنا عارف ان الحرف صغير يارب يعجبك يمكن يعجبك علشان أزمة الهوية؟!.

 

 

 

 

No comments: