على وجهه ابتسامة بلهاء بسبب تذكر اغنية شعبيه سمعها فى ميكروباص وكانت مضحكة وعلقت كلماتها فى ذاكرته "لما الجو احلو وراق رقصت انا مترو الانفاق"!
17-مترو
لم تفهم لما سالت تلك الدموع من عينيها بعد غلق الخط تشعر أنها ربما كانت هشة أو أنها هي ايضا اردت أن تراه بشدة وأنه بدل غير مكثرث ،حاولت جاهدة أن تعود إلى حياتها ربما الأعمال المنزلية هى ما سوف تخرجها عن التفكير فيه وحينما همت باداء ما تعودت عليه جاءها تليفون من نادية وردت عليها ببرود وحاولت نادية الاعتذار وطلبت أن تزورها اليوم ليلا فتحججت انها مازالت ترغب فى ان تبقى وحيدة ،والحت نادية انها ربما لم تقبل اعتذارها فقالت لها كلمينى بالليل لازم اسيبك بس علشان ورايا شوية شغل فى البيت.
بقى هو فى مهرجان الاسرة شبه الاسبوعى حيث تتجمع الاخوات مع الاب والام حول المأكولات الاسرية وحول احتفال عيد ميلاد الحفيدة لكنه لم يكن هناك كان يود أن يهرب سريعا ليقدم لها الاعتذار فكر فى أن يرسل لها رسالة لكنه احجم ولم يرد يظهر أن هناك ما يشغله خاصة انه شعر ان التسريبات الاسرية تظهر فى بعض حوارات الاخوات.
انهت هى يومها وعادت إلى السرير تقرأ فى احدى روايات الادب الانجليزى ،لكنه عاود الظهور فى عقلها حيث تذكرت كلامه عن أزمة الهوية ورغم كل ما تشعر به من أسى تجاهه إلا انها ابتسمت ،وقررت ان تحاول أن تنساه وتشغل وقتها ليلا مع نادية لكن حينما جاء المساء وجدته يحاول الاتصال ولم تستطع أن تقاوم عدم الرد وحاولت أن تكون غاضبه وهى تكلمه لكن قلبها كان سعيدا.
-بادرها بقوله لسه زعلانة.
= ازعل من ايه ؟! انا خلاص بقيت متأكده انك رجل الشعارات الاول فى بر مصر.
- ارجوكى لازم تفهمى احنا لم نتفق اليوم اللى قبله اصلا انتى اديتنى شعور انى الححت زيادة وانهينا المكالمة بلا اى اتفاق.
= موش بقولك شعارات.
- على العموم احنا لسه فيها بكرة اجازة وممكن اكون معاكى من أول النهار.
= ومين قال اننا حنتقابل يا نونو تانى.
- ارجوكى بلاش حكاية نونو دى.
= خلاص يا young Man ..
- ارجعلك لمعادلاتى ونظرياتى من تانى.
= لا يا سيدى الأمر لا يحتاج سوى أنك انت نفسك تراجع شعاراتك وتسيب النظريات فى حالها.
- طيب بكرة بعد صلاة الجمعة ايه رأيك اعوضلك امبارح.
= لا حضرتك فرصك راحت.
- فرصة كمان للـ Young Man.
= لم تتمالك نفسها من الضحك وعلقت ايه أزمة هوية موش كده!
- خلاص بكرة بعد الصلاة اجى بالعربية واخدك من عندك وانتى اختارى المكان اللى نروحه معلوماتى فى مصرالجديدة موش كبيرة.
=نفكر ..
-لا موش كل مرة لازم ناخد ميعاد علشان ميحصلش لخبطة
= ايوه ناخد ميعاد علشان تخلفه!
سريعا شرح له كيف كان يومه وكيف ارتبط مع الاسرة وطلب منها أن توافق على اللقاء ،ولم يصدق نفسه حينما وافقت ببساطة وان كانت جعلت الميعاد فى نهاية اليوم، لكنها كالعادة رفضت فكرة العربية.
= انت ركبت "الزقزوقة" ان نفسى اركب مترو الانفاق من سنين مركبتوش يمكن الخط الاول بس لكن خط شبرا ده انا بسمع عنه بس.
- أنا مركبتش زقازيق؟!
= ياعم ده الاسم الرسمى لمترو مصر الجديدة من اهلها ،موش انت كنت بتقول بتحب الهزة بتعته اهى دى بقى الزقزوقة!
- خلاص دى فرصتى بقى علشان اكون مرشدك السياحى زى ما انتى بتعلمينى الزقزقة.
= قالت متهكمة ايوه عايزاك تذاكر كويس صفحة المترو فى الكمبيوتر بتاعك ،بس انت موش بتزقزق انت "زن زن".
استكملا الحوار كأن شئ لم يكن واستمرت هى تداعبه متهكمة وتعالت الضحكات مرة اخرى ونسيت ان دموعها كانت قريبة واثلج صدره انها تفهمت كل شئ واغلقا الخط على ان يتفقوا غدا على ميعاد اللقاء.
وحينما اغلق الخط لم يكن يفهم كيف استطاع أن يجتاز غضبها بهذا السهولة وكيف أنه كان حريص على أن لا يغضبها وتكبده عناء اعتذار عن شئ من وجهة نظره لم يكن له يد فيه.
وكانت هى مندهشة انه يستطيع ان يجعلها فرحة ويستطيع ان يبكيها بكل هذه البساطة.
وقررت أن تؤجل لقاء نادية مرة اخرى حينما طلبت الحضور ليلا وقررت ان تبقى وحيدة تفكر فى لقاء الغد.
لكنها فى الصباح عادت إلى ترددها حينما اتصل لم يفهم لم بدت المكالمة اقل انسيابا وكأنها مازالت غاضبة قال انه سوف يحضر إلى مكان قريب فى مصر الجديدة وياخذها لاقرب محطة مترو، ولكنها اعترضت فكر فى أن يشرح لها ان تركب تاكسى لاقرب محطة مترو وتغير المترو لكنها قالت له انها ممكن ان تتوه خارج مصر الجديدة.
فى النهاية اتفقت معه ان تقابله فى محطة مصر المكان الاقرب الوحيد الذى تعرفه فى شبرا ،وبعد أن يأس من المجادلة قرر الموافقة على أن يتقابلوا فى الخامسة.
حاول جاهدا أن يفكر فى مكان قريب يجلسوا فيه لكن لم يكن يعرف أى مكان يقابل فيه أنثى كانت كل خروجاته مع اصدقائه فبدا حائرا فى النهاية تصور انها تريد أن تركب المترو فربما فكر فى اقرب محطة للكورنيش واخذ يفكر فى انهم من الممكن أن يذهبوا إلى اى كازينو على الكورنيش لكن يبدو أن خياراته فى منطقته ايضا محدودة فهناك واحد فى اول شبرا كان ملحق به مدينة ملاهى كان والده يأخذه إليه هو والاسرة والثانى بالقرب من منطقة الوكالة يعرفه لأن كان به فرح احد اقاربه ولم يكن يعرف لماذا اطلق عليه كازينو الشجرة!
اخذ يفكر فى كيف يقنعها أن يخرجوا من المترو وكيف سوف ينتقلوا اذا رفضت ... استقر فكره أن يركن سيارته بالقرب من محطة مترو فى حال وافقت ،وهكذا ركن سيارته بجوار محطة مترو مسرة واستخدم المترو للوصول إلى محطة مصر.
وقف ينتظرها امام محطة مصر يتفكر فى ذهنه كيف سيتجاذب اطراف الحديث معها، هى كانت حائرة لما وافقت بهذه السهولة واستقرت فى النهاية على ما ترتديه بعد عدة تغييرات بدا كلاهما يسيران فى اتجاه تسريع تلك العلاقة كأنهم منومان مغناطيسيا المهم أن يستمروا بغض النظر عن عدم القناعة.
فكرت أن تأخذ سيارتها وتركنها فى المحطة كانت تعرف أن هناك جراجا هناك لكنها قررت ان تاخذ تاكسيا لأنه ببساطة ممكن ان يطلب أن يركب معها وهى قد لا تمانع كانت صريحه مع نفسها أنها ربما اطالوا الوقت مثل المرة السابقة، لذلك حينما خرجت من التاكسى ووجدته فى الانتظار امام المحطة كما اتفقا قالت له انهم لن يطيلوا الوقت يجب أن يكون حيز المقابلة فى حدود الساعة اومأ موافقا وهو يفكر كيف سيقنعها ان يذهبوا إلى سيارته.
حمد الله أن المترو فى يوم الجمعة كان خاويا فقد فكر لوهلة أن يجعلها تركب عربة السيدات بالمترو ولكن لن يكون هناك معنى للقاء وبدا شاردا فى افكاره حيث لم يتكلموا حتى قطع التذاكر وتوجهها إلى المحطة حتى أنها علقت ساخرة ايه الكمبيوتر النهاردة عطلان ولا ايه!
- لا أنا بس بجهزلك برنامج الرحلة قال ضاحكا...واخذ يقول لها أنه قبل أن تأتى كان يفكر أن الميدان له عدة اسماء رمسيس ومحطة مصر ومحطة مترو مبارك وباب الحديد !
فعلقت مندهشة ايوه كده طمنى على الكمبيوتر وقلت انها طول الوقت تعرف محطة مصر لأنها كانت بوابة السفر لاسكندرية وحينما كان تمثال رمسيس موجودا كانت تستمتع برذاذ الماء وهى صغيرة حينما تأتى للسفر إلى الاسكندرية.
وقفا فى انتظار المترو واخذ يشرح لها أن الفكرة أننا مثل المصريين القدماء يأتى حاكم فيمسح اسم الشخص الذى قبله لذلك فالميدان تسمى بعدة اسماء فوق رمسيس وتحت محطة مبارك وبالنسبة للمصريين كافة اختاروا الاسم الذى يعرفونه أنه باب الحديد كناية أنه اضيف باب جديد للقاهرة ولكنه باب الى السكة الحديد.
كانا الاثنين محرجين وهما يسيران معا بدا هو اكثر قلقا فمن الممكن أن يقابل اى احد مما يعرفه فشبرا هى منطقته وبدت هى سعيدة حاول أن يساعدها فى ركوب السلم الكهربى لكنها سحبت يديها سريعا وقالت لا تقلق ان باستخدمه من أيام مكنش فيه الا واحد فى مصر من أيام عمر افندى وسط البلد.
وصلا إلى محطة مسرة اسهب فى شرح أن الخط القديم كان عبارة عن تصميمات فرنسية لذلك جاءت كافة المحطات الكبرى باسماء زعماء مصر وكانت تحمل الطابع الفرعونى وتم رسم القيشانى بها من خلال الكمبيوتر ليصنع اشكال فرعونية بل أن محطة السادات بها تماثيل فرعونية ،قالت لها انها رأتها من قبل ،واسهب أن محطات مترو شبرا تم تصميمها بشكل تشكيلى فكما ترين محطة مسرة تحمل رموز العين والفم والاذن كناية عن وجود مستشفى بالقرب من المحطة.
ايوة بس انا عارفه أن لا ارى لا اسمع لا اتكلم ده مثل صينى ،جاوبها انه يسمى المحطة بأسم خاص "المزرعة الصينية" قالت له انه تعرف الاسم من قبل ،لكنها لا تتذكر ما هى تلك المزرعة قال لها انها احدى معارك حرب اكتوبر ،اردفت انها بالفعل تعرف الاسم من والدها حينما كانت تحاول أن تفهم الكثير من الامور العسكرية لمجاراة خطيبها فى ذلك الوقت.
وحينها كان قد وصلا إلى محطة روض الفرج وقال لها أن المراكب ترمز إلى أن المكان كان من قبل احد فروع النيل.
وقالت متهمكمة وانت يا ترى بتسميها ايه؟ قال لها انه يسميها يا مراكبى
دى اغنية محمد منير بس الشريط ده انت اكيد كنت صغير جدا علشان ده تقريبا 86 انا فاكراه كويس كان اسمه برئ.
شوفى تقدرى تقولى انى ما بسمعش إلا لاتنين محمد منير ومحمد جبريل.
مين محمد جبريل ده؟ قال ببساطة مقرئ قرآن ،تقريبا اخواتى الاكبر هما اللى كانوا بيسمعوا محمد منير يمكن علشان كده انا بقيت اسمعه بس انا احترفت محمد منير من بعدهم.
وحينما وصلا إلى محطة سانت تريزا قالت له دى قلبنا المقدس قلتلى عليها فى اول كلامنا على النت وفر الكمبيوتر للمحطة اللى جاية.
لم يتبقى سوى محطتين بس أنا عندى فكرة انا كنت راكن العربية ..
قاطعته بحدة قبل أن يكمل انسى موضوع انى اركب العربية من دماغك!
خلاص فيه كازينو قريب من محطة المظلات ممكن نقعد نشرب فيه حاجة.
موش ينفع ؟
اعترضها سريعا انا قعدت فى بلدكم يبقى لازم تقعدى فى بلدنا دى سلو بلدنا.
قالت ضاحة ياسلام على بلدكم!
خلاص اتفقنا.. ننزل محطة المظلات بس ح نمشى شوية لحد الكازينو على النيل.
على فكرة احنا لم نتفق على شئ؟ ثانيا الوقت..؟
رد سريعا حضرتك احنا بالظبط لم نكمل عشرين دقيقة معا يعنى لسه فاضل 40 دقيقة
حسبهم بالثانية حضرتك ،بس انا عارفة حسابات النصف ساعة بتاعتك دى توقيت طارقى !
ضحكا معا وطلب منها ان يقوما ليتجهزا للنزول للمحطة القادمة، لم تعترض.
لكن المحطة كانت اكثر ازدحاما وبدا الطريق إلى الكورنيش سيئا ومظلما كذلك حتى انها قالت شكلك كده سفاح مدينة نصر ،رد ببساطة احنا فى شبرا متخفيش لما نكون فى مدينة نصر!
وصلا إلى الكازينو لكن لسوء حظه لم يكن المكان على عائليته حينما كان يزوره صغيرا لكن بقى المشهد جميلا بالقرب من النيل.
جلسا معا قرب المياه وطلبا ليمون .. ابدت اعجابها بالنيل واتساعه فى هذه النقطة وقالت لها انها لم تجلس على النيل من قبل.
بدا فخورا بالاختيار رغم أن المقارنة بالمكان الذى جلسا فيه اول مرة تبدو فى صالح المكان الأول ،وعلق قائلا اعتقد ان دى اكبر فتحة ملاحية للنيل!
معلش بالراحة شوية بلاش شغل الهندسة ده ايه حكاية الفتحة الملاحية دى؟
شوفى هو ربما التعبير موش دقيق اوى لكن انا اصلى مستعيره من مهندس زميلى بيشتغل فى الكبارى على النيل ،أنا مقصدى إن اتساع النيل فى الحتة دى كبير.
ايوه كده نتكلم عربى شوية.
وظل الحوار متصلا ،بين ضحكاتها ومعلوماته وبين تطلعه اليها حينما تتكلم واختطاف نظرات منها إليه ومضى الوقت سريعا مرة اخرى..
لم يقطع الحوار سوى تليفون وصلها من نادية وانتبهت معه ان الساعة تجاوزت الثامنة، انهت المكالمة سريعا وسارا معا عائدين عرض عليها مرة اخرى فكرة ان يركبوا تاكسى حتى العربية ،وكان الرفض هو حليفها بالطبع وقالت ح نرجع زى ما جينا مترو!
ولم يتوقف الحاحه حينما اقتربوا من محطة مسرة ،فردت من الممكن ان تذهب إلى عربيتك وانا اركب تاكسى من رمسيس ،فعلق متهكما المرشد السياحى لسه مخلصش دوره!
فقالت له رجاء للمرشد كفاية "زن زن".
حينما وصلا محطة مصر طلب أن يذهب معاها ،فقالت دور حضرتك ينتهى هنا سلام
طبعا ح نتكلم لما توصلى .. زن زن تانى
لوحت له وهى تركب التاكسى وقفل هو عائدا إلى سيارته وإن ظل ماشيا لم يركب شيئا رغم ان المسافة ليست قصيرة ، يسير وعلى وجهه ابتسامة بلهاء بسبب تذكر اغنية شعبيه سمعها فى ميكروباص وكانت مضحكة وعلقت كلماتها فى ذاكرته "لما الجو احلو وراق رقصت انا مترو الانفاق"!
قد تصبح الاشياء فى حياتك معنى مكان تحبه او حتى وسيلة مواصلات تركبها وتدندن بها اغنيتك المفضلة مع اهتزازتها او حتى عبورك على نفس المكان يوما بعد يوم يصنع فى الذاكرة معنى آخر.
1 comment:
🚘🚘🚘
Post a Comment