- لم يكن يتخيل بأى حال من اﻷحوال أن يصبح كما هو اﻵن .. انسان
ينتظر انقضاء وقته بل وعمره عن آخره .. رجل يصحو لينتظر النوم ويعيش لينتظر الموت ..
كائن حى كالجماد وروح معلقة بين الحياة والموت .. متى حدث هذا التحول ؟ وكيف يتبدل
شخص مثله من محب للحياة بكل ما فيها إلى كاره لكل ذرة منها ؟ هذا ما سوف أحاول أن
أستكشفه معكِ فى الدقائق القادمة ، فربما أستطيع أن أعيده إلى الحياة فيترك أرض اﻷموات
اﻵن وإلى أن يحين أجله الحق.
فى صغرى شاهدت فيلم سينمائى أثر فى تفكيرى إلى حد كبير ، الفيلم كان يتعرض لحياة أحد اﻷشخاص الذى ظل طوال حياته يقاتل ليحقق كل هدف أراده ، وبقرب نهاية الفيلم كان قد تبقى هدف واحد فقط لم يكن البطل قد حققه بعد ، ويظل يحاول بكل قوة بل ويستميت ليحقق هذا الهدف ، وعندما يحققه ينتهى الفيلم بموت البطل بعد أن حقق كل ما أراده .. مات وهو مازال شابا ولكنه قد حقق كل ما يمكن أن يعيش من أجله فتغادره الحياه فور تحقيقه ﻻخر أهدافه.
سؤال ظل يراودنى بعد مشاهدتى لهذا الفلم .. هل توجد حياة بدون هدف ؟ دائما ما ينتقل اﻻنسان من هدف إلى اخر فور تحقيقه لهدفه اﻷول ، فاﻻنسان ﻻ يتوقف عند حد معين بل دائما ما يطلب المزيد ، وربما هذا ما يجعل عجلة الحياة تدور دائما ، فاليوم يريد هذا وغدا يريد ذاك وربما بعد غد نجده ﻻ يريد هذا أو ذاك ولكنه يريد ذلك الشىء الذى لم يكن يريده من قبل ، انه اﻻنسان وانها الحياة والتى ﻻ نعرف مَن منهما يقود اﻻخر ، ولكن المؤكد أن اﻻثنين يقترنا سويا لفترة ما ليفترقا بعد ذلك ، اتسائل هل اﻻنسان هو من يغادر الحياة ؟ أم هى التى تتركه وترحل لتداعب شخص اخر ؟
فى الظروف الطبيعية والتى تنتهى بها حياة اغلب الناس ﻻ يكون للشخص دخل فى توقيت موته .. إذا فالحياة هى التى تغادر الشخص وفى وقت ﻻ يعلمه ، هل تغادر الحياة فى وقت ما ؟ أم فى حالة ما ؟ هل تغادر الحياة هذا الرجل عندما يبلغ عامه التسعين ؟ أم عندما يتوقف قلبه نتيجه لمتاعب صحية ؟ وهل تموت هذه السيدة فى اﻷول من اكتوبر لبلوغها هذا الميعاد المحدد ؟ أم تموت بسبب السيارة التى صدمتها فى هذا اليوم ؟
تعددت اﻷسباب والموت واحد .. هذا ما خلص إليه اﻻنسان ويستريح له .. فمهما كان السبب فإن الحياة ستغادر هذا الشخص فى الموعد المحدد لها منذ قبل حتى أن يولد ، ولكن بما أننا ﻻ نعرف هذا الميعاد .. فإننا نرتشف من الحياة حتى اخر قطرة يمكننا الحصول عليها ، وبما اننا ﻻ نعرف الحالة التى سنموت عليها .. فنحن نتجنب اﻻسباب التى قد تؤدى للوفاة ، وتمر أحداث الحياة سريعا ما بين لهث ورائها وخوف من مغادرتها لنا.
اعتقد أن اﻷهداف التى يريدها شخص ما هى مصدر الحياة لهذا الشخص .. اعتقد انها اكسجين الروح ان صح التعبير .. فكما يحتاج الجسم إلى اﻻكسجين تحتاج الروح إلى هدف يرغب المرء فى تحقيقه ، وهذا فى رأيى يفسر موت المنتحرين .. فعندما يتشبع اﻻنسان من الحياة وﻻ يريد أى شىء اخر ينجح فى انتحاره ، وايضا عندما ييأس من تحقيق ما يحلم به ويقرر ترك الحياة حقا فهى بدورها تغادره فى الحال.
اذا فهناك حالتان نريد تجنبهما .. اﻷولى وهى تحقيق كل ما نريده حتى نعجز عن التفكير أو اﻻحساس برغبة أو هدف جديد وتلك الحالة غالبا ما تتجنبنا هى .. فليس كل ما يتمناه المرء يدركه ، وحتى ان كان من الندرة التى تستطيع ادراك كل ما تتمناه فإنه بالتأكيد سيكون من اﻷغلبية التى ﻻ تتوقف عند حد معين من اﻷهداف أو الرغبات ، أما الحالة الثانية وهى اﻷكثر شيوعا .. هى اليأس التام من كل شىء .. حتى يؤمن الشخص بأنه لن يستطيع تحقيق أى هدف من أهدافه .. وعندها تكون نهاية حياته البائسة .
من أريد انقاذه ظل على حالته المعلقة بين الحياة والموت منذ عدة اشهر وحتى اﻵن .. وبمعرفتى به وبأحواله فهو بالتأكيد ليس من الفئة التى تشبعت من الحياة ، ولكنه من الفئة الثانية والتى يأست من الحياة .. ولكن بما أنه لم يمت حتى اﻵن فأنا على قناعة أنه لم ييأس تماما بل يمتلك قليل من اﻷمل ، ولكن يبدو أن كمية اﻷمل تلك ضئيلة جدا لدرجة ﻻ تمكنه من مواصلة حياته.
بعد مصارحة كاملة معه خلصت إلى اننى ﻻ استطيع أن ابعث فيه أى أمل فى الحياة ، وﻻ يستطيع أى شخص أن يعيده إلى سابق عهده اﻻ شخص واحد .. لذا فالشىء الوحيد الذى يمكن ان اساعده به هو أن اتوسط له عند هذا الشخص فهو الوحيد الذى يمكن ان يعيد اليه الحياة .. وها انا ارجوك ان ترحميه وتعيدى اليه الرغبة فى الحياة حيث لن يرغب فيها اﻻ معك وبك.
أمل .. رغم كل ما اقترفه تجاهك فالعقوبة ﻻ تكون بالحكم عليه ليُقتل حيا ، ﻻ تتركيه يموت كل ساعة بل وكل لحظة تمر به بدونك ، ارجو ان تكتفى بالفترة التى مضت فقد قضى خمسة اشهر من الموت مع الشغل ، لم ينفذ احد حتى اﻵن حكم بالموت ﻷكثر من مرة لنفس الشخص ، وها هو قد قُتِل ﻷكثر من الف مرة فى خمسة اشهر .. أرجو أن تسامحينى .. انا المذنب وانا الضحية .. وانا الذى يحاول المساعدة وانا الذى احتاجها .. انا حبيبك الذى يتمنى ان تعودى اليه .. انا المخطىء فى حقك وحقه.
هذه اخر محاوﻻتى للتشبث بالحياة والتى ستنتهى اليوم عند الغروب فى المكان الذى دائما ما جمعنا سويا ، اتمنى ان القاك هناك ونعد سويا لحياتنا .. اذا لم تستطيعى مسامحتى فأنا لن اسامحنى وسوف اتخلص من الموت المتكرر الذى اعانى منه بالموت الذى يعرفه الجميع ، انا على يقين بأنه اذا لم تأتى فإن الحياة ستغادرنى .. ليس ﻷن الوقت اليوم كذا كذا ولكن ﻷن حالتى ستكون .. الحياة بدون أمل.
Monday, March 20, 2017
أمل(يوسف محمد)
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment