- تبقت ثلاثة أيام على موعد لقائنا الذى بدأ كأمنية تمنيتها ليصبح بعد ذلك واقع أنتظر حدوثه ، اقتربت من نقطة الفصل بين الوهم والحقيقة ، فإذا حدث ما أتمناه .. سيكون أغرب وأفضل شىء حدث لى ، وإذا لم يحدث .. فهذا ما يمليه الواقع والمنطق ، ولكن سيكون عدم حدوثه .. من أسوأ ما مر بى من أحداث ، هل هذه هى المقامرة ؟ أعتقد للأسف أنها هى فقد وضعت كل آمالى على تحقق هذا الحلم الجميل منتظراً أن يتحول لحقيقة ولأصبح وقتها الرابح الأكبر ، راهنت على احتمال نسبة حدوثه ضئيلة جداً ولا يوجد ما يعزز من نسبة حدوثه تلك ، ولكننى بالإضافة لهذا لم أقم بمقامرة عادية ، فلم أقامر بأموال .. ولكننى قامرت بما هو أثمن بكثير ، لقد قامرت بكل ما أملك من آمال ومشاعر وأحاسيس .. بل وقامرت بعقلى وقلبى وروحى ، لقد راهنت بكل شىء أملكه وأرجو ألّا أخسره ، فكما أننى فى أشد الحاجة لهذا المكسب فأنا أيضاً لست بحاجة على الإطلاق للتعرض لمثل هذه الخسارة الفادحة.
- أتمنى أن أربح هذه المرة ولن أقامر بعدها أبداً ما حييت ، ولماذا أقامر بعد ذلك ؟ فإن تحقق هذا الحلم سيكون الواقع حينها أجمل بكثير من أجمل الأحلام ، حينها لن أتمكن من الخلود للنوم كى لا أصحو من الواقع العذب الذى أعيشه ، فبينما الآن ألجأ للنوم كثيراً لأهرب من واقعى الحزين ولعَلّى أجد فى أحلامى ما يخفف عنى ، ولكن عندما يكون الواقع أروع بكثير من أحلى الأحلام فلماذا الأحلام ؟ ولماذا النوم؟ حينها ستكون فترة النوم اقتطاع من حياتى ، ستكون حرمان من السعادة والبهجة التى أنعم بهما ، ومن المؤكد أننى حينها سأصل بوقت النوم لأقل وقت يمكن أن يحتاجه الإنسان.
- وإن حدث بعد الزواج أنك تستغرقى وقت أطول منى فى النوم فسأظل على نفس حالى من قلة النوم لأتأملِك وأنت نائمة ، أتأمل الوجه الذى حُرمتُ منه كل السنوات السابقة ، أتأمل الهبة التى وهبها الله لى فى أشد أوقات احتياجى لها ، وسأتابع تعبيرات وجهك لأشاركك أحلامك ، سأنتظر بجانبك فربما تستيقظى فى الليل لثوانى معدودة فلا تضيع منى تلك اللآلىء الثمينة ، وربما ترغبى فى شىء ما .. فأسعد بتلبيته لك على الفور ، أنتظر حتى اُوقظك فى ميعادك بالضبط كى أعود لاستنشاق الحياة معك ومن خلالك.
- انفرجت أساريرى وأنا أكتب إليك الآن ، فلقد أحسست بالفعل أننا تزوجنا وأننى أتابع أجمل قمر أثناء نومه ، أردت بشدة أن أوقظك لأصف لك سعادتى ، ولكننى لم أقوى على إزعاجك ، فاكتفيت بالهمس لك بما أشعر به فأنا لم أقدر على الكتمان ، فأردت أن تشاركينى إياه حتى ولو لم تسمعينى فعلى الأقل يكون همسى قد لمس أذنك ، وها أنت تبتسمين الآن لتبتسم لى الحياة ، وبعدها بثوانى أدرت وجهك للجانب الآخر ، ولكننى أريد متابعة تلك الابتسامة الساحرة .. فنهضت مسرعاً لأتجه نحو الجانب الآخر من الفراش ، وقفت أمامك لأتمتع بالنظر إلى كل جمال الكون وقد تجمع فى شخص واحد ، هل هناك بشر بمثل هذه الرقة ؟ إننى حتى لا أستطيع التنفس وأنا أمامها فربما يؤذيها الهواء ، جلست على الأرضية فأنا أريد الاقتراب من هذا السحر ، وأريد أن ألامس الهواء الذى يلامسها ، بعد عدة محاولات تمكنت من الالتفات برأسى ناحية الساعة .. فقد احتجت لحساب الدهر المتبقى على موعد استيقاظك ، فأنا لا أطيق الانتظار أكثر من ذلك ، عدت مسرعاً إلى النظر لوجهك لمتابعة رحلتى فى عالم أساطير السحر والجمال ، لقد تبقت نصف ساعة كاملة لأوقظك بعدها .. وليهنأ قلبى وتسعد روحى أكثر وأكثر ، ثلاثون دقيقة كاملة لن أستطيع لمسك فيهم .. فليمهلنى الله الصبر ، ومر الوقت وأنا أحلق عالياً بك وأمامك ولم أستطع إدارة وجهى عنك مرة أخرى ، استيقظتى وحدك كالعادة ومتأخرة عن ميعادك ورغم أنك ابتسمتى إلا إننى اعتذرت لك ، فأنا كالعادة لم أقدر على متابعة الوقت فقد كنت أتابع ما يقوم به القمر طوال الليل.
- أرجو أن يحدث هذا فى أقرب وقت لتصبح أحلامى حقيقة أسطورية ، فأتمكن حينها من لقاء القمر على سطح الأرض وأرجوه عدم مغادرة عالمى بل وأستحلفه بالله ألّا يفارقنى بعدها أبداً ، هل تعدينى بذلك الآن ؟ أم ستتركينى فى ظلام الوحدة ؟ أتمنى من القمر أن يضىء حياتى ويمنحنى الدفء الذى لا تستطيع الشمس أن تعطيه ، أرجوك أن تمنحينى تلك الحياة ، فربما تكونى سعيدة الآن وأنت بمفردك ولكننى أعدك بأنك ستكونين أسعد عندما نصبح معاً ، أما أنا فلا أستطيع أن أشعر بسعادة أبداً بدونك فسعادتى لن تأتى إلا معك.
- هناك أشياء فى الحياة لا يمكن فهمها ، وهناك أشياء لا يمكن وصفها ، أنا لا أفهم كيف أحببتك قبل أن ألقاك ولا يمكن أن أصف مقدار هذا الحب ، لا أفهم كيف سنتقابل ولا يمكن أن أصف شوقى لهذا اللقاء ، لا أفهم كيف أستطيع تركك للحظة من بعدها ولا يمكن أن أصف عذابى من مجرد التفكير فى هذا ، كل ما أستطيع فهمه الآن هو أننى أحبك وكل ما يمكن أن أصف به نفسى هو أننى أحبك.
- لا أريد التوقف عن الكتابة إليك الآن ولا بعد دهر من الزمن ، ولكن توهج مشاعرى لا يمكِّنّى من فعل أى شىء الآن ، مشكلتى الدائمة عندما أكتب لك هى أننى لا أتمكن أبداً من إيجاد الكلمات التى يمكنها أن تصف ما أشعر به ، أما الآن فأنا لا أستطيع أن أتذكر أى كلمة ، فاشتعال مشاعرى على هذا النحو الذى أمر به الآن يجعل كل ما فى يحترق ومنها قدرتى على الحديث ، فالأسطر التى أكتبها الآن تعتصر كل تفكيرى فالكلمات قد احترقت فى ذاكرتى كما احترق كل شىء بداخلى ، فالنيران المشتعلة بداخلى كثيرة ومتنوعة ولكن أكثرها ضراوة هى نيران الاشتياق إليك ، أتوق لرؤياك ولأشياء كثيرة تجمعنا معاً ونقوم بها سوياً ، حتى يحين هذا الوقت أنا لا أملك الآن إلا أن أتركك على أمل اللقاء القريب .. بل أمل الحياة من جديد والاحتراق بالحب بدلاً من الاحتراق بالشوق ، رغم أننى على يقين أننى سأظل أشتاق إليك حتى ونحن معاً.
Sunday, April 16, 2017
تسعة عشر يوما (اليوم السادس عشر)(يوسف محمد)
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment