- يأتى يوم الجمعة إلىَّ بالهدوء والطمأنينة ، ليس لأنه يوم أجازة لى من العمل فأنا فى أجازة مفتوحة منذ وقت طويل ، ولكن لأنه أجازة عمل لسعاة البريد ومحضرى المحاكم ، مع بالغ اعتذارى وكامل تقديرى واحترامى لهاتين المهنتين .. ولكننى منذ حوالى ثلاثة سنوات ولمدة سنة تقريباً مررت بتجربة عصيبة ، كانت تلك التجربة هى آخر هجمات الحياة التى تحملتها مقاومتى ، فقبل انتهاء تلك الهجمة كانت مقاومتى قد انهارت تماماً لأصبح بعدها أنقاض إنسان ، فمنذ حوالى عامين وأنا لم أقدر على النهوض ثانياً ، لم أعد أؤمن كما كنت أؤمن من قبل ، لم أعد قادر على حبس دموعى عند أول موقف أواجهه ، بل لم أعد قادر على مواجهة أى شىء ، لازمنى الخوف من وقتها ولم يتركنى إلى الآن ، فقد أصبحت فى أغلب الوقت أرتعد عند سماعى لطرق باب المنزل ، أصبحت على قناعة بدرجة كبيرة بأننى سأحاصَر بالظلم ما حييت ، بل وأحياناً أعتقد أننى أستحق هذا الظلم ، فقدت الأمل فى تحسن الأمور بل وآمنت أنها ستزداد سوءا على سوء ، لم أعد أرغب أو أقدر على بذل أى مجهود فأنا أعلم النتيجة مسبقاً وهى الفشل ثم الفشل.
- واختلطت على العديد من الأمور فلم أعد أفهم أياً منها ، فهل إذا أصابنى مكروه يكون هذا عقاب أم ابتلاء ؟ وهل أستحق كل هذا العقاب ؟ أو هل الحياة ابتلاء فقط ؟ هل أنا سىء الحظ أم ملعون ؟ هل ستكون هناك نهاية لهذا العذاب ؟ أم ستكون نهايته هى نار جهنم ؟ هل حقاً تعرضت لعذاب كثير ؟ أم أننى ضعيف لحد الوهن ؟ ومتى يعاقب الله الظالم ؟ ألن يعاقبه فى الدنيا ولو قليلاً ؟ ولماذا كل هؤلاء الظالمون ؟ وهل أنا منهم ؟ هل أنا مظلوم حقاً ؟ أم أننى قد أكون من أشد الناس ظلماً ؟ هل يصح أن أواجه الظلم بالظلم وأن أواجه التحايل بالتحايل ؟ هل يصح أن أقاوم من يدفع الرشوة ليتمكن من إيذائى بدفع رشوة أكثر منه لأذيته ؟ هل من يحاول تدميرى يجوز أن أدمره هو وأسرته ؟ هل أقتص من الشخص فقط ؟ أم أقتص أيضاً مِن كل مَن ساعده ؟ هل هناك عدالة على الأرض ؟ وإن وجدت فأين هى ؟ إذا كان فى الحروب محظورات فكيف تحتوى صراعات الحياة على كل شىء ؟ لماذا غالباً ما يتمكن الظالم من الإفلات من العقاب ؟ بل ولماذا يعاقَب المظلوم ؟ كيف ينجح المخطىء بينما يرسب المصيب ؟ وهل حقاً هذا مخطىء ؟ أم أنه على صواب ؟ وهل المصيب على حق ؟ أم أنه هو المخطىء ؟ لماذا لا أصادف أى عبرة تعيدنى للإيمان ؟ لماذا أصادف فقط نجاح وتفوق الطغاة ؟ هل ما يحدث هو سحابة سوداء ستختفى قريباً ؟ أم أنَّ لون السماء أسود ولم ألحظه قبل ذلك ؟ أستغفر الله العظيم لقولى كل هذا ، إننى أعلم تماماً كل إجابات الأسئلة السابقة وعلى يقين من عدل الله ورحمته ، كل ما أردت إيصاله هى تلك الحالة التى مرت بى من جراء الظلم ، أعلم أنها حالة تقربنى أحياناً كثيرة من الكفر بشكله الأوضح ، إننى أحاول التخلص من تلك الأفكار فى اليوم الواحد أكثر من مرة ، أريد أن أعود كما كنت من قبل ، أريد أن أعود لأصبح على الأقل إنسان عادى ، أتمنى أن يعيننى الله على شيطانى وأن يعيننى على شياطين الإنس الذين يفتنون الناس صباحاً ومساءا ، يفتنونهم بنجاحهم الباهر فى حياتهم عن طريق فعلهم لكل ما هو خاطىء ومحرَّم.
- التجربة التى مررت بها باختصار عبارة عن نزاع قضائى لا أريد ذكر أى شىء عنه الآن ، كل ما أريد ذكره أنه يمكن تغيير الكثير من الحقائق عن طريق التلاعب بإجراءات معينة فى القانون فيصبح صاحب الحق مخطىء ويصبح المخطىء صاحب حق ، الحمد لله أنَّ هذا لم يحدث لى فقد أنقذنى الله من خدع قضائية كثيرة ليثبت لى كما يردد الناس أن القضاء هنا عادل ، أنا لم اُنصف تماماً ولكن على الأقل لم أتعرض للأذى الذى كان يحيكه لى الطرف الآخر ، لقد اكتفيت بهذه الدرجة الآن ولأطالب بالقصاص التام والشامل فى الآخرة بإذن الله ، فلفترة تزيد عن العام وأنا أتعرض لهجوم من الطرف الآخر يستخدم فيه كل شىء يمكنه فعله ، أثناء تلك الفترة تعرضت كثيراً للشك فى كل شىء ، ففى إحدى القضايا الكثيرة التى تشعبت من قضية واحدة وجدتنى وقد حكم علىَّ بالحبس مع إيقاف التنفيذ وطمأننى المحامى بأنها سابقة أولى لى وسيتم رفعها عنى بعد فترة ! هل أتعرض لحكم مثل هذا وأنا لم أخالف أى قانون طوال عمرى !؟ أنا حتى لم أخالف أياً من أوامر المدرسين أثناء طفولتى ، أنا لم أضرب أو أسب أحد ولم أسعى لأذية أحد طوال حياتى ، إننى من أولئك الذين يمشون بداخل الحائط وليس بجانبه ، لذا كان هذا الحكم صدمة من الحياة بأكملها وتضاربت حينها الأفكار فى رأسى ما بين الثقة أو عدم الثقة فى أى شىء وفى كل شىء ، وبعد فترة من صدور الحكم ومن عدم استيعابى له تمت تبرئتى فى الاستئناف ، ورغم أن حكم التبرئة أعاد لى الثقة بدرجة ما ولكننى لم أعد لنفس درجة الثقة الأولى ، لذا أنا الآن وكما أخبرتك أكتفى بدرء ضرر الآخر ، وأعتقد أنها نتيجة جيدة نظراً للظروف الحالية التى يعانى فيها كثير من الناس من انعدام الضمير وليس ضعفه ، وأنتظر حكم الله سبحانه وتعالى فى الآخرة التى ستجمعنا جميعاً ، أنا لن أطلب من الله أن يقتص من خصمى فقط بل من كل من ساعدوه ، فإذا قام مثلاً محضر محكمة بالإخلال بمهمات وظيفته لصالح طرف ضد الآخر فهو خصمى أيضاً يوم القيامة ، الله وحده أعلم بقائمة المشتركين فى عمل ما ولذا فسأطلب من الله أن يحصيهم فأنا حتى لا أعرفهم ككل ، ولأرجو الله حينها أن يعاملهم بعدله وليس برحمته ، إننى أرتعد وأنا أكتب هذا الآن فالظلم أشد قسوة على الظالم منه على المظلوم ، فالمظلوم يأخذ حقه عاجلاً أو آجلاً ويعوضه الله عنه ، أما الظالم فلا أريد حتى أن أتخيل حاله فى الآخرة ، اللهم أعوذ بك من عذاب النار وما يقرب إليها من قول أو عمل ، اللهم أعوذ بك أن أكون من الظالمين ، اللهم عاملنى برحمتك ولا تعاملنى بعدلك ، اللهم أخرجنى سالماً من هذه الدنيا وشرورها.
Saturday, April 15, 2017
تسعة عشر يوما (اليوم الخامس عشر)(يوسف محمد)
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment