Wednesday, October 12, 2022

زلزال

يبدو أن شهر أكتوبر بالنسبة للمصريين هو شهر محورى ربما مصر نفسها مواليد برج الميزان وفقا لأن يوم توحيد القطرين يقع ايضا فى شهر اكتوبر وهناك بالطبع حرب اكتوبر وكذلك حدثنا اليوم الذى مر عليه أكثر من ثلاثين عاما ،يبدو أن سن الواحد كبر بشكل ان يقص اشياء مضى عليها ثلاثين عام وإن كانت ذاكرتى تحمل ذكريات تبدو قديمة قدم البيكيا روبابيكيا.

كنت اجلس فى المنزل فى ذلك اليوم لم اذهب إلى العمل الصيفى الذى لم اكن انهيته بعد حيث كنت اعمل مع الدراسة فى السنة النهائية لمعهد الحاسبات فى ذلك الوقت فى مكان ايقونى للمصريين هو مستشفى الصحة النفسية بالعباسية ولسنوات حينما كنت اقولها فى سيرتى الذاتية وكان اى حد يسألنى ماذا كنت تعمل كنت ارد مداعبا اشتغلت هناك نزيل لمدة خمسة شهور لكنها لم تكن الحقيقة كنت اعمل فى تشطيب احد المبانى مع احد اقاربى وربما تناولت ذلك فى بعض التدوينات السابقة.

وعليه كنت احاول أن اقضى يوما فى الكسل واقضيه أمام التليفزيون وكنت اشاهد التلفزيون فيلم لنجمة الاغراء العالمى مارلين مونرولا اتذكر اسم الفيلم هل كان محطة الاتوبيس او فيلم البعض يفضلونها ساخنة ولم اكن احبها ولكنى فى تلك المرحلة كنت احاول أن اكسر القواعد ولسنوات بعدها كثيرين حينما كنت ادخل فى نقاش عن ارثر ميلر بالذات حينما كان يجهله كنت ارد يبقى اكيد تعرف مراته التى هى كانت نجمة السينما ايضا وكان صديقى الصدوق يحبها وكنت احاول كسر القواعد واتفهم من هى التى عاملة الازمة دى كلها.

وفجاءه وجدت البيت يهتز جامد والدتى قالت ان البيت بيقع لم ينتبانى الفزع وكان لدى سكينة عجيبة حسدنى عليها الكثير حيث خرجت للبلكونة مع ان هذا خطأ فى وقت الزلازل ورجعت قلت جملة اعجب قلت لها تقريبا زلزال هو انتى قفلتى التليفزيون ليه ؟! لم اتعرض لزلزال من قبل لكن كان هذا رد فعلى العجيب فى حينها وإن قلت لوالدتى ان كانت ترغب ان تنزل تحت الترابيزة علشان دى التعليمات اللى فاكرها عن الزلازل!

كان لكل اخت من اخواتى ومن العائلة قصص اخرى وحينما كنت اقص على اصدقائى ما فعلته كانوا ينظرون إلى كأنى كائن فضائى وان كان حدث ان جاء اقوى تابع لزلزال اكتوبر بعدها بعدة ايام وكنت اجلس عند صديق لى نلعب الشطرنج واتنين اخران يلعبان الطاولة وكنت اهز قدمى حينما وجهنى احدهم ان هذا يهز الرقعة وربما ايضا حدث هذا فى مسابقة شطرنج قريبا حيث ربما لدى عادة متوترة حيث استغلتها اللاعبة التى امامى لتشاغلنى نظرا للضغط عليها وانها لا تركز من هزى لقدمى، المهم ان حينما جاءت الهزة قال صديقى توقف عن الرجرجة فقلت له انا بطلت حينها وعلى طريقة نور الشريف فى فيلم سواق الاتوبيس فى المشهد الاخير كان صاحب الشقة يشتمنا ويجرى ويترك لنا الغرفة وحينها لم نكن نستطيع ان نتحرك لأننا داخل غرفة نومه فى الشقة ولا نستطيع الخروج وساعتها بكل بساطة توقفت مكانى وسحبت المائدة من امام صديقى لاحرره اذا كان يريد ان يجرى هو ايضا وحينما عاد صاحب الشقة بعد انتهاء الهزة قرر ان يضع كوبا من الماء على حرف الشباك ينظر اليه حتى يرى اذا كان ايه اهتزازات اخرى.

فى مصر حينها كان الشاغل هل مصر فى حزام الزلازل وبالطبع ثار جدلا غير علمى بالطبع ولم يتحدث احد عن صدع البحر الأحمر او الزلازل التى تأتى من الشمال بالذات قرب جزيرة كريت ولا اعرف ان كان استخراج الغاز من المياه الاقتصادية فى البحر المتوسط قد يكون له آثار زلزالية مثلا ام انه كلام غير علمى وان طبقات الارض التى تصنع الزلازل اعمق من ذلك لكننا بالطبع لسنا مثل اليابان فى مستوى التعرض لكن عندنا زلازل وتتعرض منطقة اسوان بالذات لزلازل كثيرة بسبب ضغط بحيرة ناصر وهذا كلام علمى بالطبع عكس بعض الكلام الآخر الذى يربط كل مصيبة بالسد العالى بالرغم ان لكل مشروع ايجابياته وسلبياته لكن وفقا لجمال حمدان تربط اسرائيل سقوط امطار فى الهند بسبب السد العالى فى احدى الورقات البحثية! ولسنا من دروايش الناصرية ولا عرابوها ولا اعداءها لكن لكل تجربة انسانية مسالبها وانجازاتها.

لكن الصعب ان مركز الزلازال كان قريبا فى منطقة الفيوم وتذكر البعض ربما هذا نشاط بركانى والاساطير التى تتحول حينها فى صحف الحكومة (القومية) الى انجازات او افكار سرمدية للمسئولين المصريين وتتحول فى صحف المعارضة إلى اى تخويف وعبث وتشعر معه انك تقرأ مع مواطن الشارع مثل الرجل الذى قال لاختى وهى عائدة من العمل ان شبرا اصبحت كوم تراب.

بالطبع هناك اسر كثيرة فقدت بيوتها وهناك ايضا جماهير كثيرة تشردت وكانت مأساة الحصول على شقق وحتى الآن بعد ثلاثين عاما هناك مناطق فى النهضة التى اعتقد اصبحت جزءا من حي السلام اسمها مساكن الزلزال وظلت اسر كاملة تعيش فى مخيمات لوقت طويل ،هذا فضلا عن تآثر العديد من المبانى الإثرية وبخاصة الإسلامية منها بتصدعات كثيرة وتدخلت الدولة بعدها بسنوات لترميمها.

وكان خاتمة انجازات الزلزال فى مصر سقوط عمارة مصر الجديدة الشهيرة التى سقطت معها ضمائر قيل حينها اننا فى بعض المبانى كنا نستخدم اسمنت مخصص لاعمال التشطيبات فى المبانى وكان يتم استيراده من رومانيا تحديدا على ما اتذكر وهو مازال ينتج للآن وينتج ايضا فى مصر وربنا يسترها على حجم انجازاتنا فى الكبارى هذه الأيام التى اخشى ان يكون وراءها بعض من ضمائرهم غائبة وتؤدى بنا إلى انجازات مثل عمارة مصر الجديدة وقضية اكثم الذى ظل تحت الانقاض وقيل انه سوف يتم انتاج فيلم عنه لكن حتى تاريخه لم يصنع او ربما الرقابة لم تمرره .

وقد اعاد البعض التنكيت على الاغانى المصرى التى تتحدث عن الزلازال من اول متبطل تمشى بحنية ليقوم زلزال لمحمد رشدى او حتى الارض اتزلزلت وسمانا جلجلت لعلى الحجار فى تمجيد النسر المصرى الذى شق السما وإن كان بعد سنوات كان يقف مع الثوار هو وعمار الشريعى فى حواره الاشهر فى ليالى فوضى يناير ،وفى النهاية بالطبع لم يجد محمود الليثى تعبيرا عن جمال صافنيار إلا كلمة زلزال او هكذا الذوق المصرى متزلزلا منذ وقت بعيد او الاتجاه العام وخبرتى محدودة الآن مع المهرجانات ومع مسلسلات محمد رمضان وإن كنت اعتقد ان احدها اسمها زلزال ايضا وهناك اغنية به ايضا وهذا سبب كافى للإعلام المعارض فى الخارج ان يقول ان مصر ضمن احزمة الزلازل المدمرة!

ثلاثين عاما مضت وجميعا لاننسى تلك اللحظة وهناك الآف بقى الخوف ساكن قلوبهم ولكنه فى النهاية كان مجرد زلزال يحسب بمقياس يسمى ريختر على اسم مبتكره. 

No comments: