Wednesday, March 30, 2022

يوم الأرض

تؤشر النتيجة كل يوم على ذكرى فى عقلك فهذه ورقة يوم ميلادك وهذه الورقة الأولى فى السنة وهذه هى الورقة الأخيرة ،وتتوالى ذكريات اخرى كل يوم حينما تقطع الورقة التى تنهى معها يوما من عمرك او كما يقول الحديث المنسوب إلى النبى اذا مضى يوما مضى بعضك ،وتنهش أيام اخرى ذكريات فقدأب أو أم او صديق او خال او قريب.

اقطع ورقة اليوم فأجدها بتاريخ 30 مارس ترى هل هى ذكرى بيان ثلاثين مارس البيان الناصرى التصحيحى عام 1968 ، لا يبدو هناك شئ اعمق أنه يوم الأرض لا اقصد يوم الارض العالمى الذى يحتفل به فى 22 ابريل من كل عام لمحاولة حماية المناخ او حتى الفاعلية الذى حرصت على المشاركة فيها دوما يوم 26 مارس وهى ساعة الأرض التى كتبت عنها من قبل فى انجازات كورونية.

لكن اننى اتحدث عن يوم الارض الفلسطينية 30 مارس 1976 ،اليوم الذى قامت فيها جماهير الشارع الفلسطينى فى الداخل الاسرائيلى بأول احتجاجات منظمة منذ عام 1948 واستشهد به ستة شهداء وظل العالم العربى والفلسطينيين يحتفون به كل عام بفعاليات مختلفة ،وهذا الشهر كنت حضرت اسبوعالفيلم الفلسطينى الذى توافق بدايته مع ميلاد الشاعر الفلسطينى محمود درويش وعادة حينما احضر فاعلية لها علاقة بدولة ما ففى زيارته لخليلتى المكتبة اتزود بكتاب عن هذه الدولة فعلت ذلك فى الافلام اليابانية ،وها انا افعله هذا فى ذاك الاسبوع ايضا بأن استعرت رواية "باب الشمس" لالياس خورى التى شاهدتها من قبل فى فيلم باب الشمس بجزءيه الرحيل والعودة وفى خلال اسبوع الفيلم الفلسطينى حصلت على كتاب اراضى فلسطين بين مزاعم الصهيونية وحقائق التاريخ للدكتورة هند أمين الديرى واتممت قراءتهم اليوم.

ولكن حينما كنت احضر فعاليات الفيلم الفلسطينى كان الرئيس المصرى وولى عهد الامارات مع رئيس وزراء اسرائيل يجلسون فى شرم الشيخ ربما للاتفاق على فكرة ضرب ايران كما تقول بعض الانباء ،وأمس اجتمع عدة وزراء خارجية عرب فى اسرائيل وكان تصريح وزير خارجية الامارات شديد العجب حينما قال انه اضاع ثلاثة واربعون عاما دون أن يعرف اسرائيل.

ربما يحتاجانى أن اعرفه على دولة اسرائيل قليلا فالحركة الصهيونية اختارت اسم نبي من انبياء الله لتصنع دولة دينية هى السبب فى السابق وفى الحاضر فى موجات التطرف والتدثر بالدين الذى تعيشها المنطقة ولم يسلم منها العالم وذلك عبر وعد مشئوم من رجل لا يملك لمن لا يستحقون عام 1917 بالطبع هو وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا وتحكى لنا الوثائق ان الكيان زرع لتفتيت الوطن العربى وتبقى اسرائيل مجرد مستعمرة متقدمة تحمى مصالح المستعمرين الكبار قرب منابع النفط الذى يملكها الهنود العرب الذى سعت اسرائيل لتفريغ ارض فلسطين وحلمها لم يقتصر على ارض فلسطين لكن توسعاتها تصل إلى حلم من النيل إلى الفرات.

هل تريد أن احكى لك عن اسرائيل منذ الانشاء عبر مذابح اللد والرملة او دير ياسين او حتى مذابح الاسرى المصريين فى عام 1967 او حتى قتل موظفى الامم المتحدة فى غزة على ايدى جيش الدفاع الاسرائيلى، او ضرب مطار بيروت المدنى وصورة رئيس وزراء اسرائيل الاسبق حينما كان ضابطا فى العمليات الخاصة وهو يقف بقدمه على رقبة فدائية فلسطينية ،ام تفضل أن احكى لك كما تقول عن اسرائيل منذ معاهدة السلام مع مصر منذ 43 عاما كما تقول دعنى اقول لك انه منذ تم السلام مع مصر فقد تم تنفيذ عملية السلام فى الجليل ويبدو من اسمها انها شديدة البراءة لكنها انتهت باحتلال ثانى عاصمة عربية بعد القدس وهى بيروت وتوجت بمذابح صابرا وشاتيلا ، وربما تحب ان تسمع عن عناقيد الغضب او مذبحة قانا اذا كنت ترانى اركز على قضية فلسطين ولبنان فربما اذكر سيادتكم بقصف المفاعل النووى العراقى ،او ربما اذكرك بقصف مقر منظمة التحرير فى تونس أو المحاولة الذى لم تكتمل فى ضرب مقارات المنظمة فى اليمن.

دعنى اقول لك ببساطة انك ربما تحتاج ان تعود إلى قائد شرطة دبى لتسمع عن عملية اغتيال المبحوح فى الامارات التى نفذها 27 من عملاء الموساد على ارض بلدكم الامارات ومن قبلها عشرات العمليات الارهابية والاغتيالات السياسية منها ايضا فى العاصمة الاردنية عمان محاولة فاشلة لاغتيال خالد مشعل اعتقل على اثرها اثنين من الموساد الاسرائيلى.

هذه اسرائيل الذى احبك ان تتتعرف على بعض جرائمها والسابق امثلة لا حصرا استفزه كلامك ووقوفكم صفا هناك كأنهم لا يحتلون ارضا ولا يهينون شعبا والتى اعرفها سواء قبل معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية او بعدها ،على العموم فى المعاهدة كان لدينا الارض مقابل السلام ومازلت شخصيا احلم باسترداد ام الرشراش وسلامنا ظل باردا وكان وزير خارجيتنا فى ادفى لحظات السلام مع ايصال الغاز والكويز يهاجم المهرولون ،اذا لم تصدق كلامى عن اسرائيل فيمكنك سؤال اطفال غزة ومن قبلهم اطفال مدرسة بحر الابتدائية التى قصفتها طائرات الفانتوم الامريكية فى محافظة الشرقية واعتبرها الاسرائيليين هدف عسكرى شرعى فى ضمن سلسة من عارات العمق.

على ايه حال ليس المقال محاولة لهتك اعراض الاخوة بيننا والبكاء على من سقط فى التطبيع ومن لم يسقط فوزير خارجيتنا بجانبكم فى الصورة القبيحة ،لكنه مجرد محاولة لتعريفكم باسرائيل التى لم تتعرف عليها عساك تعرفها وتعرف النذر اليسير من جرائمها الذى جادت به ذاكرتى البسيطة وسوف يبقى نضال شعبنا فى فلسطين جزء من وقفة الشعوب العربية جميعها فى وجه عدو غاشم استعمارى توسعى اعرف أننا كعرب نجيد نحت الكلمات للقتال فتلك نكبة وهذه نكسة ولكن حتى وان لم يتبقى لنا إلا أن نفعل ابسط الايمان وأن ننكر باللسان او بالقلم جرائمهم وتطبيعكم الفج وتبقى القضية حية حتى ولو فى قلوبنا وأن كنتم اسرى التطبيع فنحن احرار الكلمات.

Wednesday, March 23, 2022

أسبوع الفيلم الفلسطينى

 

كما شرحت من قبل فى أن وجودى فى الاوبرا يتيح لي الكثير من الاطلاع على افلام بديلة عن سطوة السينما الامريكية وتأثيرها الجارف وإن كنت دوما اتحدث عن مهرجان الفيلم اليابانى فقد شرفت بدعوة كريمة من سفارة فلسيطن وشاركت فى الدورة الخامسة لأسبوع الفيلم الفلسطينى ولدى حرص على lمتابعة افلام القضية الفلسطينية سواء باب الشمس الذى اتذكر اننى دخلته بجزءيه وصديق لى وكان فى السينما عدد ست افراد فقط او حتى ناجى العلى مع التحفظات المصرية ،لكنى منذ فترة لم أشاهد فيلم فلسطينى منذ أن شاهدت فيلم الجنة الآن وكان يعرض فى مهرجان الفيلم الاوروبى ولم يعجبنى الفيلم رغم فكرة تركيزه على المعاناة الانسانية التى يعيشها الفلسطينين وقد ساهم فى جدل كبير حول الأعمال الاستشهادية فى حينها وبدأ أن فصائل المقاومة تلجأ لخيارات اخرى لكن يبدو أننا اصبحنا نفجر انفسنا فى العراق وسوريا بدلا من أن نفجر العدو الإسرائيلى.

لذلك كنت متوجسا من أن اغلب الافلام ذات دعم اوروبى رغم اجتهاد صانعيها لكنى اعرف أن الممول عادة هو من يتحكم فى قيم العمل ولا توجد حرية حقيقية للإعلام كما درست فى كلية الإعلام وإن كان التمويل يقدم دعما جيدا للمرأة بوصفها احد الفئات المهمشة.

الأسبوع كان حافلا بين افلام تسجيلية وافلام روائية اجتهد البعض فى تقديمها وربما لأن بعضها اعمال أولى فقد كان بعضها مباشرا جدا بدأت الإفلام بالرمز الفلسيطينى الكوفية وحديثه فى الخلفية عن صراع الفصائل الفلسطينية ،ثم تسليط الضوء على محاولة الحياة خارج الصراع مثل فيلم صبايا كالمنجارو ورحلة بعض الفلسيطنيين إلى قمة الجبل فى تنزانيا وفكرة وجود التحدى لصناعة الحلم أيا كان هذا الحلم ،وكان فيلم ميلاد مر مباشرا جدا وإن كان عقب انتهاءه تصورنى البعض بطل الفيلم لوجود شبها ما بينى وبينه وقاموا بتحيتى وكنت سوف اتقمس الدور وامضى لهم اوتوجرافات.

كذلك سلط فيلم ابن شوارع على معاناة فلسطينى الشتات فى مخيمات لبنان فى مجابهة السلطة وكيف أن هذا يؤثر على خلق اطفال شوارع دون هويات وفوجئت أن العدد ضخم جدا بالطبع لتضييق السلطات واسباب اجتماعية اخرى كثيرة.

اما اعتقادى فإن درة الأفلام كان فيلم مكان الذى يروى فى خمس دقائق معاناة الفلسطينين فى حى الشيخ جراح من الاحتلال الفلسطينى وقد شاهدته من قبل على الانترنت اثناء انتفاضة حى الشيخ جراح وكيف يتحدث أفراد الاسرة عن منزلهم بينما لا يكف المستوطنيين عن سرقة البيت واثاثه.

وجاء فيلم الافتتاح "عمر" ليرينا كيف أن شخص يفقد اكثر من اربعة عشر فردا من عائلته ومعانته تحت الانقاض ربما يذكرنا بأكثم المصرى الذى ظل تحت انقاض عمارة مصر الجديدة التى سقططت فى احد توابع زلزال 1992 ورغم بساطة الفيلم ومباشرة لكنه اوضح لنا كيف ما يفعله القصف على الارض فى البيوت وحياة الناس ومعاناتهم الحياتية فى فقد المأوى وإن كان قد غفل السيرة الذاتية للأربعة عشر قتيلا وحياتهم مثلما فعلت اسرائيل فى دعايتها فى عملية استشهادية حينما قام رئيس الوزراء الاسرائيلى بنقل حطام الاتوبيس إلى أمريكا وتم تزينه بصور الثمانية عشر قتيلا وبالطبع هناك فرق امكانيات وتمويل.

فى اليوم الثانى كان فيلم عائد إلى غزة عن معاناة الفلسطينيين فى العبور للدراسة خارج الوطن وقصة حب شديدة المباشرة لم تأخذ زخمها الكافى وإن كانت تذكرنا بعائد إلى حيفا لغسان كنفانى الذى استمتعت بكتابه رجال فى الشمس عن تغريبة المواطن الفلسطينى فى الخليج.

أما قضية سرقة الاحتلال للمياة الفلسطينية كذلك التقطير على حياة الفلسطينيين فقد ظهرت فى فيلمين حياة بالقطارةوصيف حار جدا.

وجاء فيمل عشرحكايات عن الاجنبى الذى قرر أن يتحول إلى الإسلام وقرر أن يعيش فى رام الله فى عشر قصص من حياته التى تحولت إلى حياة فلسطينية خالصة بالمعاناة وحتى فى محاولته صنع التطريز الفلسطينى الذى لا تكف اسرائيل حتى عن سرقته وانتسابه لها هو والفلافل فى غمرة عمليات السرقة الممنهجة للوعى الفلسطينى.

اعجبنى فكرة مونولجات غزة والفكرة حينما تم نقلها إلى العالمية وتنفيذها ربما استطاعت ان توصل الرسالة إلى العالم وإن كنت قد سمعت بها من قبل عقب عملية عناقيد الغضب.

وترينا افلام مثل ترميم ومنع امنى معاناة فلسطينية بافكار مختلفة سواء المنع الذى يعطل الحب أو حتى احتياج الشخص لترميم نفسه.

ويحكى فيلم المتوج باكليل الغار عن حياة احد المساهمين الكبار فى المسرح الفلسطينى.

فيلم العشرين اكثر ما اعجبنى فيه فكرة المرآة التى على شكل ارض فلسطين ،كذلك فيلم المفتاح عن رمزية صراع الفصائل الفلسطينية على مجرد الرمز وليس القتال ،واعجبنى فكرة فيلم بطول 120 كم عن تجربة تسجيل عملية التنقل بين الجليل ولبنان وكيفية ان ذلك يعرض البعض للسجن لمجرد محاولة توثيق الواقع الفلسطينى الأليم ،ويقدم فيلم شطة قصة حقيقية لاحد عمليات الهروب من سجن اسرائيلى وشارك فيها احد رجال المخابرات المصرية المسجون فى السجن الذى ذكرتنى بالاسرى الفلسطينين حينما هربوا من السجن وكتبت عنهم من قبل فى تدوينة الأسرى والمحررون.

وقدم خلف السياج معاناة اهلنا فى فلسيطن وراء سياج عازل يحمى الطرق الالتفافية للمستوطنات التى تأكل الاراضى الفلسطينية وكيف نجح الفلسطينيين فى تدميره وتسجيل هذا العمل من خلال الفيلم.

قدم فيلم العنصرية رؤية مباشرة لما يتعرض له الفلسطيينيين من وحشية وعنصرية لا تقل عما حدث فى جنوب افريقيا او حتى ما يحدث من تمييز عنصرى فى أمريكا تجاه ذوى البشرة السمراء وإن كان فات الفيلم أن الاسرائليين يفتخرون بأن تقنية الضغط على الوريد السباتى بالركبة هى تقنية اسرائيلية فى الاساس وهذا يوضح كيف أنهم يتعاملون بعنصرية ووحشية مع الأخر والتى ادت إلى وفاة الامريكى الاسود جورج فلويد.

لم يكن فيلم الراعية موفقا فى الاعتماد على فكرة الرقص الحديث مع السرد ،ويبقى فيلم حراس الأرض يجسد ما يقوم به الفلسطينيين فى الأرض المحتلة بشكل عام رغم تركيزه على قضية الأغوار على الحدود الاردنية الفلسطينية.

غزة مونامور بالنسبة لى هو درة الافلام فيلم روائى عن قصة حب بسيطة لرجل قارب الستين لكن الفيلم يحمل الكثير من المشاعر ويقدم معاناة الفلسطينى البسيط ليس من الاحتلال لكن حتى من السلطة الفلسطينية فى غزة وهى قصة انسانية فى الأساس وتحمل كل معانى الحلم الانسانى البسيط فى الحياة.

فيلم استعادة لرشيد مشهراوى تسجيلى جميل ايضا استمتعت به فى عرضه لقصص يافا من خلال الصور ومن خلال ذكريات لاجئ فلسطينى فى احد مخيمات غزة وإن كان فات الفيلم أن يضع فى الخلفية اغنية اذكر يوماكنت بيافا.

فلسطين بالنسبة لى هى القضية الأساسية لكل العرب مهما غابت فى ظل هموم تحويل الوطن العربى كله لقضايا لاجئيين سواء فى العراق من قبل او سوريا من بعد او عبثية الحرب اليمنية عى نغمة الصراعات الدينية بين الشيعة والسنة.

وبالنسبة لى قضية فلسطين هى قضية الدفاع عن المقدسات وكذلك هى قضية مصيرية مصرية  كما قال جمال حمدان احد طيور العنقاء المصرية الاكثر شوفينية منى انها قضية حماية مصر فى ظل عدو عنصرى توسعى فى الاصل وليس فقط دفاعا عن اهلنا فى فلسطين.

وقد سعدت بالندوات بالذات ندوة ما تناولته الافلام عن قضية القدس والذى كان ضيفها الناقد  الاستاذ عماد النويرى صاحب كتاب القدس فى السينما والذى لن يفوتنى قراءته من خلال الانرنت  ،وبشكل عام المعضلات التى تواجه الفيلم الفلسطينى سواء انتاجية او تسويقية ،وعلى هامش المؤتمر سعدت بالتعرف على الدكتورة هند أمين البديرى صاحبة الدراسة الرائعة عن اراضى فلسطين بين مزاعم الصهيونية وحقائق التاريخ التى اسعد بقراءتها الان حرصا على الوعى بالقضية والتى احسنت جامعة الدول العربية بطبع دراستها  كذلك شرفت بالتعرف على الناقدة السينمائية كوكب حسين الذى نالت تكريما فى نهاية المهرجان باهدائها كتاب مصور عن مدينة القدس بوصفها متابعة جيدة لفاعليات الاسبوع الفلسطينى منذ بدايته.

ورغم كل مآسينا الذى كتبت عنها  هنا من قبل فى بدون عنوان والمآساة سوف تبقى القضية حاضرة فى القلوب ومعاناة اخوتنا فى فلسطين لن تنتهى مع عدو غاشم قتل ويقتل الاطفال والنساء ولا يفرق بين مدنى وعسكرى ولا يفرق بين اخوتنا فهو يبيدنا بعنصرية متصورا اننا مجرد هنود عرب ،ويكشف ما يحدث فى اوكرانيا وطريقة التعامل مع اللاجئين لماذا دوما هناك تواطؤ دولى ضد قضايانا من اول سايس بيكو حتى غزة اريحا عروجا على النزيف العراقى فى حربين مدمرتين ،يبقى لنا الوعى بقضايانا عبر اعمال فنية او كتابات ،تحية لمن بذلوا الجهد لاخراج هذا الاسبوع وإن كان الدعاية له لم تكن كافية وإن كان بعض الافلام مباشرة ونحتاج إلى مزيد من الدعم ربما فيلم شطة قد يكون افضل من فيلم الهروب الكبير لو توفرت له الامكانات لكن علنا بجهد بسيط نستطيع ان نصنع الوعى بقدسنا وتبقى فلسطين فى القلب.

 

 


Thursday, March 17, 2022

شمعة احترقت

 
  • دوما أكرر اننى لم احب شعر الخنساء فى الرثاء ورغم أن هذا قد يزعج البعض منىث ،لكنى اصبحت مدمن على متابعة كتابة مرثيات مختلفة فى هذه المدونة بكاءا على عكاكيز فى الحياة فقدتها وإن كانت المرثيات ليست خاصة بالشعر العربى فقط فقد كتبت شمعة فى مهب الريح كاغنية لتأبين نجمة السينما العالمية مارلين مونروا عام 1973 غناء المطرب الانجليزى التون جون وتم اعادة غناءها فى وداع الأميرة ديانا بعد تعديل بعض كلماتها عام 1997.
  • أما الشمعة التى احببت أن أتكلم عليها اليوم والتى احترقت منا قبل عشرة اعوام هى والدتى التى كان لها ذلك اللقب كأسم "شهرة"، او اسم دلع والذى عرفته الأسر المصرية وكان متداولا قبل زمن طويل وقبل اختراع كل شبكات التواصل الاجتماعى او الوعى الافتراضى.
  • ويبدو أن الأسم كان على مسمى رغم أن هذا الأسم تسبب فى مشكلة لها علاقة بالسجل المدنى لاحد اخواتى حيث تم تسجيل أسم الام فى بطاقتها بأسم شمعة وحينما اكشتفنا ذلك بعد عشرات السنوات كانت مشكلة اجرائية جسلنا نتندر بها فى جلسة عائلية ونحن ننكت معها انها ليست اختنا والحمد لله اصلحنا هذا الخطأ بعد معاناة فى دروب المقر الرئيسى لمصلحة الأحوال المدنية وعادت اختنا مرة اخرى.
  • ما اكتبه اليوم ليس جديدا فدوما واحدة من أهم حقائق الحياة تغيب عنا دوما ولا نشعر بها ولن نشعر بها الا حينما تختطف احد منك وتتركك وحيدا تبحث عن الروح التى كانت موجودة قبل لحظات فى هذا الجسد الذى اصبح فجأءة خاويا من تلك الروح او ربما سوف تبقى تدهشنا حتى تذهب ارواحنا فى نفس الاتجاه.
  •  لكن على ايه حال تلك الروح امتدت فى الاسرة لتصنع لك ارواحا اخرى ربما احترقت تلك الشمعة لتنير الحياة لنا ولمن حولنا دوما الى من يذكرونها ليس من اقرب الاقربين فى الأهل فقط لكن فى الجيران وفى كل من عرفوها ويلتقوا بك ويتمتمون بالرحمة لها لمجرد أنهم تذكروها فيك او تذكروا قولا او فعلا او حتى طعاما كانت تصنعه ، او حتى طعما قريبا لأكلها فى اكلات اخوتى.
  • على أيه حال فإن احترقت هى كشمعة فقد بقيت تنير لنا ولأخرين الطريق حتى وهى تحت الأرض جعل ذلك دوما فى ميزان حسناتها واتاها من رحمه الله والحقنا بها على خير.

Wednesday, March 16, 2022

18-لابأس

  • يبدو أن علاقتهم اصبحت داخل فصل جديد لم يرسموه معا بنفسهم لكن رسمته لهم مشاعر الفة اصبحت تربطهم حتى وإن بدو مختلفين فى الحوارات التى تدور بينهم لذلك لم يعد هناك اعتراض حقيقى عليها او احصاء لعدد المكالمات والاتصالات التكنولوجيا الأخرى سواء على رسائل الموبايل او الانترنت.
  • وليس الحوار هو المنساب فى تلك المكالمات فقط لكن هناك تيار مندفع يجرف أى عوائق فى طريق تلك العلاقة بدت الأمور لا تسير فقط خارج الحسابات والتوقعات فى تلك الاتصالات عرفا عن بعضهم الكثير والكثير وبدت الحوار تدور لساعات طويلة دون ملل أو كلل ولكنها خارج عن المألوف لكليهما اسوارها المبنية حولها تتهاوى سورا بعد آخر ،علاقتها بصديقتها نادية اصبحت هامشية اصبح مواعيده هى التى ترسم حياتها فهى فقط حرة فى وقتها حينما يكون فى العمل وهو لم يعد لديه ذلك الجدول اليومى الرتيب الذى لا يحيد عنه والذى اشتهر به وسط الأسرة والاصدقاء حتى فى العمل بدا مختلفا ،ولم يمض وقت طويل حتى كانا فى حوار لمقابلة أخرى.
  • طلب منها أن تختار مكانا ليقابلها بعد العمل وقال لها أنه يأسف على مكان اللقاء السابق لم يكن مناسبا واشار إلى مستوى الخدمة ولكن لدهشته كانت تقول أن الجلوس على النيل كان لطيفا خاصة مع "الفتحة الملاحية"  ،ضحك من سخريتها ورد أنه قال انه غير دقيق لكن المهم موافقة على مقابلة تانية ؟!
  • ردت بفرحة نفكر!  ،انا بقول ، قاطعته بضحكة "زن زن"
  • خلاص بكرة بعد الشغل انا ممكن اجى مصر الجديدة يمكن اجرب الدنش بتاع المكان اللى كنا فيه قبل كده ،اجابت ببساطة ممكن نشوف مكان تانى اعتقد بالليل المكان قد لا يكون مناسبا.
  • وقال لها خلاص نتقابل ونفكر فى مكان ،ورغم زعمها انها تفكر فقد ارشدته إلى مكان بالقرب من منزلها الذى كان قد عرف مكانه من دليل الكترونى للتليفونات ،رغم انها لم تخفى انها تسكن فى بيت فى شارع الطيران لم يحاول الذهاب من قبل لكنه عرف المكان تحديدا سواء مما قالته او من بحثه ،وحاول وهو ذاهب إلى المكان لأول مرة أ يسأل صديقه الذى يسكن بالقرب من هناك على هذا المكان فرد عليه مداعبا هذا مكان لا بأس به كنا نسميه هكذا أيام الثانوى لأن سعره مهاود وكمان لطيف لأنه عبارة عن كافيه داخل جنينه فى شوارع خلف فندق سونستا فى شارع الطيران ،لم يفهم تلك الدعابة إلا حينما ذهب إلى المكان ووجد اسمه "لاباس" كان يعرف سلسلة المحلات التى تقدم الجاتوه لكنه لم يكن جاء إلى المكان من قبل.
  • ولقرب المكان من منزلها اصبح مقرا دائما لمقابلاتهم الكثيرة التالية التى لم تعد تحدها حدود هى الأخرى واصبحت اللقاءات ايضا لا تحدها اعتراضات بدا أن سريان العلاقة تحول إلى شلال يتدفق بعنف لا توقفه أسوارها أو محدداته فى الحياة.
  • لكن تلك المرة لم تكن ككل مرة بدا أن شيئا جديدا فى علاقتهم قد حدث اصبحت العيون دوما تتلاقى بلا حذر وبلا خوف كان يبدو أن هناك حوارا آخر يدور بين تلك العيون مع حركات الشفاه بحوراتهم الطبيعية كان هناك شئ ما لم يعرفوه معا وطالت الجلسة دون حساب حتى تأخر الوقت على غير العادة وبدا انهم لا يريدون المغادرة وخرج من تأمله لها على صوت اشارتها  أنهم يجب أن يغادروا.

Tuesday, March 15, 2022

اوبرا

 

  • أما أن يتهمك احدهم بالروقان أو أن يتهمك بأنك مدعىثقافة ويقول لك وبتفهم الاوبرا دى ازاى وفى اقل تقدير ذلك مؤشرا على أنك كائن فضائى يزور كوكب الأرض.
  • لكنى اتصور أن ارتباطى بالاوبرا يعود إلى انها كانت مقر ارض المعارض القديمة ولى صورة وعمرى لا يتجاوز عشرة شهور على دبابة اسرائيلية فى معرض الغنائم وحينما ارى الفيلم التسجيلى عن أطفال مصر الذين يلهون بالمعدات الاسرائيلية اتذكر تلك الصورة التى تجدونها فى تدوينة أكتوبر آخر.
  • ونهمى لمتابعة الفن بدأ منذ بدأت الانضمام إلى حفلات الموسم الثقافى لجامعة القاهرة حيث مقر عملى السابق حينما كنت احضر تلك الحفلات فى امسيات الاربعاء من كل اسبوعان واتذكر اننى شاهدت فيها كورال اوبرا الاطفال بقيادة المايسترو سليم سحاب كذلك مسرحية بالعربى الفصيح فضلا عن موسيقى البلوز الأمريكية (موسيقى الريف الأمريكى) ومختارات من الموسيقى العربية.
  • ثم بداية من عام 2001 بدأت حضور مهرجان الفيلم اليابانى فى الاوبرا وتحديدا فى مركز الابداع وحتى الآن اواظب على حضوره اذا سنحت لى الفرصة وكانت هذه نافذة جديدة على الابداع العالمى حضرت فيها العديد من الفاعليات السينمائية الخاصة بدول مثل استراليا والارجنتين والمانيا وكوريا وصربيا واوربية وهذه الايام احضر دورة الفيلم الفلسطينى الخامسة وبعض هذه الفاعليات كان يصاحبها حفلات فى اماكن اخرى تابعة للأوبرا فقد ذهبت إلى حفل رقصات اوكيناو فى مسرح الجمهورية وكذلك بعض الفاعليات الأخرى على المسرح الصغير والكبير والمكشوف باالاوبرا سواء عروض ثمثل ثقافة تلك البلاد او عروض شبابية لفرقها.
  • وحيث أننا غارقين فى سطوة السينما الامريكية فأنا دائما اطرح قضية كيف اننا غارقين فى عقدة فيتنام مع المواطن الامريكى من اول توم كروز فى المولود فى الرابع من يونيو حتى فورست جامب مرورا بولد ليقتل ورغم ان امريكا اهينت فى هذه الحرب وكانت عقدة لها اجتازتها على القتلى فى العراق وافغانستان ،لكن كل ما فقدته لا يتجاوز ستين الف جندى لكن ما خسره الشعب الفيتنامى يزيد عن ثلاثة ملايين شخص وقد تكلمت من قبل عن مذبحة ماى لاى فى تدوينة فيتنام كورونا أمريكا ولن تجد بالطبع تلك الخسائر الفيتنامية بل سوف تجد فقط الحديث عن العقدة الأمريكية وكيف أن قتل المدنين كان دوما خطأ رغم رش سيانيد البرتقال على الغابات الفيتنامية والتى تجده فى فيلم اخر كيف أن جندى أمريكى تأثر به لكن الأخرون يعتبروا فى عرف الهنود الحمر لذلك فمتابعة ثقافات أخرى يغنيك عن غسيل الدماغ الدائم من السينما الأمريكية.
  • وانتظمت لفترة مع نادى سينما الأوبرا واستمتعت بندوات رفيق الصبان وتحليلاته للأفلام واتذكر منها فيلم البؤساء بنسخة استعراضية غنائية وفيلم الممثل الصامت وفيلم اجرى يا لولا المشابه لفيلم احمد حلمى الف مبروك وعدد آخر لا اتذكره الآن لكن وجود ناقد فنى يشرح التكنيكات السينمائية كذلك ثراء الندوة والمشاركة فى الحوارات وهذا ساعدنى فى عملى واشتراكى فى المؤتمرات الدولية حيث اتذكر اننى كنت مع شركة استرالية وتكلمت معهم عن فيلم كوميدى مشهور يمثل مشاركة استراليا فى رحلة ابولوا كنت شاهدته فى مهرجان الفيلم الاسترالى كذلك ساعدت عدد من ضيوف مصر فى التعرف على العروض الثقافية حينما كان يسألنى البعض فى المؤتمرات حول المولوية او الرقص البلدى المصرى وكنت انال الشكر والتقدير بسبب ذلك حتى ان مديرينى حينما كان يسألهم يوجهوهم لى.
  • وقد جعلتنى تلك الفاعليات حريص دوما على اقتناء البرنامج الشهرى للأوبرا حيث اننى ازور خليلتى مكتبة مبارك او مصر العامة فى قصر الطحاوية فى شارع النيل ثم اعرج على الاوبرا كمشاء لاحصل على البرنامج وقد احضر بعض عروض مسرح الهناجر او حتى سينما الهناجر وامر فى بعض الاحيان على العروض الموسيقية او حتى المعارض الفنية التى تقام سواء داخل قاعة الباب او القاعات الاخرى فى الاوبرا وقد اكتشتفت منذ أيام أن حتى المسجد الموجود فى الاوبرا المبنى بالتبرعات مؤسس منذ عام 1949 وهو المسجد الذى اصلى به حينما اكون فى احدى الفاعليات رغم أن فكرة الاوبرا عند البعض دعنى الزندقة وقد كان هناك جدل مصرى يابانى حول الاوبرا بسبب القرض اليابانى لبناءها لذلك فهى تسمى المركز الثقافى المصرى لأنه ليس من المسموح "للجايكا" منظمة المعونة اليابانية تمويل مشروعات تعتبر ترفا مثل الاوبرا ،والاوبرا المصرية القديمة كانت بالقرب من العتبة واحترقت وربما تظهر فى بعض الافلام القديمة فى تصميمها مثل تصميم مسرح الجمهورية.
  • ربما المكان الوحيد فى الاوبرا الذى لم ازره بعد هو المكتبة الموسيقية رغم تطلعى إلى الموسيقى الكلاسيكية لكنى دوما لدى مشكلة مع سماعات الأذن ،فى النهاية هو ليس طقسا من الروقان أو ادعاء الثقافة لكنها محاولة للتعلم والفهم وسعة الافق الانسانى لا اطمح أن اكون دوليا كما قال لى البعض من قبل لكنى اجد وجودى فى الاوبرا كعشقى للمكتبات بصفة عامة كتواجدى فى ساقية الصاوى ومتابعة برامجها يتناسق مع فكرتى عن قنبلة المعرفة العنقودية.

Monday, March 14, 2022

عودة الفيلم اليابانى

 
  • ليس جديدا لم يتابع مدونتى أن يعرف اننى اتابع الفيلم اليابانى منذ عام 2001 ومازالت احب أن اشاهد فيلم ساموراى الغروب الذى كان اول عرض حضرته فى سلسلة تلك الأفلام وربما تجاوز عرض الافلام اليابانية فى مصر اكثر من 25 عاما حيث أن اليابان هى من قدمت منحة المركز الثقافى المصرى (دار الأوبرا) ، قد يستغرب البعض مشاهدتى لنوعية مختلفة من اللغة السينمائية وقد تكلمت ذلك مطولا فى تدوينة الاستمتاع بكونك كائن فضائى.
  • عاد الفيلم اليابانى إلى القاهرة بعد غياب بسبب تداعيات ازمة كورونا عالميا والتى جعلت الافلام تعرض اونلاين وقد حاولت الوصول إلى الأفلام لكن عقبات تقنية منعتى وربما هذا العام بالذات اعتذرت مؤسسة اليابان حينما تسبب عطل تقنى بطء عرض الافلام اونلاين.
  • لكن العرض اونلاين يفقد السينما متعتها الحقيقة حتى وإن امتلك البعض شاشات كبيرة فمازالت السينما لها سحرها الحقيقى الذى يشملك وانت تشاهد الفيلم ويجعلك تعيش داخله حتى وإن كنت لم اجرب بعض فكرة تقنية العرض السينمائى بالبعد الثالث لكن الفن السابع له سحره.
  • عروض افلام هذا العام كعادة كل الأعوام تحاول تقريب الثقافة اليابانية وعرضها بشكل ناعم كما تفعل مؤسسة اليابان ليس على مستوى مصر فقط ولكن على مستوى العالم كله وقد كان الفيلم الاول عن الشطرنج اليابانى "الشوجى" وقد استمتعت به لأننى العب نسخة الشطرنج العادية وفكرة صراع الانسان مع الألة او فكرة تفوق الذكاء الألكترونى على الانسان او العكس التى كانت فى الشطرنج الطبيعى فى تحدى كاسباروف وديب بلو والتى اوجدت الآن مسابقات منفصلة للصراع بين الكمبيوترات معا ، وحتى تتطرقت إلى لعبة الشطرنج الصينى ايضا التى تفوق احتمالاته الشطرنج العادى والشطرنج اليابانى "الشوجى" وربما الطريف فى الأمر اننى حينما حاولت شرح المفردات الجبرية الموجودة فى الفيلم لبعض الحاضرين تصورنى البعض يابانيا والتى حققت دعابة كان صديقى رحمه الله يقولها لى أننى لن احصل على الجنسية اليابانية بكثرة متابعة الأفلام اليابانية.
  • استمتعت ايضا بالمشاهدة الثانية لفيلم ساموراى الطهى الذى يقدم قصة حقيقية لساموراى طهى يابانى والذى يعرض ثقافة الساموراى اليابانى بشكل عام وتنويعة من الاكلات اليابانية التى بالطبع لا اجيدها وإن كان طريقة طبخى التى قد تتطلعون عليها فى "اطباق من مطبخ شيف عازب" تتماهى مع فكرة الكتاب الذى اصدره الساموراى عن الطبخ الزاهد.
  • كذلك استمتعت بفيلم المانجا هذا العام وإن كان قصيرا لكنه مؤثرا جدا عاطفيا كثلاث قصص منفصلة ولكنها تتحد فى الهدف الرومانسى.
  • مازلت ارغب فى مشاهدة المزيد من الافلام اليابانية واحلم بتكرار عرض بعضها مثل ساموراى الغروب التى تكلمت عن لاحقا ووجه جيزو الذى حصل على جوائز عالمية رغم ان عدد من الفيلم لا يزيد عن ثلاثة اشخاص والذى يجسد مأساة سقوط القنابل الذرية على اليابان وقضايا الاكتئاب فى فيلم مثل تومى تاكهيتى وقضية الحب فى فيلم العاب نارية التى اعتقد فاز بأحدى الجوائز العالمية ايضا وقصة الحب فى هانا مايزوكى او حتى قصص الحب على الانترنت التى تتوافق مع ما اكتبه فى قصتى المدونة ،من الممكن متابعة مقالات اخرى عن الافلام اليابانية
  • فى مهرجان الفيلم اليابانى.
  • الاستمتاع بكونك كائن فضائى
  • هانامايزوكى.
  • أسبوع يابانى آخر.

 


Friday, March 11, 2022

20-حرف النون

 

   

قاد السيارة سريعا قافلا فى طريق العودة بدا صامتين غير صوت هنات تجفيف دموعها وحفيف ترتيب ملابسها ،ولم يقطع الصمت الا حينما طلبت أن تنزل بالقرب من البيت بحيث تترجل المسافة الباقية ،لم يعلق وحينما همت بالنزول من السيارة طلب أن تتصل به عندما تصل ،قالت بحدة ارجوك أنا محتاجة اكون لوحدى...

ظل فى مكانه لا يبرحه وهى تتحرك أمامه إلى طريق بيتها لم يعرف كيف انزلقوا إلى هذا المنعطف فى علاقتهم ،كانت تسير وهى تحمل شعورا بالدنس يلفها شعورا ما بسقوط داخلى تحاول أن تمحو آثار نحيبها تتصور أن كل من حولها يفهمون ماحدث يبدو الأمر شديد الصعوبة حينما تشعر بأنك رخيص.

حاول الاتصال بها لكنها لم ترد ،طوال الطريق إلى منزله يحاول الاتصال لكنها تجاهلت رناته كان يريد أن يشرح لها أن الأمر لم يكن له يد كان تحركا عفويا لم يعد يفهم كيف يشرح فكرة انه شئ عفوى كانت لحظة انجذاب ... حينما تغلف حياتك بالمنطق والحسابات تعجز حتى عن تفسير ماتفعله لنفسك ليس لديه قناعة حتى بذلك المنطق حتى يشرحه ،لوهلة ظن انها تتجاوب معه لكن لما فعل ذلك؟ اسئلة واجابات ظل يبحث عنها حتى بعد أن ركن السيارة بالقرب من المنزل وظل بها يحاول الاتصال وهى لا تجيب وواصل اتصالته حتى  أغلقت الخط.

جلس فى السيارة لا يدرى ما يفعل ،لم يكن هكذا من قبل ويعرف معنى ما فعله جيدا لقد وصلت علاقتهم إلى نقطة يجب اتخاذ طريق صحيح لها.

ترجل إلى منزله مر بمحل الجواهرجى التى تتعامل معه الاسرة ،حينما رآه صاحب المحل هم بتحيته فجميع اخواته ووالدته والمعارف يتعاملون معه فى البيع والشراء والتصليح وكل الفواتير باسمه هو شخصيا والرجل دوما يسلم عليه ويقول له أنه يتمنى اليوم الذى يشترى به الشبكة من عنده ،اومأ إليه بالتحية وتحرك بعيدا لكنه تفكر فى نفسه أن ما فعله يحتاج إلى اعتذار ،والاعتذار يحتاج إلى هدية ،هو ببساطة يسير على كلامها بما أن اذن!

ومضت فى ذهنة فكرة الاعتذار وعاد إلى إلى المحل واستقبله الرجل باشا كعادة اهل البلد وبادره اتفضل يا استاذ طارق لازم تشرب حاجة.

فرد عليه ضاحكا انه قادم كزبون.

فعلق يا راجل انت صاحب محل ،يبقى هيتم المراد بقى ونفرح بيك على خير انت عارف انا مستنى بقى فاتورة تكون بأسمك وتكون بضاعتها بتاعتك.

يامقدس عماد دعواتك لينا بس أنا فى الحقيقة فى حد قاصدنى طالب منى حرف هدية صغيرة كده لخطيبته قلت اسعده بالاعتماد على حضرتك وافتكر انه يعنى هى بحرف النون يعنى موش فى حروف ذهب بتبقى باسماء حروف او حتى بأسماء اشخاص.

شوف يا استاذ طارق الحاجات العربى دى لازم تكون بالطلب أأمرنى واعملك اللى انت طالبه لكن لو مستعجل يبقى تاخد الحرف اللى على الاسم بالانجليزى لأن غالبا بيكون فى عندى منه.

فيه حروف انجليزى جاهزة اتفضل نشوفلك المطلوب.

حينما ومضت فى ذهنه فكرة الاعتذار تصور انه يستطيع أن ينسج لها شئ خاص بها او يكتب حرف او حروف اسمهم معا ،وقفز فى ذهنه التكاليف لكن الفكرة ربما لا تكون جيدة لأن الهدية لن تبدو قيمة.

اخرجه الجواهرجى من شروده يتهيألى تقصد حرف N هو النون موش كده. ناوله عده حروف ذهبية مشغولة على شكل حروف اللغة الانجليزية باحجام مختلفة بعضها سميك بعضها رفيع وبأحجام مختلفة.

وجد حرف N  لكنه كان صغيرا جدا ،مافيش حاجة اكبر.

اطلب يا استاذ طارق وانا انفذلك اللى انت عايزة بس لو عاوز النهاردة ده اللى موجود.

أنا فعلا الراجل قصدنى وأنا عاوز اخده معايا بكره الصبح.

للأسف ده اللى موجود بس يا استاذ طارق هو موش حاجة قيمة اوى ،وكمان ده عيار18.

الحرف بالفعل صغير لكنه قرر أن يتشريه وياترى ده بكام.

يا استاذ طارق الحساب عندنا.

ياعم عماد خيرك دايما علينا سابق لكن أنا بس علشان اجيب الفلوس من البيت لو موش معايا يكفى.

يا استاذ طارق عيب عليك ده محلك.

ظلا فى مجاملات وحوارات البيع والشراء حتى اتم الصفقة وكان معه ما يكملها ووضعها فى علبه مخملية زرقاء لا يدرى لما اختارها زرقاء رغم أن الرجل قال له أن الحمراء افضل طالما للخطيبة وانتهت الصفقة بدعوة الرجل الدائمة ان يكون له حظ ويشترى منه الشبكة.

فى العشق أنت تحب التفاصيل تحب تفاصيل المحبوبة تحب ان تنسج تفاصيل خاصة بك حولها تحب أن تنسج عالم خاص بكما ،حينما جاءت الفكرة إلى ذهنه تصور انه يتسطيع ان ينسج شيئا خاصا لهما ،اصبح يفكر بشكل جمعى لم تعد هى لم تعد هو حتى وهو يفكر أن ينسج لها فإنه يريد أن يصنع عالمهما الخاص.

فى الصباح ذهب مبكرا إلى مكتبه كالعادة ،ارسل لها العديد من الرسائل حاول الاتصال على كل التليفونات لكنها لم ترد فى النهاية ارسل رسالة انه سيكون فى نفس مكان اول لقاء بعد عمله ولم يتلقى رد.

حينما دخلت اول زميله له إلى مكتبه ذلك الصباح كان مازال مترددا بشأن الهدية التى فى جيبه فتصور أن يسألها عن رأيها فيها.

حينما رد على تحية الصباح طلب منها أن يأخذ رأيها فى شئ قالت له خير

اخرج العلبة الزرقاء من جيبه ،قال له ان صديق له طلب منه خدمة بالأمس أن يشترى تلك الهدية لخطيبته وانه اشتراها له لكنها لم يعرف اذا كانت جيدة أم لا دى حاجة محتاجة خبرة نسائية ،تبدو قصته غير مقنعة بالمرة لكن صديقته نظرت إلى العلبة نظرة نسائية متعمقة وقالت المفروض العلبة تكون حمراء يعنى دى رسالة حب المفترض يعنى الحاجة التانية مسكت  الحرف فى يدها كانها توزنه ده خفيف اوى يعنى كناية عن البخل الستات فى الحكاية دى موش بيهزروا لو صاحبك مالى ايدوا من خطيبته اقل واجب ح يسمع كلمتين موش يعجبوه ،كمان حروف الحرف حادة أوى يعنى موش ينفع يكون فى سلسلة وتتعلق فى الرقبة.

للأسف لم تبرد قلقه لكنه لن يتراجع عن الفكرة ،واخذ يشكرها ويحاول أن يصرف نظرها عن عدم قناعة القصة يا ستى أنا مالى أنا عملت اللى عليا على قد فلوسه ،وهرب سريعا من نظرتها واخذ العلبة وخرج من المكتب حتى لا توجد فرصه للكلام مرة ثانية.

عقب العمل كان مرابطا فى مكان اول لقاء جلس وطلب قهوة وطلب الدانش التى نصحته به فى اول لقاء وهو ينتظر منها أى رد بعد أن اصبح التليفون متاحا اخيرا ،وحينما همت بالرد لم يترك لها اى فرصة للكلام ندى أن منتظرك ولا داعى لأى حديث فى التليفون وفرى أى كلمة.

رغم اعتراضها ظلت منومة مغناطيسية ورغم ما عانته طوال الليل من شعور بالدنس وجدت نفسها تهم بالذهاب لم تفكر كثيرا فيما ترتديه وضعت نفسها فى اول بنطلون جينز وجدته امامها وبلوزة لم ترتديها منذ سنوات واسعة ربما ارادت ان تتبرأ من كونها انثى أو انها تصور نفسها ذاهبة فى معركة فارادت ان تتخفف من انوثتها.

على عينيها نظارة شمس دخلت إلى المكان الذى يجلس فيها وكان يجلس داخل المحل وليس خارجه وكانت قادمة بسرعة وبتحفز بدا فى خطواتها السريعة تجاهه وقفت أمامه وقالت خير يا استاذ طارق.

هم بالوقوف ارتاحى لو سمحتى ،سحبت كرسيا وجلست لم تخلع نظارتها الشمسية التى لم تخفى احمرارا حول عينيها يوضع ما عانته من سهاد ودموع ليلة أمس.

اخرج العلبة من جيبه وضعها أمامها أنا اسف صدقينى كل شئ حدث دون ارادة منى!

كانت غاضبة وحاولت أن تهم بالوقوف وهى تقول حضرتك بتدفع ثمن ما فعلته ولا ايه انت فاكر ،أشار لها أن تجلس  ارجوكى اسمعينى بهدوء ... لم تتحرك من مكانها افتحى بس العلبة اعتقد موش ح تعجبك!

جلست ومدت يدها إلى العلبة رغم كل ثورة الغضب ورغم ترجمتها السيئة إلى انها فتحتها واخذ هو يقول انه اسف صدقينى مكنش فى فرصة اجيب حاجة افضل من كده يمكن كان نفسى اجيبها بأسمك او اجيبها بحرف النون علشان أزمة الهوية وبعدين قلت امشيها شعارات زى ما بتقولى.

خففت تلك الجملة جو التوتر رفعت النظارة الشمسية ونظرت اليه ،كان لقاء عيون مسهدة وحزينة معا ،وقالت انها لن تستطيع أن تقبل تلك الهدية وأنها قادمة لانهاء هذا العبث.

قال بكل ثقة ليس هناك نهاية لما تسميه عبث ،ماحدث يوجب علينا أن نتخذ الطريق السليم...

وقبل أن ترد اعتبرى هذه الهدية البسيطة والتى قالت لى زميلتى انها هدية شخص بخيل موافقة على طلب التقدم ليديك اذا كنتى تفضلى الطريقة الغربية فى أن اجلس على ركبتى واقدم واعلنها صراحة امام الناس هنا فأنا على استعداد لفعل ذلك ،لكن شرقيتى وهويتى يجعلون المحبوبة سرا لا يجب البوح به وعلاقتنا ليست مادة للفرجة أمام الجمهور.

بدا أن جو التوتر قد زال وانها لاتصدق ما يقول واصبحت مشاعرها ملتبسة بين أسى على ما حدث وخجل من عرضه وفى نفس الوقت فرحة بدت من خلال صفحة وجهها ابتسامة عابرة بددت كل اجواء التوتر فى المقابلة ولم تقل شيئا.

اردف قائلا السكوت علامة الرضا ،نظرت اليها تحاول أن تقول شيئا لكنها عجزت عن الكلام

ربما اخرجهم من تلك اللحظة قدوم الجرسون فبهنها سويا قليلا ثم قال لها مبتسما أن جربت الدنش زى ما قولتيلى اختار انا بقى تحبى تاخدى ايه اجيب ليمون اعتقد معندهمش شربات ...لم يترك لها أى فرصة للرد ووجه كلامة إلى الجرسون سريعا اتنين فراولة لو سمحت!

لم تستطع أن تهرب من نظراته الفرحة على وجهها تفضحها الخجل يمنعها أن تقول شيئا ،ركزت وجهها ناحية العلبة ولمح نظرتها لها أسف أنا عارف ان الحرف صغير يارب يعجبك يمكن يعجبك علشان أزمة الهوية؟!.

 

 

 

 

Sunday, March 6, 2022

غيرة ورقية

 

  • انت لا تفهم كيف يفكر عقل مبدع ،وقد يكون الابداع او العبقرية اقرب للجنون من الحكمة فأنت لا تفهم كيف يفكر هذا العقل لأن تركيبة التفكير قد لا تكون منطقية حقيقة واسوء حتى من المنطق النسائى الذى لا يفهمه كل الرجال ،لكنها فى مجال ما قد تكون شديدة الابداع وكما حدث من قبل مع التى احببت كاتبا ولم تستطع ان ترتبط به لغيرتها الشديدة من الابطال ،فقد جلست إلى كاتب وهو يسرد لى كيف فقط حبه الأول بسبب اعماله فأخذ يسرد على:
  • انهم منذ ان اكتشفوا حبهم فى ظلال اشباح سيناريو كان يكتبونه معا فى ورشة سيناريو بالاوبرا  وهى من تراجع اعماله لغويا وهى من تقدم له الرأى فيما يكتبه قبل أى أحد الصديقة المخلصة او الحبيبة او ما تعينه على درب النجاح وعلى وشك ان ينضموا معا فى شراكة انسانية لطول العمر.
  • وكالعادة يرسل لها فصول أول رواية تباعا للمراجعة حتى تكون جاهزة بعد طباعة مجموعته القصصية الأولى ،يستمع لأرائها يتجادلان حول اللغويات او الشخصيات ،لفت نظرها من قبل أن تتحيز لبطلى الرواية بشده فى بعض المواقف هى مصرة على انهم اطهار وهو يحاول أن ينسج لهم روح انسانية حقيقية.
  • هذه المرة بدا ان الحوار محتد قالتله ببساطة عن بطل الرواية انه لا يمكن أن يفعل ذلك بدت متحيزة جدا وهى تقول "طارق" لا يمكن أن يفعل ذلك!
  • نار غيرة اتقدت فى صدره كيف تهوى احد وتدافع عنه بهذه الحدة ،شعر انها واقعة فى غرام البطل ،اغلقا الخط بعد مشادة كلامية ابداعية عن انسانية الابطال وروح الطهارة او النموذجية التى ترى انها تريد أن يستكملها كما فى الفصول الاولى تصاعد الجدل وانتهت المكالمة بشكل حاد.
  • اغلق الخط واستعرت النيران فى قلبه اكثر واكثر ،حدثته نفسه انها تحب البطل تحب تلك الشخصية تريدها نموذجية لأنها تهواها نار غيرته لم تتبين انه يتحدث عن بطل صنعة بنفسه ربما حتى يحمل بعض صفاته هو بوصفها عمله الأول فالأمر قد لا يخلوا من مدرسية العمل الاول وشخوص الروايات عادة تكون نسخ حيقيقة فى حياة الكاتب او حتى صفات لديه هو شخصيا.
  • اخذ القرار فى تسرع شديد ارسل لها رسالة نصية أن كل شئ قد انتهى بينهم تسطيعى ان تكملى مع "طارق" ،لم تستوعب ما يقول ولم تحاول الدفاع عن نفسها فقد شعرت انها لا تستطيع أن تكمل معه ،رغم انه عاود الاعتذار كثيرا متحججا بآنه حذرها مرارا أن لا تختبر غيرته قائلا لها انه شخص قد يغير من ملابسها لأنها اقرب إليها وأن ذلك دليل حب ،لكنها تصورت أنه مجنون فكيف يغير من شخصية هو من خطها بيده ،وتصورت ان المتسقبل سيكون جحيما مع شخص يحمل مشاعر غيرة من ورق.

17-مترو

 

على وجهه ابتسامة بلهاء  بسبب تذكر اغنية شعبيه سمعها فى ميكروباص وكانت مضحكة وعلقت كلماتها فى ذاكرته "لما الجو احلو وراق رقصت انا مترو الانفاق"!

17-مترو

لم تفهم لما سالت تلك الدموع من عينيها بعد غلق الخط تشعر أنها ربما كانت هشة أو أنها هي ايضا اردت أن تراه بشدة وأنه بدل غير مكثرث ،حاولت جاهدة أن تعود إلى حياتها ربما الأعمال المنزلية هى ما سوف تخرجها عن التفكير فيه وحينما همت باداء ما تعودت عليه جاءها تليفون من نادية وردت عليها ببرود وحاولت نادية الاعتذار وطلبت أن تزورها اليوم ليلا فتحججت انها مازالت ترغب فى ان تبقى وحيدة ،والحت نادية انها ربما لم تقبل اعتذارها فقالت لها كلمينى بالليل لازم اسيبك بس علشان ورايا شوية شغل فى البيت.

بقى هو فى مهرجان الاسرة شبه الاسبوعى حيث تتجمع الاخوات مع الاب والام حول المأكولات الاسرية وحول احتفال عيد ميلاد الحفيدة لكنه لم يكن هناك كان يود أن يهرب سريعا ليقدم لها الاعتذار فكر فى أن يرسل لها رسالة لكنه احجم ولم يرد يظهر أن هناك ما يشغله خاصة انه شعر ان التسريبات الاسرية تظهر فى بعض حوارات الاخوات.

انهت هى يومها وعادت إلى السرير تقرأ فى احدى روايات الادب الانجليزى ،لكنه عاود الظهور فى عقلها حيث تذكرت كلامه عن أزمة الهوية ورغم كل ما تشعر به من أسى تجاهه إلا انها ابتسمت ،وقررت ان تحاول أن تنساه وتشغل وقتها ليلا مع نادية لكن حينما جاء المساء وجدته يحاول الاتصال ولم تستطع أن تقاوم عدم الرد وحاولت أن تكون غاضبه وهى تكلمه لكن قلبها كان سعيدا.

-بادرها بقوله لسه زعلانة.

= ازعل من ايه ؟! انا خلاص بقيت متأكده انك رجل الشعارات الاول فى بر مصر.

-   ارجوكى لازم تفهمى احنا لم نتفق اليوم اللى قبله اصلا انتى اديتنى شعور انى الححت زيادة وانهينا المكالمة بلا اى اتفاق.

= موش بقولك شعارات.

-        على العموم احنا لسه فيها بكرة اجازة وممكن اكون معاكى من أول النهار.

= ومين قال اننا حنتقابل يا نونو تانى.

-        ارجوكى بلاش حكاية نونو دى.

= خلاص يا young Man  ..

-        ارجعلك لمعادلاتى ونظرياتى من تانى.

= لا يا سيدى الأمر لا يحتاج سوى أنك انت نفسك تراجع شعاراتك وتسيب النظريات فى حالها.

-        طيب بكرة بعد صلاة الجمعة ايه رأيك اعوضلك امبارح.

= لا حضرتك فرصك راحت.

-        فرصة كمان للـ Young Man.

= لم تتمالك نفسها من الضحك وعلقت ايه أزمة هوية موش كده!

-   خلاص بكرة بعد الصلاة اجى بالعربية واخدك من عندك وانتى اختارى المكان اللى نروحه معلوماتى فى مصرالجديدة موش كبيرة.

=نفكر ..

-لا موش كل مرة لازم ناخد ميعاد علشان ميحصلش لخبطة

= ايوه ناخد ميعاد علشان تخلفه!

سريعا شرح له كيف كان يومه وكيف ارتبط مع الاسرة وطلب منها أن توافق على اللقاء ،ولم يصدق نفسه حينما وافقت ببساطة وان كانت جعلت الميعاد فى نهاية اليوم، لكنها كالعادة رفضت فكرة العربية.

= انت ركبت "الزقزوقة" ان نفسى اركب مترو الانفاق من سنين مركبتوش يمكن الخط الاول بس لكن خط شبرا ده انا بسمع عنه بس.

-        أنا مركبتش زقازيق؟!

= ياعم ده الاسم الرسمى لمترو مصر الجديدة من اهلها ،موش انت كنت بتقول بتحب الهزة بتعته اهى دى بقى الزقزوقة!

-        خلاص دى فرصتى بقى علشان اكون مرشدك السياحى زى ما انتى بتعلمينى الزقزقة.

= قالت متهكمة ايوه عايزاك تذاكر كويس صفحة المترو فى الكمبيوتر بتاعك ،بس انت موش بتزقزق انت "زن زن".

استكملا الحوار كأن شئ لم يكن واستمرت هى تداعبه متهكمة وتعالت الضحكات مرة اخرى ونسيت ان دموعها كانت قريبة واثلج صدره انها تفهمت كل شئ واغلقا الخط على ان يتفقوا غدا على ميعاد اللقاء.

وحينما اغلق الخط لم يكن يفهم كيف استطاع أن يجتاز غضبها بهذا السهولة وكيف أنه كان حريص على أن لا يغضبها وتكبده عناء اعتذار عن شئ من وجهة نظره لم يكن له يد فيه.

وكانت هى مندهشة انه يستطيع ان يجعلها فرحة ويستطيع ان يبكيها بكل هذه البساطة.

وقررت أن تؤجل لقاء نادية مرة اخرى حينما طلبت الحضور ليلا وقررت ان تبقى وحيدة تفكر فى لقاء الغد.

لكنها فى الصباح عادت إلى ترددها حينما اتصل لم يفهم لم بدت المكالمة اقل انسيابا وكأنها مازالت غاضبة قال انه سوف يحضر إلى مكان قريب فى مصر الجديدة وياخذها لاقرب محطة مترو، ولكنها اعترضت فكر فى أن يشرح لها ان تركب تاكسى لاقرب محطة مترو وتغير المترو لكنها قالت له انها ممكن ان تتوه خارج مصر الجديدة.

فى النهاية اتفقت معه ان تقابله فى محطة مصر المكان الاقرب الوحيد الذى تعرفه فى شبرا ،وبعد أن يأس من المجادلة قرر الموافقة على أن يتقابلوا فى الخامسة.

حاول جاهدا أن يفكر فى مكان قريب يجلسوا فيه لكن لم يكن يعرف أى مكان يقابل فيه أنثى كانت كل خروجاته مع اصدقائه فبدا حائرا فى النهاية تصور انها تريد أن تركب المترو فربما فكر فى اقرب محطة للكورنيش واخذ يفكر فى انهم من الممكن أن يذهبوا إلى اى كازينو على الكورنيش لكن يبدو أن خياراته فى منطقته ايضا محدودة فهناك واحد فى اول شبرا كان ملحق به مدينة ملاهى كان والده يأخذه إليه هو والاسرة والثانى بالقرب من منطقة الوكالة يعرفه لأن كان به فرح احد اقاربه ولم يكن يعرف لماذا اطلق عليه كازينو الشجرة!

اخذ يفكر فى كيف يقنعها أن يخرجوا من المترو وكيف سوف ينتقلوا اذا رفضت ... استقر فكره أن يركن سيارته بالقرب من محطة مترو فى حال وافقت ،وهكذا ركن سيارته بجوار محطة مترو مسرة واستخدم المترو للوصول إلى محطة مصر.

وقف ينتظرها امام محطة مصر يتفكر فى ذهنه كيف سيتجاذب اطراف الحديث معها، هى كانت حائرة لما وافقت بهذه السهولة واستقرت فى النهاية على ما ترتديه بعد عدة تغييرات بدا كلاهما يسيران فى اتجاه تسريع تلك العلاقة كأنهم منومان مغناطيسيا المهم أن يستمروا بغض النظر عن عدم القناعة.

فكرت أن تأخذ سيارتها وتركنها فى المحطة كانت تعرف أن هناك جراجا هناك لكنها قررت ان تاخذ تاكسيا لأنه ببساطة ممكن ان يطلب أن يركب معها وهى قد لا تمانع كانت صريحه مع نفسها أنها ربما اطالوا الوقت مثل المرة السابقة، لذلك حينما خرجت من التاكسى ووجدته فى الانتظار امام المحطة كما اتفقا قالت له انهم لن يطيلوا الوقت يجب أن يكون حيز المقابلة فى حدود الساعة اومأ موافقا وهو يفكر كيف سيقنعها ان يذهبوا إلى سيارته.

حمد الله أن المترو فى يوم الجمعة كان خاويا فقد فكر لوهلة أن يجعلها تركب عربة السيدات بالمترو ولكن لن يكون هناك معنى للقاء وبدا شاردا فى افكاره حيث لم يتكلموا حتى قطع التذاكر وتوجهها إلى المحطة حتى أنها علقت ساخرة ايه الكمبيوتر النهاردة عطلان ولا ايه!

-   لا أنا بس بجهزلك برنامج الرحلة قال ضاحكا...واخذ يقول لها أنه قبل أن تأتى كان يفكر أن الميدان له عدة اسماء رمسيس ومحطة مصر ومحطة مترو مبارك وباب الحديد !

فعلقت مندهشة ايوه كده طمنى على الكمبيوتر وقلت انها طول الوقت تعرف محطة مصر لأنها كانت بوابة السفر لاسكندرية وحينما كان تمثال رمسيس موجودا كانت تستمتع برذاذ الماء وهى صغيرة حينما تأتى للسفر إلى الاسكندرية.

وقفا فى انتظار المترو واخذ يشرح لها أن الفكرة أننا مثل المصريين القدماء يأتى حاكم فيمسح اسم الشخص الذى قبله لذلك فالميدان تسمى بعدة اسماء فوق رمسيس وتحت محطة مبارك وبالنسبة للمصريين كافة اختاروا الاسم الذى يعرفونه أنه باب الحديد كناية أنه اضيف باب جديد للقاهرة ولكنه باب الى السكة الحديد.

كانا الاثنين محرجين وهما يسيران معا بدا هو اكثر قلقا فمن الممكن أن يقابل اى احد مما يعرفه فشبرا هى منطقته وبدت هى سعيدة حاول أن يساعدها فى ركوب السلم الكهربى لكنها سحبت يديها سريعا وقالت لا تقلق ان باستخدمه من أيام مكنش فيه الا واحد فى مصر من أيام عمر افندى وسط البلد.

وصلا إلى محطة مسرة اسهب فى شرح أن الخط القديم كان عبارة عن تصميمات فرنسية لذلك جاءت كافة المحطات الكبرى باسماء زعماء مصر وكانت تحمل الطابع الفرعونى وتم رسم القيشانى بها من خلال الكمبيوتر ليصنع اشكال فرعونية بل أن محطة السادات بها تماثيل فرعونية ،قالت لها انها رأتها من قبل ،واسهب أن محطات مترو شبرا تم تصميمها بشكل تشكيلى فكما ترين محطة مسرة تحمل رموز العين والفم والاذن كناية عن وجود مستشفى بالقرب من المحطة.

ايوة بس انا عارفه أن لا ارى لا اسمع لا اتكلم ده مثل صينى ،جاوبها انه يسمى المحطة بأسم خاص "المزرعة الصينية" قالت له انه تعرف الاسم من قبل ،لكنها لا تتذكر ما هى تلك المزرعة قال لها انها احدى معارك حرب اكتوبر ،اردفت انها بالفعل تعرف الاسم من والدها حينما كانت تحاول أن تفهم الكثير من الامور العسكرية لمجاراة خطيبها فى ذلك الوقت.

وحينها كان قد وصلا إلى محطة روض الفرج وقال لها أن المراكب ترمز إلى أن المكان كان من قبل احد فروع النيل.

وقالت متهمكمة وانت يا ترى بتسميها ايه؟ قال لها انه يسميها يا مراكبى

دى اغنية محمد منير بس الشريط ده انت اكيد كنت صغير جدا علشان ده تقريبا 86 انا فاكراه كويس كان اسمه برئ.

شوفى تقدرى تقولى انى ما بسمعش إلا لاتنين محمد منير ومحمد جبريل.

مين محمد جبريل ده؟ قال ببساطة مقرئ قرآن ،تقريبا اخواتى الاكبر هما اللى كانوا بيسمعوا محمد منير يمكن علشان كده انا بقيت اسمعه بس انا احترفت محمد منير من بعدهم.

وحينما وصلا إلى محطة سانت تريزا قالت له دى قلبنا المقدس قلتلى عليها فى اول كلامنا على النت وفر الكمبيوتر للمحطة اللى جاية.

لم يتبقى سوى محطتين بس أنا عندى فكرة انا كنت راكن العربية ..

قاطعته بحدة قبل أن يكمل انسى موضوع انى اركب العربية من دماغك!

خلاص فيه كازينو قريب من محطة المظلات ممكن نقعد نشرب فيه حاجة.

موش ينفع ؟

اعترضها سريعا انا قعدت فى بلدكم يبقى لازم تقعدى فى بلدنا دى سلو بلدنا.

قالت ضاحة ياسلام على بلدكم!

خلاص اتفقنا.. ننزل محطة المظلات بس ح نمشى شوية لحد الكازينو على النيل.

على فكرة احنا لم نتفق على شئ؟ ثانيا الوقت..؟

رد سريعا حضرتك احنا بالظبط لم نكمل عشرين دقيقة معا يعنى لسه فاضل 40 دقيقة

حسبهم بالثانية حضرتك ،بس انا عارفة حسابات النصف ساعة بتاعتك دى توقيت طارقى !

ضحكا معا وطلب منها ان يقوما ليتجهزا للنزول للمحطة القادمة، لم تعترض.

لكن المحطة كانت اكثر ازدحاما وبدا الطريق إلى الكورنيش سيئا ومظلما كذلك حتى انها قالت شكلك كده سفاح مدينة نصر ،رد ببساطة احنا فى شبرا متخفيش لما نكون فى مدينة نصر!

وصلا إلى الكازينو لكن لسوء حظه لم يكن المكان على عائليته حينما كان يزوره صغيرا لكن بقى المشهد  جميلا بالقرب من النيل.

جلسا معا قرب المياه وطلبا ليمون .. ابدت اعجابها بالنيل واتساعه فى هذه النقطة وقالت لها انها لم تجلس على النيل من قبل.

بدا فخورا بالاختيار رغم أن المقارنة بالمكان الذى جلسا فيه اول مرة تبدو فى صالح المكان الأول ،وعلق قائلا اعتقد ان دى اكبر فتحة ملاحية للنيل!

معلش بالراحة شوية بلاش شغل الهندسة ده ايه حكاية الفتحة الملاحية دى؟

شوفى هو ربما التعبير موش دقيق اوى لكن انا اصلى مستعيره من مهندس زميلى بيشتغل فى الكبارى على النيل ،أنا مقصدى إن اتساع النيل فى الحتة دى كبير.

ايوه كده نتكلم عربى شوية.

وظل الحوار متصلا ،بين ضحكاتها ومعلوماته وبين تطلعه اليها حينما تتكلم واختطاف نظرات منها إليه ومضى الوقت سريعا مرة اخرى..

لم يقطع الحوار سوى تليفون وصلها من نادية وانتبهت معه ان الساعة تجاوزت الثامنة، انهت المكالمة سريعا وسارا معا عائدين عرض عليها مرة اخرى فكرة ان يركبوا تاكسى حتى العربية ،وكان الرفض هو حليفها بالطبع وقالت ح نرجع زى ما جينا مترو!

ولم يتوقف الحاحه حينما اقتربوا من محطة مسرة ،فردت من الممكن ان تذهب إلى عربيتك وانا اركب تاكسى من رمسيس ،فعلق متهكما المرشد السياحى لسه مخلصش دوره!

فقالت له رجاء للمرشد كفاية "زن زن".

حينما وصلا محطة مصر طلب أن يذهب معاها ،فقالت دور حضرتك ينتهى هنا سلام

طبعا ح نتكلم لما توصلى .. زن زن تانى

لوحت له وهى تركب التاكسى وقفل هو عائدا إلى سيارته وإن ظل ماشيا لم يركب شيئا رغم ان المسافة ليست قصيرة ، يسير وعلى وجهه ابتسامة بلهاء  بسبب تذكر اغنية شعبيه سمعها فى ميكروباص وكانت مضحكة وعلقت كلماتها فى ذاكرته "لما الجو احلو وراق رقصت انا مترو الانفاق"!

قد تصبح الاشياء فى حياتك معنى مكان تحبه او حتى وسيلة مواصلات تركبها وتدندن بها اغنيتك المفضلة مع اهتزازتها او حتى عبورك على نفس المكان يوما بعد يوم يصنع فى الذاكرة معنى آخر.