- لم يدر لما بدت صامتة أثناء الغذاء ... لم يعرف مكنون نفسها ..وحينما أنهوا الغذاء،أخرجت الرقعة الجلد من الشنطة وبدأت فى رص قطع الشطرنج....
- - اعترضها .. لا أريد أن ألعب اليوم ... بدت عصبية .. وهى ترد لماذا ؟ .. أتريد أن تنسحب كما تنسحب من أشياء كثيرة..
- - أنسحب .... ماذا تقصدين ؟؟؟ أى أشياء أنسحب منها ؟!
- - لا أقصد شيئًا .. .. لكن لماذا لا تدافع عن مواقفك للنهاية ؟
- - اية مواقف ؟!
- - ما فعلته اليوم فى مجلس القسم ...
- - لقد أدركت خطأ رأيي لذلك تراجعت إلى جادة الصواب ...
- - أى صواب ؟. الصواب أن تترك زملاءك بعد أن اقتنعوا بوجهة نظرك فى منتصف الطريق ....
- - لم أتركهم ..
- - قاطعته ..ليست المرة الأولى .. وأكملت رص القطع ...
- - لم يكن يريد أن يلعب ..كان نصف تركيزه مفقودًا بعد معركة اليوم ... وعادة يخشى أن تهزمه فقد كان بالكاد يهزمها أو ينجو من هزيمة محققة ... بالتعادل ... لكن روح التحدى التى كانت تبديها جعلته يريد أن يكسبها ... ثم علق قائلا ماذا تقصدين أنها ليست المرة الأولى ؟
- - بدأت اللعب ... مواقف كثيرة من قبل انسحبت منها وأنت قاب قوسين أو أدنى من الوصول لما تريد .. ألا تتذكر ردودك على والدى فى مسألة البعثة ولولا تدخلى لما كان وافق لأنك ببساطة تراجعت عما اتفقنا عليه ..
- - كل ما تقولينه مجرد هراء .. يجب على المرء أن يحدد مواقفه تبعا للمواقف وعليه أن ينحنى للعاصفة .. حاول أن يخرج من الجو المكفهر بينهما مهرجا : وبعدين تعالى قوليلى منْ أشهر فى التاريخ روميل أم مونتجمرى ؟
- قطع الحوار وصول الجرسون .. كان يريد أن يتأكد من طلباتهما الدائمة .. لكن الاثنين غيروا ما تعودوا عليه وطلبوا ليمون ...
- - قبل أن ينصرف الجرسون سأله : عم عبده " تعرف روميل ولا مونتجمرى " ... رد عم عبده: فى حد ما يعرفش روميل " ده ثعلب الصحراء " وغادرهما دون أن يبدى جهله بمونتجمرى.
- - روميل لم ينسحب إلا مرة واحدة وكان دائما فى المقدمة وسط جنوده .. مرة واحدة انسحب تبعا للظروف .. لكن لم يكن منسحبا دائما .. أنت تبدو أقرب للانبطاح ..... ممكن تسأل عم عبده لما يجيب الليمون .. مين أشهر فى مصر عبد الحكيم عامر ولا "موشى ديان " ....
- بلع ريقه بصعوبة بالغة .. من إشارتها الأخيرة إلى نكسة 67 بسبب الانسحاب ... لم ينقذه إلا ارتكابها خطأ فادح فى اللعب .. استغله بقسوة مضحيا بإحدى القطع .. نسيت أن تسأل الجرسون حينما وضع الليمون ......
- - قال بصوت منتش بالنصر: ماذا سوف تفعلين بميولك التقدمية أمام هذا الهجوم ... وضغط على ساعة الشطرنج بعصبية ....
- أخذت وقتاً طويلاً وهى تفكر ..... لم تستطع أن تتكلم ... حاولت أن تخرج من المأزق ظلت تفكر فى عدة خيارات لكنها فى النهاية اقتنعت ... أن نقلتها القادمة إجبارية ... أكلت القطعة وهى تعرف المصير المحتوم لملكها ...
- - استمر فى التضحيات بقطعة أخرى ... بدت مستسلمة .. وهى تقبل هداياه المسمومة ..... أضاف : منْ يتقهقر الآن ...
- حاولت استعادة موقفها لكن هيهات رأت الهزيمة فى الأفق .. بدا غير مكترث وهو يضيع الوقت فى أكل المزيد من القطع لكى يعوض ما خسره ... ولكن استهتاره وتشتته فى أكل قطع غير هامة جعله يخطأ هو الآخر ..جاءتها الفرصة وقاتلت بروح النمور الجريحة رغم ضيق الوقت فى ساعتها ...
- أصبح عليه أن يخسر وزيره .. أخذ يفكر فى الأمر مليًّا ..مخرجاً صعبا وجده ..أن يكرر النقلات .. وإلا سوف يخسر وزيره ...أخذ يكيل الكشات لملكها وهى تلعب نفس النقلات .. انتزع التعادل..
- - علقت : رأيت كيف أنك لا تقاتل إلى النهاية ...
- - تجرع كوب الليمون مرة واحدة متفادياً النظر إليها ... لكنها لم تتجرع الليمون .. فاجأته بنـزع دبلة الخطوبة من يديها وعلقتها فى رقبة وزيره .. لن أبنى حياتى مع شخص يبحث عن التعادل لا على النصر .. غادرت مقعدها غير ملتفتة لكلماته المخنوقة : منْ ينسحب الآن واجهيني ... ضاع صوته وسط الضجيج ..
Monday, February 1, 2010
"انسحاب"
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment