- عبر ذلك العنوان قد يتبادر إلى الذهن أننى عالم دينى يريد أن ينصح أو يوجه أو يتصور آخر أننى أحد دعاة الجماعات الإسلامية.
- لكن الحقيقة إنني لست عالم دينى فمازلت أحبو فى بداية العقد الرابع من عمرى ، وبالطبع لا أريد أن أقدم دعوة جديدة لإحدى الجماعات الإسلامية ، لكنى أريد أن أقدم دعوة جديدة لنقد هذا الفكر ، لا أريد أن أتكلم عن الصدمة الحضارية التى أثرت فى سيد قطب فجعلته يعود إلينا من الولايات المتحدة ليقرأ فى أفكار أبى الأعلى الموودى ويقدم لنا فكر التكفير ولن أسير على نفس النهج الذى صار عليه البعض محاولا فهم سر التناقض بين رفاعة الطهطاوى فى صدمته الحضارية فى رحلة باريس الذى عاد منها منفتحا يرى فى تعاليم الإسلام ما يجعلنا أولى من الغرب فى الكثير من المظاهر الحضارية وبين الفكر الذى جعل سيد قطب يبحث عن التمترس فى الخندق الأخير لأي إنسان وهو الدين.
- فى الواقع أننى عبر هذا العنوان الذى اقتبسته من أحد أسفار الجماعات الإسلامية التى قدمه احد طلبة كلية الهندسة الذى ألف السفر الشهير الذى اعتبر فيما بعد دستورا لجماعات الإسلام السياسى فى تبرير العنف الذى تقوم به فى فترة الثمانينات وحتى الآن سواء فى مصر أو عبر العالم العربى أو الإسلامى ألا وهو السفر المعروف بـ " الفريضة الغائبة" وبالطبع خلص من دراسته أنه نتيجة للقصور فى الفهم الدينى أن المسلمون تجاهلوا فريضة الجهاد !!! ... طالب فى كلية الهندسة يترك كل المراجع العلمية التى من المفروض أن يحصلها وتشغله قضية مجتمعه لكن وفق ظروفه ونشأته ينحرف فى التفكير إلى زاوية واحدة يتوقف عندها ..
- وربما خاض الكثيرين فى اتجاهات هذا الفكر وكيف تكون سواء فى المعتقلات أو فى خارجها فى العشوائيات أو عبر معاناة التراجع الحضارى...ولم يتوقف البعض كى يوجه سؤالا إلى هذا الشباب الذى ضل طريقه هل الجهاد هو الشئ الناقص حقا !!! أم هل هو الشئ الناقص فقط .
- بحثت عن أسرار تراجعنا الحضارى ككثيرين ولم أجد إجابة شافية ... قلت أفكر بنفس المنهج الذى سار عليه هؤلاء الشباب ابحث عن الفرائض الدينية الغائبة التى جعلتنا نقصر فى اللحاق بركب التقدم ...
- ولكننى كما قلت مسبقا لست عالما دينيا لكى أخوض فى التأويلات الدينية الذى قدمها هذا الفكر ...
- لكنى أريد أن أسأل الجميع ما هى حقا فرائضنا الغائبة ...
- لماذا وصل حالنا إلى ما وصلنا إليه فى ذيل قطار الحضارة الإنسانية الحديثة نتسول قوت يومنا المادى والمعنوى من جنبات الأرض كلها دون ان نصدر شيئا بل نوصم بالجهل والخرافة و أخيرا الإرهاب .....
- لست أدرى لما لم يتوقف أحد أمام الكلمة الأولى فى محكم التنزيل " أقرأ" .... التى تفتح لنا آفاق المعرفة كحق حينما تصبح القراءة كفريضة ينفتح العقل على الآفاق الرحبة للعلم وتصبح المعرفة فريضة دينية...أليست المعرفة فريضة غائبة فى حياتنا .....
- أين معارفنا الآن أين العلوم التى نبغ فيها المسلمون وصنعوا ما زال يعتبر أصلا لعلوم كثيرة فى الغرب الآن لن أعدد أسماء علماء نظل نرددها للتباهى بأمجادنا الزائلة دون أن يكون لنا طائل فى حضارتنا الحديثة............
- لماذا لم نرى أننا ينقصنا التفكير كفريضة .....فحينما تحدثنا العديد من آيات الذكر الحكيم عن صفات المؤمنين بوصفهم "يتفكرون فى خلق السموات والأرض" يصبح التفكير فريضة على كل مسلم .....
- ولكن حالنا لا يخفى على أحد ، فحينما تبقى نفس الأسئلة التى نرددها فى محافلنا منذ بداية القرن التاسع عشر حتى تخطينا الألفية الجديدة نفس الأسئلة حينما نراجع نفس قضايانا حيث أننى وانا أطالع ما يقدمه لنا د.يونان لبيب رزق الله فى الأهرام عن جريدة الأهرام كديوان للحياة المعاصرة أجد أن بعض القضايا التى نوقشت أو احتدم عليها الجدل مازالت كما هى مازال لدينا نفس المحاذير لم يحدث لنا تطور فكرى حقيقى ، سوف تطالع أسئلة مثل الحجاب أم السفور .. عمل المرأة أم جلوسها فى المنزل ... بل حتى سوف تجد الاستقطاب الفكرى الحاد المجتمع المقسم فئات أنت ناصرى ولا ساداتى .. اسلامى ام علمانى .. والمصلحة غائبة ...كل منا يحتكر الحل الأوحد الناجع بعيدا عن الآخر . الفكر الاحادى بعيدا عن الفكر الجماعى.......
- لماذا لا نجد أننا ينقصنا العمل كفريضة ... فرسالة الإسلام عبر الآية الكريمة " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" ترينا أن العمل الذى نقوم به يقع فى يد الله قبل أن يقع فى يد العباد وجزاءه عند الله قبل جزاءه عند العباد ... هل نؤمن بقيمة العمل حقا .. هل نعطى العمل حقه ، كم من مصالحنا الحكومية تخلوا من موظفيها قبل مواعيد العمل بساعات طويلة أهذا يرضى الله ، سوف تجد فى كل مصلحة مصلى تقام فى الصلاة يحرص جميع الموظفين على أداءها ولكن هل أدينا حق هذه الصلاة ، التى تلزمهم بأن يتقوا الله فى أعمالهم ولا تصبح الصلاة وسيلة للهرب من العمل ولقد رأيت بنفسى فى بعض المصالح الحكومية كيف يقام لصلاة الظهر ويحرص الجميع على الذهاب إلى المصلى لاداء ركعات السنه التى ربما لا يؤديها فى أوقات اخرى بل للعجب الشديد وجدت البعض يترك العمل وينخرط فى سماع درس دينى أثناء أوقات العمل الرسمية فى هذه المصليات وقد لا يحضرون هذه الدروس فى المساجد ، ويصبح المصلى مكان للهروب من قيظ الصيف تحت مراوحه أو هربا من طلبات المتعاملين مع المصلحة وتتعطل مصالح العباد دون اعتبار للوقت المستنزف من عمر الأمة ، بل قد تجد أحد الموظفين نائما تحت المراوح فهل هذا هو حق العمل وتقواه هل المصلى هو مكان النوم أم الهرب من تكاليف العمل..
- وإذا تحدثنا عن العمل فلن يفوتنا الحديث عن جودة العمل .... ونحن الآن لا نآلوا جهدا فى أن نستورد شركات مراقبة الجودة من كافة أنحاء العالم لاعطائنا الشهادات بجودة المنتج او جودة المؤسسة ... ونسينا أن رسولنا الكريم حدثنا قبل أكثر من 1400 عام عن التجويد كفريضة فى حديث نحفظه جميعا " إذ هم أحدكم أن يعمل عملا فعليه عن أن يتقنه" ولكن بالطبع أصبحت منتجاتنا يضرب بها المثل فى السوء بل كلنا يتباهى بأن ما اشتراه مستوردا ، فلماذا نسينا تطبيق الحديث الذى لا أشك أننا جميعا نحفظه عن ظهر قلب لكن تجاهلناه وتراجعت منتجاتنا وقلت فرصنا فى المنافسة والتصدير ....
- هذا مجرد تصور لبعض الفرائض التى غابت عن حياة المسلمين فظلت " تتداعى عليهم الأمم " كما حذرنا الرسول الكريم وحينما سؤل صلى الله عليه وسلم " أم من قلة يومئذ نحن يا رسول الله " قال :
- "بل كثرة ولكن كغثاء السيل" وهذا أفضل تعبير عن حالنا الذى لا يخفى على أحد ، ونحن فى هذه المرحلة الحرجة من التاريخ الإسلامى .. لذلك وجب علينا أن تكون تلك الفرائض أجنحة نهضتنا " علم يصاحبه تفكر وعمل يصاحبه تجويد " لتحلق بنا تلك الأجنحة فى ركب الدول المتقدمة ويرجع للمسلمين مجدهم وعزهم ليملئوا الدنيا بالعدل الإسلامى ، هذه مجرد نصورات مسلم شاب يحلم بيوم يأتى علينا لنقول القرن الإسلامى بدلا من القرن الأمريكى الذى استهل بالزور والبهتان والظلم لكل ما هو إسلامى ،وختام وأدعو الله من كل قلبى أن تكون تلك التصورات فهم لصالح الدين وليست تأويلا خاطئا أو فهما مغلوطا لصحيح الدين.
Monday, December 21, 2009
فرائضنا الغائبة
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment