Saturday, February 4, 2023

عالم موازي القصة التي كرمت من دار الملتقى

 

كان اختياري أن أترك العمل حينما تجاوزت الأربعين وقررت أن أتفرغ لأسرتي ولأن ابنتي كانت فى الصف الثالث الثانوي حيث عنق الزجاجة الدراسي ،والولد فى نهاية المرحلة الأعدادية فقد حان الوقت لترك العمل وعليه فقد أصبحت ربة منزل.

وحياتي كانت مليئة بمهامي الأسرية وبنشاطاتي الأخرى بعيداً عن العمل ولكن دخل بها الجلوس أسبوعياً مع جماعة المرأة المتوحشة –هكذا كانت تطلق عليها أحدى المشاركات- كنا يجلسن عدة مرات في الأسبوع لكني قررت مشاركتهم لمرة واحدة صباحا حيث نتبادل الحوارات حين يكون أفراد الأسر الآخرين فى العمل أو المدرسة.

وكان موضوع اليوم هو الخيانات الزوجية "الانترنتية" وهكذا جلست أستمع إلى تجارب صديقاتي في العمارة حينما حاولن مغازلة أزواجهن عن طريق "الانترنت" وكيف أن إحداهن اكتشفت أن زوجها أرمل والأخرى تبين لها أنه مطلق أما الأخيرة فقد قال زوجها إنه عازب وأقلهم سوءا كان يقول أنه لا يحب زوجته!

وحينما جاء دوري لأعلق تحدثت من منطلق سيدة سبق لها العمل في تكنولوجيا المعلومات وما سمعته في مؤتمرات عملي عن تأثير "الانترنت" على الأسرة ،وبدا أن الحديث نظرياً وعلميا ولا يليق بربات البيوت ،ورغم أنهم استمعوا إلي دون تعليق ،لكن كان يبدو عليهن الملل وربما المجاملة كصديقة جديدة فى جماعة المرأة المتوحشة يجب أن تأخذ مساحتها ،وفهمت أنني لا اتكلم كلاماً عملياً بالنسبة لهن ولكنهن جاملونى باهتزازات باهتة من رؤوسهن.

بعدها بأيام لعبت الفكرة في رأسي وترددت في خوضها لكن في النهاية وجدتني أنشئ حساب على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي واخترت اسم ليلى ،كنت أعرف أن زوجي يحب هذا الاسم لارتباطه باسم مدرسة طفولته كما كان يحكي لي ،وإن كانت غيرتي كانت تشك أن له قصة أخرى مع هذا الاسم ،لكن ربما لم يحن الوقت عن كشفها في إطار الاعترافات الزوجية الرجالية التي تأتي علينا تباعاً نحن كنساء ،أضفت بعض صور لأنواع معينة من الورود كان يحبها أفلامه المفضلة قطع موسيقية أو أغاني أعرف أنها تعجبه ،كان كل شئ محبوكا لكي يسقط في الفخ لا أعرف من أين لي هذا الشر النسائي ربما الفراغ الإنساني بعد التخلي عن واجبات العمل.

أرسلت طلب صداقة لزوجي واشتركت في عدة صفحات أخرى  ليبدو الأمر طبيعيا وانتظرت يومين ولم أتلق رد ،ثم جاءت رسالة منه تسأل إن كنت أعرفه يبدو أنه يتحسس طريقه بمهارة جعلتنى أشك به أكثر ،فجاوبته أن مواقع التواصل الاجتماعي هي للتعارف فهل تمانع في التعارف قبل أن يرد على الرسالة قبل طلب الصداقة.

وهكذا بدأت علاقتي مع زوجي على التواصل الاجتماعي لكنه كان رجلاً صادقاً لم يكلمني باسم مستعار لم يخف أنه متزوج في البداية لم يتحدث كثيراً عن علاقته الزوجية إيجاباً أو سلباً لم ينكر سنه لم ينكر أولاده كان يبدو كل شئ إيجابي من حيث الصدق ،ولكن غيرتي كزوجة كان لها رأي آخر.

وبدأت ألحظ تغييراً آخراً في شكل علاقته الزوجية ،بعد أسبوعين من التعارف أصبحت إحدى مواقع التواصل معه كزوجة تأتي عليها ورود في الصباح أو رسائل سريعة لطيفة لم أحصل عليها كزوجة قبل ذلك ،كانت الرسائل أو المعايدات لأسباب تتعلق بحياتنا اليومية أو لأمور يجب تنفيذها لكن أصبح هناك مساحة مختلفة يبدو أنه يعوض ما يفعله من خيانتي ،آه من الرجال يسهل على النساء اكتشاف ألاعيبهمٍ.

خيانة.!؟ نعم يخونني مع نفسي وأصبح لدى شعور بالازدواج كزوجة وصديقة لم أعد أفهمه رغم أن علاقتنا لم تزد عن تبادل عدد من الرسائل ،ولم يكن مراهقا ويطلب صورا أو حتى رسائل صوتية ،بدا أننا نناقش الأفلام المشتركة الموسيقى حوارات أقرب إلى أيام الخطوبة ويشرح لي كرة القدم رغم أنني كزوجة كان يسأم من أسئلتي الغبية أثناء المبارايات!

كان كل شئ بريئا وعجزت أن أنصب له فخا وحتى عجزت عن فكرة طرح الموضوع في جلسات المرأة المتوحشة لكن بدأ تأثير الغيرة لي كزوجة يظهر شيئا فشيئا فأنا أعرف ما يفعله وليس الأمر من وراء ظهري أو مجرد شكوك أنها حقائق ملموسة تحت يدي ،وبدأت علاقتنا الزوجية في التوتر.

وفي أحد الأيام حينما سألته كصديقة عن يومه شرح لي أنه حزين لأنه تعارك مع زوجته هذا الصباح ،علاقتنا أصبحت على المشاع الآن ها هو يشارك حياتنا الزوجية مع صديقته ،الرجال كلهم ذوى أذيال طويلة الويل لنا نحن النساء من هؤلاء الذئاب.

كصديقة حنونة استمعت له وأخذت أحاول تهدئته وحاولت الصيد في الماء العكر ،لكنه قال أنه يحبني أقصد يحب زوجته وأنا استمع إليه كصديقته فاستسلمت وشرحت له كيف يطيب خاطرها ،الأنكى أنه تصرف مع زوجته كما قلت له كصديقة!

لم استطع كصديقة أن أغوي زوجي ولكني بدأت أفتش عما أعرفه ووجدته يهتم بتليفونه المحمول كثيراً ،وحينما حاولت أن أفتحه وهو نائم استيقظ فجأة وتحججت بأنني أبحث عن صور للأولاد وبدا منفعلا على غير العادة.

ومازلت كصديقة عاجزة عن احتواء زوجي بعيدا عن زوجته وكزوجة احترق بغيرتي ،لقد اختلطت المعاني فى رأسي أصبحت لا أعرف هل أنا الزوجة أم أنا الصديقة؟! ،علاقتنا الزوجية رغم توترها إلا أنها تسير بشكل جيد أصبحت أبهره كزوجة في فهمي لبعض المواقف في مبارايات كرة القدم هو لا يعرف أنه شرح لي كصديقة ما لم يقدر أن يشرحه للزوجة.

أنا حائرة فى حياتي بين لعب الدورين ،حينما أجلس وحيدة أفكر أنني فاشلة في الحالتين فأنا كزوجة فاشلة لم استطع الحفاظ على زوجي وكصديقة أعجز عن إغوائه كما فعلت صديقاتي.

أتصور نفسي مشطورة بين مشاعر مختلفة ،في بعض الأوقات لا أشعر إن كنت زوجة أم صديقة أشعر أنني لست هذه أو تلك ،أشعر بشئ من التشظي داخلي بين زوجة وصديقة بل إنني أشعر أنني لست الاثنتين وأنني شخص ثالث يستخدم الأثنتين!

الحياة بشخصيتين أصبحت تنهكني أوقات كثيرة أبكي وحيدة حينما أكون فى البيت لا يخرجني إلا أصوات رسائل زوجي لصديقته وتفاعلي معه التي هي أنا أيضا.

أنا حائرة بين خيانة زوج وكرامة زوجة في حوار يمتد إلى ساعات مع صديقة وحوار مبتور مع زوجة ليس فيه دفء أجده في حواره مع الصديقة ،وأوقات أخرى أجد نفسي استمتع باللعب بالشخصيتين على زوجي وأنني أتحكم به وبمشاعره وكأنني أمارس تجربة كيميائية أضع بها مقادير وأغيرها وأرى النتائج.

لم استطع أن أواجهه بالحقيقة مازالت مساحة الصداقة توفر لي جانبا لا أجده في مساحة الزوجة ،رغم الإنهاك الذي أعانيه فأوقات كثيرة استمتع بهذا ،هو يعطيني كصديقة فرصة لمشاهدة حياتنا الزوجية من بعد آخر ،لا أعرف هل جن عقلي أم تختلط بي الصور لم أعد زوجة ولا صديقة ،ساعدني الأمر من الخروج من حالة التوحد مع مهامي كزوجة ،ولكن مشاعري أصبحت متوحدة رقميا مع دوري كصديقة ،هل أصبحت الزوجة التي ترافق زوجها انترنتيا؟!  أم أنني فيما يبدو أعيش بُعد آخر في حياة موازية!


No comments: