Saturday, February 4, 2023

في معرض الكتاب

 



في السنوات الأخيرة لم أعد أذهب إلى معرض الكتاب أكتفي بأن أوصي أحد بأن يسأل لي على بعض الكتب التي أبحث عنها أو حتى لمجرد معرفة أين وصلت الأسعار، وعادة لا اذهب كي أمنع نفسي من الشراء لأن لدي عدد كبير من الكتب كان يضيق صدر والدتي بهم وتصر على أن تضعهم في كراتين بينما استمتع أنا بأن اضعهم على ترابيزة السفرة الكبيرة وافترشهم ووجدت أن ذلك حال كل اصدقائي القراء مع زوجاتهم.

وأخر مرة زرت المعرض كان منذ عامين في تجربة أبنه اختي للكتابة، بالأمس زرته لتكريم دار الملتقي بوضعها ثلاث قصص لي في كتاب مجمع كجزء منمشاركتي في مسابقة القصة القصيرة الخاصة بهم  ولاستلام شهادة التكريم.

منذ أن ركبت أتوبيس هيئة النقل العام المخصص للمعرض وانا مندهش لأن الاتوبيس مكتمل وعادة اتوبيسات المعرض تكون خاوية، كنت اعرف انه أخر يوم جمعة في المعرض وسوف يكون زحاما لكني لم اكن اتصور أن يكون هناك ما يقرب من نصف مليون زائر.

ربما وانا اقف في طابور طويل للتذاكر كنت سعيدا وحينما دخلت سعدت أكثر رغم تلك الظروف الصعبة التي تعيشها مصر والبعض يصفها بالشدة السيساوية ورغم حالة الاحباط العامة لكن بصراحة كنت اكثر سعادة بتنوع المصريين، نعم هناك كثير من كتب الرعب وكثير من قارئي ميكي أو حتى كتاب تحت السلم حتى أنا شخصيا اعتبر نفسي مجرد مدون لا اطمح في أن اكون كاتبا كبيرا بالمقارنة حينما يقرأ المرء لكتاب حقيقيين.

لكن السعادة أن كثيرين من هؤلاء يشاركون في القراءة، حتى مع طقوس السلفي الذي تعود عليها المرء والتي أصبحت جزء من الممارسات الحياتية للناس ربما تصنع التكنولوجيا مع الاخوة الكبار الكثير من النرجسية.

اتصور أنني وجدت التنوع المصري هناك ما يطلق عليهم الأصوليون الإسلاميون التي لا تستطيع أن تغيب عنك رؤيتهم حتى مع دار الكتاب المقدس الحالة الدينية في مصر رغم كم الفساد الذي نعيش فيه تستحق النظر ربماهؤلاء يعيشون في خنادقهم الأخيرة في الحياة لكنهم جزء من التنوع المصري حتى مع الأخرين الذين يتباهون بحرية المرأة وأنت تكون المرأة مثقفة وتدخن، سعدت بهذا التنوع المصري واتمني أن نحافظ عليه ، مصر بالفعل كبيرة ليست بعدد السكان لكن بتنوعها وبحضارتها هذا الشعب يستحق أن يكتب لأسم مصر الكثير كما كان الشعار الخاص بمعرض الكتاب.

زرت الكثير من القاعات حتى بما فيهم قاعة الأطفال، حتي أنني تصورت بجوار احدي صور افلام الكارتون الشهيرة.

مازلت انتمي لذلك الجيل القديم الذي أحب قاعات عرض المكان القديم للمعرض الذي بيعت أو ستباع لا ادري وسوف يتم التخلص من تلك القاعات التي كانت تعكس جوا مصريا خاص بتلك القاعات المرتفعة الشبيهة بالمعابد القديمة لكن تبدو القاعات الجديدة صغير وضيقة ومع الزحام كانت خانقة.

كنت اسعد وانا صغير بتناول الشيبسي العائلي والبوزو وحتى حينما كبرت كنت احرص مع شراء الكتب أن نشتري كراتين "اليوندوز".

اتذكر مراهقتي هنا وتعلق عيناي بتلك الفتاة من احدى مدارس الارساليات الاجنبية بمصر الجديدة ورؤيتها بالصدفة في اكثر من قاعة وتعلق عيني بها حتى كان صديقي يقول لي أنه تسير وراءك روح وكلمها.

اتذكر صديق آخر ونحن في بداية السنوات الجامعية الأولى وقد أعياه جولتنا لمدة ثلاث ساعات وقرر أن نغادر المعرض سريعا لكني أقنعته بالتريض قليلا حتى ميدان العباسية ومن العباسية حتى محل الفول نجف في الدمرداش ومن نجف إلى القصبجي ملك المانجا وفي النهاية اخذ يصرخ ونحن في أول شارع شبرا أنت ضحكت علي وجبتني مشي من مدينة نصر لحد شبرا وانا رجلي بتوجعني ربما كتبت عنها من قبل في تدوينة مشاء.

ربما قرأتم من قبل أيضا تلك الكتابات حتى عرفتم أين وصلت رحلتي الكتابية أو حتي كيف وصل أسمي أن يدون على جزء من كتاب في معرض يعتبر ثاني أهم معرض عالمي بعد فرانكفورت مصر تستحق الكثير منا، لدي أيضا المجموعة الكاملة لصلاح جاهين الذي كان رجل المعرض هذا العام ، وربما عدد زوار مدونتي كثير منهم هذه الشهور من ضيف المعرض لهذا العام دولة الأردن.

لا أعرف إذا كنت اغرقتكم في الكثير من النوستالجيا لكن لدي كل دعوات المعرض على مدار الأعوام الماضية منذ أن وطئت قدماي أرضه في نهاية السبعينات حتى الآن، ولا أتذكر أن كان لي حظ وحضرت معرض كتاب في أرض المعارض القديمة في الأوبرا وإن كنت اتذكر أنني حضرت لاحقا معرض لكتب الأطفال بها أيام كتابات ماما سوزان ومكتبة اسرتها التي هي جزء من أنجاز المصريين ولن ننسى لها الفضل حتى ولو كانت زوجة أبو علاء ووالده جزء من ملف التوريث البائس الذي أدخل مصر إلى المنحنيات الخطرة التي نحن بها الآن حتى والجميع يضج الآن ويقول ولا يوم من أيامك يا مبارك.

وعلى أسم مصر لازم يكتب التاريخ الكثير المعرض ثاني اهم معرض عالمي بعد فرانكفورت، دوما أقول من يستخدمون شبكة مترو انفاق القاهرة أكبر من دول في المنطقة من حولنا حتى من زاروا المعرض بالأمس فقط يتخطى عدد دول كثيرة في العالم ليبقى أسم مصر رغم كل الظروف ورغم قيادة رجل مشاتنا البائس، على أسم مصر لن ننسى كامل الكيلاني رائد ادب الأطفال على أسم مصر لن أنسى أبي الذي حببني في القراءة وابلة ليلى وكل أمينة مكتبة واخواتي الأكبر الذي شاركوا لي في مسابقات ميكي ورئيس تحرير مجلة ميكي حينما كانت تابعة لدار الهلال واختي الأصغر الذي كنت اخذ منها كتبها لأقراءها وكانت تصحبنى معها إلى مكتبة دار الكتب سيبقى لي معشوقة وخليلة وملك يمين دوما في سريرى وسوف تبقى القراءة فريضة غائبة لدي ويبقى تهافت الكتب يأكل وقتي ويبقى الشوفيني داخلي يمجد أسم مصر.

 

 

 

 

 

No comments: