القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية يغلق اذاعته ويكتفي بالبث المباشر عبر الإنترنت، عبر ذلك العمر الذي مضى يتذكر المرء تلك الساعات التي قضاها المرء بجوار الراديو رغم أننا كنا جيل يلقب بجيل تليفزيوني ، لكن كانت الإذاعة الموجهة قبلتنا في الأزمات، ورغم أنها إذاعة موجهه فقد كانت حريصة على جذب المستمعين جعلتنا نؤمن أكثر بعالم عربي واحد بعد أكثر من ثمانين عاما تصارع ازمة تكنولوجية وتختفي الإذاعة وتقل قيمتها مع الزخم المعلوماتي المتسارع لتكنولوجيا المعلومات.
ستبقى أصوات مثل مديحة المدفعي ، جورج مصري ، محمد الصالح الصيد وأسماء كثيرة أخرى لأ اريد أن انساها برامج العالم هذا المساء عالم الظهيرة العالم صباح اليوم في ذاكرتي الإنسانية مؤشرا لكثير من احداث العمر.
والدتي رحمها الله كانت تتشائم من تقليدي لجورج مصري حينما كان يقول تقارير المخابرات الامريكية عن سقوط نظام مبارك في التسعينات خلال ثلاث سنوات مما دفعهم حينها لبدء حوار مع جماعة الأخوان المسلمين، وكانت تذكرني بتلك الكلمات إبان إنتفاضة يناير.
لا انسى صوت بكاء عزة محيي الدين وهي تنقل اخبار العمليات الإرهابية في تسعينات القرن الماضي أيام ارهاب الزمن الجميل الذي يبدو الإرهاب الجديد يقرب عشريته السوداء في الجزائر، وحتي حينما كانت القنبلة قريبة هناك في شبرا كنت استمع لهم.
حينما ايقظتني والدتي رحمها الله حين غزا العراق الكويتوكنت لا اصدقها واتصورها مجرد محاولة لأن أقوم مبكرا لكي تنهي أعمالها المنزلية التي كنت اطلق عليها حينها أن عمليات التنفيض تشبه الأرهاب واشاعة عدم الاستقرار في المنزل، لم يكن هناك بد من الجري حتي سماع صوت الإذاعة البريطانية لتطلع الأخبار مع فتح التليفزيون لمتابعة البيان المصري المتأخر.
ثمانون عاما مضت منذ الصغر اعرف أنها اذاعة موجهه لكن افهم ما يعينه ذلك حتى سنوات طويلة حينما اتيح لي أن ادرس الإعلام وأفهم التفاصيل واعرف معنى الحرية الإعلامية وكيف تدار الآله الإعلامية بشكل عام.
حينما كنت ازور معرض الكتاب كنت حريصا أن اري المذيعات التي تزور الجناح من بعيد وارى تلك الوجوه التي ادمنت الاستماع إليها ليلا.
بل أنني حتى الآن اردد تلك الكلمات بموهبة تقليد لم أمارسها إلا مع رؤساء الجمهوريات ومذيعي الإذاعة البريطانية ولا يعرفها الكثيرين عني ويتصورها بعيدة عن شخصيتي.
مازلت اعرف مكانها في مؤشر الراديو ومازال لدي ذاك الحنين في متابعتها على الإنترنت بل حتى مشاهدة قناتها العربية هناك رغم الإحتلال البريطاني لمصر ورغم العدوان الثلاثي وحفظي عن ظهر قرب حتى الآن لنشيد دع سمائي ورغم إيماني بأنها إذاعة موجهه لكن كل التحية لكثيرين ولمواقف اتخذها مذيعين عرب عبر الإعتذار عن الاستمرار أو حتى ظهرت في نحيب البعض في الأحداث والمآسي العربية الكبرى ،وكل الشكر لمن ساهموا في تشكيل وعينا ووداعا بي بي سي هيئة الإذاعة البريطانية القسم العربي. ولقد كنت هناك في لندن حينما هبطت طائرتي كترانزيت لأقول لأختي عبر بوابة الطائرة حينما هممت بفتح تليفوني المحمول وصلت للندن وسوف آخذ الميكروباص إلي كندا! أنا في لندن التي سمعت منها لسنوات طويلة .وداعا وتحية خالصة من القلب وعقل يعي لقد كنت جزءا من وعينا.
No comments:
Post a Comment