- ننتظر جميعا ليلة الخميس حتى نلتقى بالاصحاب، جلست انتظر مكالمات يوم الخميس للاتفاق على ميعاد الجلوس فى القهوة كعادتنا لكن الامور لم تكن تسير كما يبدو حيث بدأت الاعتذارات تتوالى على تليفونى تباعا وبدءت اشعر باليأس ان اقضى طوال ليلة الخميس مع المدام التى اطلت من غرفة النوم فجاءة قادمة ويبدو على وجهها اجواء كولومبية –نسبة إلى مفتش كولومبو بطل الحلقات الامريكى الشهير- وتبدو هى مثله فى روب المنزل بدلا من البالطو الذى يرتديه وابتدرتنى بسؤال يا ترى مين دنيا مهاب حسنين الناجى دى؟ يبدو الاسم لى مألوفا لكنى لم اتذكره وحتى لو كنت تذكرته كان على أن اتناسى اى اسم انثوى فى حضرة المدام، فكررت السؤال واعطتنى صورة كانت فى يدها صورتها فى درج مكتبك مين دى؟.
- ورينى كده فى لحظات اخذت الصورة وتتداعت امامى ذكريات كثيرة، واخذت اركز فى الصورة محاولة ايهامها اننى احاول التذكر انا اعرف طبيعة هذه ا لتحقيقات التى كانت تأتى شهريا مع زيارة الهرمونات النسائية ،وهى الآن دائمة بعدما تجاوزت المدام الاربعينات بسنوات ليست بقليلة واصبحت تخشى انها تفقد سحرها لدى او أنها تلعب فى سنوات انوثتها الاخيرة ،واصبحت عمليات البحث والتقصى النسائية تعمل طوال الوقت، لم اجد ما اقوله فقلبت الصورة ووجدت ان تاريخ تصوريها يعود إلى بداية الثمانينات فوجدت هذا مخرجا جيدا حضرتك عايزانى افتكر صورة من 40 سنة؟
- لم ترفع عينها من على الطريقة اللى مقصوص بها الصورة دى طريقتك وبعدين انا لاقتيها فى وسط اوراقك وانا ارتب اشياءك ،حينما تكون ممسوك بجريمة لا تستطيع ان تقول انها عمليات التفتيش الدورية! فى هذه اللحظة رن جرس موبايلى كأنقاذ ردت بسرعة و جدته اخر الاصدقاء يعتذر عن جلسة اليوم لكنى وجهت المكالمة بحيث قلت له طبعا انا لابس ونازل بسرعة
- وتركتها سريعا وذهبت لارتداء ملابسى لكنها كانت تسير وراءى الى غرفة النوم وهى لا ترفع عينها من على ، دخلت داخل الملابس سريعا متحاشيا النظر إليها لكنها وقفت على باب الغرفة فقلت لها ادينى فرصة اسأل الشلة شكلها صورة واحدة من زميلاتى فى الابتدائى وتفتكر ليه صورتها فى جيبك، سعادتك انا بتصور انها ربما لم نتاكد بعد .. سلام هرولت نحو الباب سريعا واغلقته من خلفى متحاشيا النظر إليها.
- جلست فى السيارة اتذكر آثامى الصغيرة التى كنت فى وقتها اتصورها آثام كبرى وتذكرت كيف قبعت تلك الصورة فى مكتبى طوال هذه السنوات وكيف اننى غبى كأى رجل يجب ان يترك آثارا من وراءه فهذه ليست المرة الأولى لدى اشياء كثيرة احتفظ بها كبكيا وكل مرة تقع هذه الاشياء فى يد زوجتى العزيزة !
- دنيا مهاب حسنين الناجى اصغر منى بعام كنت فى الصف السادس الابتدائى وكانت فى الصف الخامس، الفتاة المثالية من وجهة نظرى فى ذلك الوقت بشرة بيضاء شعر اسود فاحم يطير من خلف رأسها مسحة براءة على وجهها تتكلم بصوت عميق يأتيك من الداخل بحيث تشعر انها احد السحرة الذى يتكلمون من البطن اتذكر اننى ركبت انا وهى المرجيحة امام المدرسة وكنا "نعوم" امام بعضنا حتى طلبت منى ان اجلس ووافقتها وهى وقفت "تعوم" ومعنى التعويم اننى نثنى الركبة ونفردها حتى نطلع بالمرجيحة إلى الأعلى وايامها كان الأهلى يلاعب فريق رومانى اسمه دينامو بوخارست مباراة انتهت فى حينها بفوز الأهلى ثلاثة واحد وهكذا اصبح اسم دنيا الحركى دينامو بوخارست بينى وبين اصدقائى
- 40 عاما مضت وكنت صغيرا جدا لكن تلك الذكريات عالقة فى رأسى تماما ذلك الشراب "الكولون" الاسود الذى كانت ترتديه المريلة "تيل نادية" نوع عجيب من القماش كنا نلبسه جميعا والمريلة تطير فى الهواء مع حركة المرجيحة وقلبى يرفرف معها وانا اعيش احلى لحظات طفولية بالطبع لكن الأثم ليس هنا الأثم كيف حصلت على هذه الصورة ، بعدها بسنوات كنت فى زيارة احد اصدقائى الجدد من المدرسة الاعدادية وكان والده يعمل فى الادارة التعليمية وكنت حينما ازوره كنا نجلس فى مكتب والده وفى يوم اخذ صديقى يبحث عن صورة زميلة له فى المدرسة الابتدائية فى ملفات والده الذى لسبب او لأخر كان يحمل معه استمارات التقديم للشهادة الابتدائية وانا وهو نبحث عن صورة زميلته وجدت انا صورة دنيا وحينما هم صديقى باحضار المشروبات لنا اخذت الصورة ووضعتها فى جيبى وبالطبع انا من قصصت حول شعرها حيث اكمل الدلائل امام المدام حيث اننى قصصت صورا لها من قبل بهذه الطريقة.
- لأيام طويلة كنت اشعر بذنب كبير وكنت ارى نفسى فى الحلم ويدى تقطع وكنت اعرف انها سرقة وبعدها تصورت كيف اصبح الامر انتهاك خصوصية وهكذا ظل هذا الأثم الصغير اثم كبير فى طفولتى ويبدو الآن ان الله سوف يكفر عنى بعض من هذا الأثم فى الدنيا فى التحقيق الليلى الذى يتنظرنى.
- اخذت اتجول بالسيارة دون هدى وتصورت ماذا سوف اقول لها حين العودة هل استطيع ان اقول الحقيقة، لاعود مبكرا واستحمل الهرمونات النسائية ولا يجب ان احضر شيئا حتى لا تتصور اننى ادافع عن جريمة، ترى اين دنيا مهاب حسنين الناجى الآن، اتزوجت هل مازالت تحتفظ ببراءتها بعد كل هذه السنوات اسئلة صعبة جدا لكن اجابتها كانت موجودة عند المدام التى كانت تجلس فى غرفة المعيشة عندما عدت وحينما فتحت الباب ابتدرتنى دنيا مهاب حسنين الناجى كانت فى نفس مدرستك الابتدائية ، كانت تفتح البروفايل الخاص بها على الفاسبوك اللعنة على التكنولوجيا .. نعم سوف اجد اجابة الاسئلة التى جاءت فى رأسى لكن تحت سياط التحقيقات الكولومبية الشاقة مع ليلة خميس هرومنية المزاج سعيدة جدا ورغم كل محاولات النفى اننى لا اتذكر فقد اطلعت على كل صور دنيا عبر الفاسبوك مع المدام لترى تأثير ذلك على وجهى وعزائى الوحيد أن الله ربما يغفر لى آثامى الصغيرة بذلك التحقيق الشاق الذى يجعل الأمر آثام كبرى على ليلتى.
Monday, January 31, 2022
آثام صغيرة
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment