Friday, September 2, 2022

رحيل جوبى

  • كان هذا هو الأسم الذى راهنت عليه المرأة الحديدية رئيس وزراء بريطانيا السابقة مارجريت تاتشر حينما طالبت الرئيس ريجان بدعم جوبى ، وكان الرئيس القادم صغيرا جدا على اعمار قادة الاتحاد السوفيتى جمهورية الشر القديمة فى التعبير الأمريكى وكان تحجر القيادات الروسية من قبله وحيث دوما تدور التكهنات على صحة هؤلاء الرؤساء وربما الرئيس السادات كان صاحب نظرة متعمقة حينما تنبأ بسقوط تلك القيادات لأنها مترهلة وإن كان مع نفس تصريحاته هو من ازال من دستور 1971 قبل وفاته بعام فكرة الاستمرار لمدتين رئاسيتين وجعلها اختيارية على نمط الدستور الفرنسى.
  • نعود لجوبى الذى بسنه الصغير 54 بالمقارنة بقادة سابقين ووراثته لأمبراطورية كبرى لكنه كان يستشعر أن هذا الديناصور الكبير ينخر به السوس فى كل مكان وبدأت اشياء كثيرة تعلن عن السابق وبدأت سياسات مثل إعادة البناء والمصارحة "البروسترويكا" و"الجلاسنوست" تعرف طريقها للعلن ..ولكنها لم تستطيع أن تحرك الديناصور بل ساهمت فى سقوطه.
  • ورغم اعلانه تلك السياسات مبكرا لكن جاءت كارثة تشيرنوبل لترى عوارات النظام للعالم ولم تكن هناك مصارحة إلا بعد ان وصلت موجات الاشعاع إلى دول اوربية كثيرة وتأثر بها العالم اجمع عبر المنتجات الزراعية  والحيوانية ... وكان سببا رئيسيا فى تخوف الرئيس مبارك حينها وتوقف الحلم النووى المصرى فى الضبعة ...إلى اجل غير مسمى نحاول الدخول فى العالم النووى الآن حينما تخرج منه دول مثل المانيا !
  • ورغم كلام مارجريت تاتشر عن دعم جوبى ورغم محاولة اضفاء المزيد من البرودة على الحرب الباردة بعقد عدة قمم بين سيدى الأرض ريجان من ناحية وجورباتشيف من ناحية اخرى وتخفيض فى الاسلحة النووية وبعض التخفيضات فى الاسلحة التكتيكية لكن جاءت عسكرة الفضاء ومشروع حرب النجوم الامريكى هى القشة التى سحبت كل احلام الاتحاد السوفيتى هذا بالإضافة بالطبع إلى المزيد من غرق الاتحاد السوفيتى فى جبال افغانستان وبدعم أمريكى غير عادى لما سمى بالمجاهدين الأفغان وبالإضافة الى تطعيمهم بأمراءإرهاب عرب رأت دولنا العربية أن التخلص من صداعهم لكن السحر عاد إلينا عبر أمراء كثير ليس آخرهم أمير العيون الذى تحدثت عنه فى تدوينة سابقة.
  •  واصبح الاتحاد السوفيتى لا يستطيع أن يجارى أمريكا فى الصرف العسكرى فى هذا المجال فى حين هو يحاول أن يصل بمواطنوه ومواطنوا دول حلف وارسو إلى الكفاية ولم يستطع طوال اعوام ان يصنع جنة العمال فى حين كان العمال فى الدول الرأسمالية اكثر سعادة واكثر قوة وحتى لقب المرأة الحديدية حصلت عليه تاتشر من مواجهة نقابات عمال الصلب فى إضرابات لم يستطع عمال الاتحاد السوفيتى أن يفعلوا مثلها.
  •  وفى الماضى حينما كان هناك ربيع فى براج كانت الدبابات الروسية دوما قادرة على الحل وفى المجر ايضا ...لكن مع سياسات المصارحة بدأت اوراق التوت تسقط عن الستار الحديدى ومع عام 1989 بدأ عقد حلف وارسو ينفض دولة بعد أخرى رومانيا ثم اقتحام سور برلين .. سور الحرب الباردة الذى ربما لا يعرف الكثيرين عن وجوده الآن وكانت مشاهد الثوارت فى كل تلك الدول تنتظر مشهد النهاية بالدبابات الروسية لكن الاتحاد السوفيتى ظل ينسحب من الخارج ويوقف فكرة الدعم لتلك الأنظمة حتى انفضت دول حلف وارسوا وبدا ان جمهورية الشر ايضا يجب أن تتأكل وبدأت الجمهوريات السوفيتية فى السعى للإنفصال بدءا من جمهوريات البلطيق الثلاث مرورا بكل دول ما سمى بالاتحاد السوفيتى ... وراحت جمهورية الشر إلى غير رجعة وكان التصور أن يحترم  حلف الناتو تعهداته  أو يتأكل كما تأكل حلف وارسوا لأن وجوده غير ذا معنى لكن صناعة السلاح وعجلة دورانها التى لا ترغب فى التوقف تمددت شرقا لتحيط روسيا وبدا أن حلف الناتو روسيا هى عدوته الوحيدة الآن لذلك جاءت حافة الهاوية التى يقف عندها العالم فى إوكرانيا الآن عبر محاولة القيصر القادم من كى جى بى (جهاز المخابرات الاتحاد السوفيتى السابق) لاحياء الاتحاد السوفيتى عقب لم عقد الجمهوريات السابقة او عبر التدخل كما حدث فى جورجيا ويحدث الآن فى إوكرانيا...
  • رحل جوبى عن العالم وهو يظن أنه يصنع الخير لبلده وفى كل الأحوال يعتبره كل احباء جمهورية الشر القديمة طابور خامس ضد احلام الاشتراكية العظيمة تآكل الاتحاد السوفيتى رغم أن قوته العسكرية كانت اضعاف قوات حلف الناتو مجتمعة حيث أن مصانع السلاح الروسى كانت تنتج بلا توقف ...
  • رحم الله والدى حيث كان يلقبه بالرجل صاحب خريطة الاتحاد السوفيتى فوق رأسه !
  • يحلم البعض بعودة تلك الحرب الباردة حتى تستطيع بعض الدول النامية اللعب بين المعسكرين او لأن ما ظنه البعض نهاية التاريخ اصبح عبث التاريخ عبر مهزلة بداية قرن وصف انه أمريكى حينما جاء يمنيوا الولايات المتحدة بأحلام صراع الحضارات بديلا عن صراع الايدلوجيات وعلى فكرة أن يهلك الظالمون ونخرج من بينهم آمنون.
  • هل نتعلم من فكرة الديناصورات أم مازلنا نحلم بالعودة لعصور الستينات والأوبرا التى على الترعة قد تتصورون أننى بعيد عن الواقع المصرى حينما اتحدث عن المستشارة الألمانية او حتى عن رحيل البومة البريطانية او حتى عن رحيل ميخائيل جورباتشيف لكننى فى الواقع غارق فى المحلية ومازال لدى أحلام لذلك الوطن كأى مواطن صالح!


No comments: