أحرص على حضور ندوات بيت المعمار المصري من آن لآخر واخر تلك الندوات كانت ارواح المدينة في احتفالية اتمام العام لست معماريا لكننى انجذب إلى هذا العالم ربما الندوة الأولى التى حضرتها كانت عن حسن فتحي وذلك بعد أن قرأت كتابه عمارة الفقراء ولدى اهتمام قرائي كبير بالعمارة قلت عنه سابقا ، واتذكر أن أول كتاب قرأته بعد محنة وفاة والدتي رحمها الله كان كتاب يحمل تحليلا لكل المشاريع الفائزة بجائزة اغاخان للعمارة الأسلامية وكنت أقرأ تحليل مشروع واحد كل يوم حتى اجهزت على الكتاب وجعلته هدية لأحد اقاربنا الذي يدرس العمارة واستعارت منه في المقابل كتاب معجم "الباوهاوس" المدرسة المعمارية الشهيرة بل أنني اضعه ضمن برامجي للقراءة وذلك سوف ينقلني بالطبع إلى مدارس معمارية اخرى كما سلمني حسن فتحي لزها حديد أو نعيم شيبوب في رحلة بحث عن طيور عنقاء سواء مصرية مثل سيد كريم أو حتى عثمانلي أو حتى أرمني بما أن الهوية الإنسانية الكبرى تجمع الجميع "سنان"!
لكن اليوم حضرت ندوة قاهرة شاهين وحينما عرفت أن من سيحاضر في الندوة معماريا فتصورت أنني سوف احظى بوجبة دسمة عن علم اقدر له كثيرا لكن الندوة كانت قريبة من فكرة ارواح المدينة استدعاء التفاصيل العمرانية داخل افلام شاهين أو حتى قل استدعاء ارواح شخصيات شاهين شديدة المصرية ، ربما عبر قراءتي لجعرافي مصر جمال حمدان تكونت شخصيتي الشوفينية لذلك فأنا اعرف اغلب افلام شاهين وتلك الأفلام التي دوما اثارت الجدل ويتصور البعض أن شاهين دوما داخل في محنة ذاتيه منذ فيلم حدوتة مصرية تحديدا لكن رؤية الدكتور حمدي السطوحي كانت رؤية مختلفة كانت قراءة لشاهين بعيونه المعمارية أو محاولة لفهم رسالته من خلال تصوره.
ورغم انني كنت ذاهب إلي وجبة معمارية لم اجدها كما تصورت لكني وجدتني اتجاذب مع المحاضرة بشكل غير عادي حتى انني انفلت مني تعبير خلال الندوة تعقيبا ذهبت للدكتور بعدها للإعتذار ولكنه تقبل ذلك التفاعل بكل تفهم واستمر تفاعلي مع اكثر من مرحلة خلال الندوة.
للأسف ربما اهتمام الشخص بالشأن العام جعله يعرف تفاصيل كثير من الندوة أفلام شاهين إشاراته حتى مشاريع تطوير القاهرة منذ الستينات واستكمالا لترك تخطيطها للفرنسييين عبر فكرة التجمعات العشر المحيطة والتي تحولت بقدرة قادر من اسكان متوسط إلى إسكان فاخر ربما البعض الآن يفاخر به بأن حجم الموجود في تجمعات شرق القاهرة الفاخرة اصبح يتجاوز قيمته السوقية الكثير من التجمعات الخليجية المشابهة مثل دبي مثلا !
التساؤل الصعب كيف صنعت تلك المدينة الكبيرة التي ابتكرت لها عنوان لهذه التدوينة ، ربما لأنني متأثر بالشوفيني جمال حمدان وكلمته عن القاهرة في سفره الخاص بالقاهرة الذي صنعه لكي يهاجم فكرة نقل الوزارات إلى مدينة السادات والتي تحدثت عنها سابقة في تدوينة الرأس الكاسح لجسد الوطن الكسيح والتي كانت عبارة جمال حمدان نفسه وهو يتحدث عن القاهرة وكيف تم صناعة العشوائية بها وكيف أن العاصمة ظلت تنمو في اتجاه الشرق بدءا من الفسطاط مرورا بالقطائع والتي للدهشة وجدت الدكتور حمدي يتبعها كأنه يقرأ ما أفكر فيه وحتى حينما دعوا لوجود حوار حتى خارج القاعة تصورت أنني لو جلست مع هذا الرجل لن اقوم حتى تعليقى للدكتور هبه صفي الدين بعد الندوة على كلمات خيري شلبي التي اختارتها اقتباسا من فيلم كابوريا وقلت لها أن خيري شلبي له رواية اسمها نسف الادمغة للأسف كأنها تعيد التاريخ نفسه حينما تحدث عن هدم المقابر الآثرية في حينها لفتح طريق الاتوستراد والتي تلكلمت عنها ايضا في تدوينة مقابر تاريخية او حتى في تدوينة كنز الضريح قالت لي أنها لم تقرأ الرواية لكن قرأت الاقتباس المنتشر على الانترنت والتى للصدفة قمت بنشره منذ يومين عن كتاب بطن البقرة لخيرى شلبي ايضا وقالت لي أنها متألمة من تلك الاقتباسه.
شعرت مع تلك الندوة أن الدكتور حمدي السطوحي يحفر في رأسي تلك الشوارع من جديد يقول أن هناك اشخاص يتشابهون معك لأنهم يتكلمون نفس لغتك هربت من حالة الجدل بعد الندوة لأنني كنت استطيع أن لا ابرح مكاني حتى الصباح واجادل الرجل أو قل اتحاور حول ما طرحه في الندوة من اكثر من سبب سواء أزمة الهوية أو تآكلها او حتى أزمة المعنى أو ازمة انتماء اكتشفت اخيرا من أين جئت بعنوان تدوينة العمارة والعمران كانت صفحة في الأهرام كنت لا اعرف كيف جئت بهذه العمق في تلك التدوينة لكن كأن الرجل يقول لا تقلق أن أقرأ ما في ذهنك وأقوله لك.
رأس الوطن الكاسح لجسد الوطن الذي يبدو كسيحا بجوارها يأكل الأخضر واليابس من استثمارات الدولة مازالت ارقام المحاور المرورية التي تشق تأكل الكثير وخطوط المترو التي تتكسب منها الشركات الاجنبية في أغلب الأحيان او حتى تعيد لتديرها كما في الخط الأخضر افضل مثال حتى تغيير تشكيلات الخطوط وفقا لرغبتها لزيادة حصتها .. فكرة المستبد العادل او الدكتاتور القادر على صناعة الإنجاز هي التي أوصلتنا إلى عاصمة للسيد الرئيس تدوينة أخرى.
في النهاية كلماتي ليست سوى تدوينة أخرى ليس الإ الحمد لله هناك متخصصون ارأهم يقرءون ما يقرأه المواطن الطبيعي لديهم أحلام مثل حلم بطلي في قصتى البحث عن حلم !
والحلم مشترك معي ويشترك فيه الكثير ربما تلك الاحلام تحلق في يوما ما وتصبح حقيقة أو حتى نبني ادراك تحدث عنه دكتور سطوحي أو كما ناقشته تراكم معرفي مستمر لا نهدم السابق لنبدأ من جديد كل مرة منذ أن تعودنا من أيام حتشسبوت وتحتمس في مسح المسلات ونسبها للحاكم التالي أو ميدان رمسيس الذي اصبح بقدرة قادر محطة حسنى مبارك ثم يتحول إلى محطة الشهداء المصريون أكثر عقلا حينما اطلقه عليه باب الحديد كباب جديد يفتح على القاهرة عاصمتهم التي لا تنام.
لم احبب كلمة نكسة ربما اطلقت عليها كما اطلق عليها عراب الناصرية عناصر مآساة اغريقية اشعر بأن الكلمة نحتت من اجل تخفيف ما صنعناه في انفسنا بمساعدة بسيطة من الأعداء!
لو استمريت أن أكتب فلن أتوقف تبدو تلك الندوة كالعادة تجعلك حزينا بائسا لأنك تشارك هموم مع آخرين لديهم احلام شبيهة للوطن أو أنها تفتح تلك المؤشرات الكثر في رأسك على كل هذا الكم من المعلومات أو تقرأ التاريخ أو تحاول بعث الهوية أو على أقل تقدير تجلعنا ندرك فربما ذلك يجعلنا ننجو ، لا أعرف كيف تسنى للرجل قراءتى فحتى الزقزوقة احد اشهر تدوينتى لم ينسى الكلام عنها!
لعلها كانت افضل تعبير عن مدينة القاهرة التي يصل عمرها الآن إلي 1504 عاما شكرا لبيت المعمار المصري شكرا للدكتور حمدي السطوحي جزيل الشكر للدكتور هبه ووالدها وجزيل الشكر لكل من شارك في تلك الليلة للوعي كانت تضفيرا بحق للعمارة مع الوعي العام تحمل رسائل كبرى كما قال احد الحضور دون المساس بأحد وجزيل الشكر لشجاعة المواجهة التي يملكها الدكتور المسئول عن تصميم محور الفردوس الذي أرجو أن يكون لديه الوقت لقراءة تدوينة مقابر تاريخية لكي يرى بعيوننا مع يعجز أن يراه لأني لم استطع التداخل معه بعد الندوة دعما لفكرة عدم الدخول في جدال بعيد عن فكرة الندوة الأساسية عن قاهرة شاهين في ذكراه الخامسة عشر ، اخشى أن نكون أسرى عالمه او نرى العالم بعيونه كما قال في فيلمه ، كنت اتمنى ان تختم الندوة كما قلت للدكتور حمدي بأغنية حدوتة مصرية لكنه شرح لي فكرته عن شمس الأحلام الذي يجب أن نراها أمامنا لعلها تأتي مع اجيال لديها أيمان بعدالة قضية الوطن دعونا نحلم أن نكسب القضية!